المقدمة من قبل الأعضاء الثمانية الذين صوتوا باعتماد الفصل 15 من القانون الأساسي المحدث لهيئة الانتخابات، المتعلق بإعفاء رئيس الهيئة من مهامه. وفي انتظار رد البرلمان، فقد غاب محمد التليلي المنصري عن الاجتماع الأخير لمجلس الهيئة، الذي واصل مهامه دون رئيس.
تتواصل أزمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بعد قرار مجلسها أول الأسبوع الحالي إعفاء رئيس الهيئة محمد التليلي المنصري من منصبه، من خلال تطبيق الفصل 15 من القانون الأساسي المحدث للهيئة الذي يخول لأعضائها التصويت على إعفاء الرئيس في حالة ارتكابه لخطإ جسيم، ومطالبة مجلس نواب الشعب بالتصويت على ذلك.
الازمة داخل مجلس هيئة الانتخابات، لم تتوقف عند هذا الحد، بل تطورت حتى بات رئيس الهيئة محمد التليلي المنصري غائبا تماما عن اجتماعات المجلس. وفي هذا الإطار، عقد مجلس الهيئة يوم أمس اجتماعا من أجل النظر في عدد من القرارات المتعلقة بتسيير الإدارة ومنح الموظفين بخصوص الانتخابات البلدية، إلا أن المنصري اعتذر عن الحضور من خلال إرسال بريد الكتروني إلى أعضاء الهيئة. وبالرغم من ذلك واصل مجلس الهيئة أشغاله بصفة طبيعية مع المدير التنفيذي للهيئة، دون حضور الرئيس، وهو ما يطرح عديد التساؤلات حول منصب الرئيس بالرغم من أن مجلس نواب الشعب لم يقل كلمته إلى حد الآن.
المنصري ينتظر ردّ البرلمان
من جهة أخرى، فإن رئيس هيئة الانتخابات يبدو أنه اختار ان يبتعد عن زملائه الذين صوتوا ضده، وانتظار استدعائه من قبل رئاسة البرلمان، أو الاستماع إليه من قبل لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية و القوانين الانتخابية التي تنظر حاليا في تقرير اللجنة بخصوص تقرير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول الانتخابات التشريعية الجزئية بألمانيا لسنة 2017، وذلك بعد تقديم الهيئة أول أمس تقريرا مفصلا إلى البرلمان يتعلق بطلب الإعفاء. التقرير الذي تم إعداده من قبل أعضاء الهيئة، حمل الأسباب الأساسية وراء تطبيق الفصل 15 ضد المنصري، وذكر كافة الأخطاء الجسيمة المرتكبة من قبله، خاصة القرارات التي رفض المصادقة عليها، على غرار عدم تنفيذه القرارات المصادق عليها من قبل المجلس، إلى جانب عدم نشر نتائج الانتخابات البلدية في الدوائر الانتخابية التي لم يتم الطعن فيها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
مجلس نواب الشعب لم يحدد إلى الآن مصير رئيس الهيئة المعفى سواء من خلال تحديد جلسة عامة في الغرض تخصص للمصادقة على الإعفاء من عدمه أو الاستماع إليه صلب اللجنة القارة، أو استدعائه من قبل رئيس المجلس محمد الناصر من أجل التباحث في المسألة. لكن يبدو أن نية الكتل البرلمانية، تتجه نحو عدم سماع المنصري، من أجل عدم تكرار نفس السيناريو السابق حين قدم الرئيس السابق شفيق صرصار استقالته وتم الاستماع إليه حينها، دون أن يقدم المبررات مما جعل الجميع في البرلمان يؤولون أسباب الإقالة حسب ما تراه كل كتلة مناسب.
كتل ترفض ما يحصل في الهيئة
بعض الكتل البرلمانية، التي لم تكن قابلة لما آلت إليه الأمور منذ إجراء عملية تجديد ثلث أعضاء الهيئة، وانتخاب رئيس لها، من بينها الكتلة الحرة لمشروع تونس، حيث طالب بعض النواب ومن بينهم حسونة الناصفي تقديم كافة الأعضاء لاستقالتهم دون استثناء لضمان عدم تأزم الوضع بها في صورة رفض مجلس نواب الشعب طلب الإعفاء. كما تجددت دعوات تنقيح القانون الأساسي المحدث لهيئة الانتخابات خصوصا في ما يتعلق بالاغلبية المطلوبة للتصويت على الأعضاء وما تخلفه المسألة من حسابات سياسية وتشنجات وخلافات بين الكتل في الجلسات العامة الانتخابية، وذلك من خلال الاستئناس بالمبادرة التشريعية المقدمة من قبل الحكومة، من أجل انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية. كما أكد النائب صلاح البرقاوي على أن الهيئات المستقلة دخلت في صراعات داخلية لا تخدم البلاد ،مشيرا إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحولت إلى هيئة رؤساء، وهو ما تأكد من خلال طريقة ترشح اغلب اعضائها لرئاستها، الأمر الذي يُفسر طبيعة الصراع القائم داخلها.
الاحتمالات والفرضيات
مصير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، سيبقى مجهولا بالتزامن مع استعدادات البرلمان من أجل تجديد ثلث أعضاء الهيئة بعد إجراء القرعة التي أسفرت عن خروج ثلاثة اختصاصات وهي (المالية العمومية/ قاضي إداري/ الإعلامية). كما يمكن أن تتعمق الأزمة في حالة عدم موافقة البرلمان على طلب الإعفاء، وهو السيناريو الأقرب باعتبار أن المجلس لا يسعى إلى الدخول في مأزق وتحمل المسؤولية، خصوصا في ظل التحديات التي يواجهها حاليا في المصادقة على جملة من مشاريع القوانين المستعجلة من قبل الحكومة تستوجب المصادقة عليها قبل نهاية السنة النيابية الحالية، على غرار استكمال انتخاب أعضاء الهيئات الدستورية والتي تتطلب بدورها جهودا توافقية كالمحكمة الدستورية وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.