في الحكومة، لكن اياما بعد صعدت المنظمة من سقف مطالبها لتطالب بتغير الحكومة برمتها والاستغناء عن الشاهد الذي باتت تعتبره اخترق 4 خطوط حمراء بهدف تعزيز حظوظه في انتخابات 2019، لتعتبره «خطرا» على تونس، وتعمل على إسقاطه سواء بالضغط على الأحزاب او على الرئيس للحسم في الملف خلال الأيام القادمة.
منذ بداية الازمة بين الحكومة واتحاد الشغل كان السؤال المطروح ما الذي غير موقف الاتحاد لينتقل بـ180 درجة، من دعم لحكومة الشاهد وحمايتها من الاحزاب الى الهجوم عليها، الرد كان عند سامي الطاهري الامين العام المساعد لاتحاد الشغل، الذي قال ان الشاهد تجاوز اربعة من الخطوط الحمر.
الاستقواء بالأجنبي
تجاوز دفع الاتحاد لتغيير معادلته تجاه الحكومة، اولها من حيث الاهمية وليس التوقيت، كان الاستقواء بالخارج، حيث اوضح الطاهري ان الشاهد لجأ الى الدول الكبرى لحماية موقعه كرئيس للحكومة، وعبر عن هذا بشكل صريح في لقائه بسفراء الدول السبع الكبرى اثر احتدام الازمة مع الاتحاد منذ شهرين.
الاستقواء لا يقف عند هذا الحد بل يشمل تصريحات السفير الفرنسي في تونس وتحركاته التي اعتبرها الاتحاد مستفزة وما فاقم من استفزازها عدم تدخل الحكومة لوقفها رغم انها سبق واصدرت منذ سنة مرسوما تعلم فيه السفراء المعتمدين في تونس ان تحركاتهم داخل البلاد يجب ان تتم بالتنسيق مع وزارة الخارجية.تحركات السفير الفرنسي ليست هي فقط التي أزعجت الاتحاد انما ما حملته من دلائل تفيد بان فرنسا لا تزال لاعبا أساسيا في تونس، وانها تعلن ذلك بشكل فجّ.
هذا الخط الاحمر الذي يعتبر الاتحاد ان الشاهد تجاوزه من قبل في علاقة بصندوق النقد الدولي وكيفية ادارة المفاوضات معه او الاستنجاد به لحسم بعض الخلافات، ليعلن الطاهري ان الخط الاحمر الثاني من حيث الاهمية، هو محاولات الشاهد وحكومته ضرب الاتحاد.
استهداف الاتحاد
خط يرى الاتحاد ان الحكومة تجاوزته في فترة دعم الاتحاد لها، وانها أطنبت في التجاوز مرارا وتكرار عبر ضرب الاتحاد والقطاعات المنضوية تحته، ويذكر من ذلك ما حدث في قطاع التعليم الثانوي، ليشير الطاهري ان الحكومة استغلت بعض التحركات لضرب الاتحاد والمركزية على صعيدين، شيطنة الاتحاد لدى الشارع التونسي وضرب مصداقيته لدى القطاعات.
حيث تنصلت الحكومة كما اشار الطاهري من عدة اتفاقات من اهمها اتفاقات نوفمبر 2017، التي تنكرت لها الحكومة وجعلت الاتحاد مهددا بفقد مصداقيته امام قواعده، ويعتبر الطاهري ان الضرب استمر على اكثر من صعيد وتفاقم مع طلب الاتحاد بتحوير وزاري.
طلب شدد الطاهري ان الاستجابة له كانت لتضع حدا للازمة، لكن الحكومة والاطراف السياسية رفضوا ذلك، بل انتقلت الحكومة لمرحلة اخرى في استهداف الاتحاد في اطار الحوار الاجتماعي، على غرار ما قامت به مع نقابة «اجابة» حيث أمضت الحكومة اتفاقا معها رغم ضعف تمثيليتها النقابية نسبيا، او تمرير اصلاحات غير متفق عليها، على غرار الصناديق الاجتماعية والتقاعد والمؤسسات العمومية
ضرب الحكومة للاتحاد يعتبره النقابيون استجابة لمطالب لوبيات داخلية واساسا لمطلب الصندوق النقد الدولي، الذي يشير الاتحاد الى ان الاخير يعتبره عقبة امام تحقيق الاصلاحات المتفق عليها مع الشاهد، هذا الخط الثاني ولد غضب الاتحاد، وتصاعد مع تطوره، ليصل الى مرحلة المطالبة برحيل الشاهد الذي يتهمه الاتحاد بالتلاعب بالأمن الوطني، وتهديد الاستقرار في البلاد.
الترويج للانقلاب
الخط الثالث كان معالجة الشاهد للملف الامني، فالاتحاد وان اعتبر ان اقالة وزير الداخلية السابق لطفي براهم والترويج لوجود مخطط انقلابي هي الحدّ الاقصى الذي بلغته الحكومة في انتهاك هذا الخط، فانها وخلال الاسابيع الفارطة انتهكته بطرق اقل حدة، في علاقة بالتعيينات والضغوط المسلطة على الوزارة في اطار محاولة ارضاء طرف سياسي.
التلميح يخص النهضة، وهنا تكشف كواليس الاتحاد وما يدور صلبها ان المنظمة الشغلية تعتبر ان الإقالة هي ارضاء للنهضة التي لجأ الشاهد اليها ليحتمي من خطر الاقالة. وقبل بالصمت وعدم الرد على اشاعة وجود محاولة انقلاب لارضائها ايضا.
اذ يعتبر الاتحاد ان الحكومة ورئيسها مورطون في الترويج لهذه الاشاعة او عدم الرد عليها، لتحقيق مكاسب سياسية مقابل تهديد الاستقرار في البلاد، وارباك المؤسسة العسكرية وبعث رسالة سلبية للخارج مفادها أن الأوضاع غير مستقرة، وهذا سينتج عنه تضرر للقطاع السياحي وهروب المستثمرين.
المغامرة الفردية
الخط الرابع وهو ليس الأخير، يشمل الكثير من العناصر، فهو مركب ومتشعب، ينطلق من الطموح السياسي للشاهد الذي نما على حساب المصلحة الوطنية ودفعه للسقوط في أخطاء عديدة مقابل تحقيق هذه الغاية.
فالشاهد وفق نظر الاتحاد فشل في ان يدير ملف الحكم بل وجعل من أجهزة الدولة ومؤسساتها أدوات لبناء مستقبله السياسي، كما جعل مستقبلها مرتهنا للمؤسسات المالية الدولية لتعبئة موارد مالية. مع تسويق لنجاحات وهمية، كما ان الاتحاد بات مقتنعا ان الشاهد يدير الملفات بمقاربة «خوذ وهات» وهو ما يعتبرها نوعا من الرشوة على غرار بعض القرارات الاخيرة للحكومة رآها الاتحاد محاولة لرشوة الشعب من اجل الانتخابات القادمة..
البحث عن مخارج
هذا التجاوز للخطوط الحمر ليس وليد أمس بل هو تراكم بلغ في الأسابيع الأخيرة مرحلة لم يعد يمكن للاتحاد الصمت عليها، كما تشير التصريحات من بطحاء محمد علي، كما أنّ أخطاء الشاهد لم تكن هذه الأخطاء الجسمية فقط بل هي متعددة، تضاف إلى الوضع العام المتردي الذي تعيشه البلاد.
مزيج جعل اتحاد الشغل شديد الحرص على أن لا تستمر حكومة الشاهد لأيام أخرى، فكانت تحركاته في هذا الاتجاه، ورغم تعثر بعضها لا يزال الاتحاد متمسكا بالمطلب مدافعا عنه، لهذا فهو انتقل إلى مرحلة الضغط على الاحزاب واساسا حركة النهضة التي يريد دفعها لسحب الدعم عن الشاهد رغم ادراكه ان الحركة تستعمل هذه الورقة لـ«ضرب» الاتحاد.
فقادة المنظمة النقابية يعتبرون النهضة لم تتخل عن هدف احتواء الاتحاد او الحد من دوره وتاثيره، وان فشلت في محاولاتها السابقة، سواء الاعتداء المباشر على المقرات والنقابيين، وفشلت لاحقا في التغلغل في الاتحاد والسيطرة عليه، فانها تسعى عبر تحريك أنصارها الناشطين في الاتحاد على رفع سقف المطلبية لاحراج الاتحاد وتسليط ضغوط مضاعفة عليه.
الحلّ عند الرئيس
والتوجه الرابع اضعاف الاتحاد، فالنهضة تريد لملف الشاهد ان ينتهى كما انتهى اليه ملف التعليم الثانوي، تنازل من الاتحاد يضعفه داخليا وضرب مصداقيته لدى القواعد والشارع التونسي، لهذا فهي جعلت الخيار الاساسي التوجه الى الرئاسة والضغط عليها اكثر.
فاتحاد الشغل يعتبر ان صمت الرئاسة لا يجب ان يستمر، وان اعتذر كل القادة عن التصريح المباشر، فان التلميحات والتحركات تفيد بان منظمة الشغالين تبحث عن اخراج الرئيس من دور الحياد ودفعه للتحرك لانقاذ الموقف، خاصة وانها تعلم ان الرئاسة باتت مدركة لاستحالة قدرة الشاهد على الاستمرار في ادارة البلاد في ظل صراع محتدم مع الاتحاد.
غياب القدرة بات واقعا يشير اليه الاتحاد الذي يشدد على انه لم يصعد المواقف اكثر بعد، في اشارة الى الشارع، الذي يحذر الاتحاد من انه في مرحلة الغليان والغضب وان اي انفجار للتحركات فيه ستنتهي بحراك اجتماعي منفلت غاضب قد يحرق الاخضر واليابس.
خطر يشدد الاتحاد على انه يبحث عن تلافيه لانقاذ البلاد، في ظل ازمة سببها ضعف الاحزاب وانعدام التوازن السياسي الذي يهدد كامل المسار، مسار يريد الاتحاد ان لا يؤول لفشل بعد هذه السنوات، لذلك فقط قبل بوضع يده في يد من يعلم انهم يعادونه لتحقيق الغاية.