الباروميتر السياسي لشهر جوان 2018: تراجع نسبة التشاؤم عند التونسيين بـ 7 نقاط: 74٫9 ٪ البلاد تسير في الطريق الخطأ 47 % مع الابقاء على رئيس الحكومة و 42٫5 % مع تغييره

نعود إلى الباروميتر السياسي الشهري بأسئلته حول الثقة في الشخصيات السياسية

وفي أدائها وهي أسئلة كانت ممنوعة على امتداد الأشهر الثلاثة الماضية بحكم كوننا في مرحلة انتخابية ..

واللافت في هذه الدفعة الجديدة في نتائج الباروميتر السياسي هو تراجع نسبة التشاؤم العامة بسبع نقاط رغم بقائها في مستوى مرتفع للغاية (%74.9) والارتفاع بحوالي سبع نقاط في نسبة الرضا على رئيس الجمهورية.
أما في مؤشر الثقة الكبرى في الشخصيات السياسية فقد عادت سامية عبو الى الصدارة متقدمة بخمس نقاط على يوسف الشاهد كما افتك ناجي جلول صدارة الترتيب ليوسف الشاهد بالنسبة للقاعدة الندائية وهذا يحصل لأول مرة منذ حوالي السنة ..

تراجعت نسبة التشاؤم العامة بأكثر من سبع نقاط لتستقر هذا الشهر في حدود %74.9 وهي ادنى نسبة نسجلها منذ سبتمبر الماضي. واللافت هنا هو التراجع بعشر نقاط كاملة في هذه النسبة عند القاعدة النهضوية ولعل مرد ذلك إلى النتائج الهامة التي حققتها الحركة الإسلامية في الانتخابات البلدية الفارطة ،نتائج أنعشت معنويات الأنصار ورفّعت بالتالي في معدل التفاؤل العام ...

ولكن تراجع التشاؤم كان عاما في جميع الفئات والشرائح والأوساط بما يفيد ارتباطه بمعطيات تتجاوز السياسي كاستقبال شهر رمضان وعودة الدروس في التعليم الثانوي بعد أزمة خانقة كادت تعصف بالسنة الدراسية بأكملها ..

في سوسيولوجيا التشاؤم
لقد تعود القارئ الكريم على تفصيلنا لنسب التشاؤم وفق الجهة والجندر والسن والمستوى المعرفي والاجتماعي .. صحيح أن جلّ التونسيين متشائمون ولكن بنسب مختلفة للغاية ممّا يؤثر على انتظارات خصوصية على صناع القرار الانتباه إليها جيدا ..
يبدو شمال البلاد بشرقه (زغوان وبنزرت ونابل) وغربه (باجة وجندوبة والكاف وسليانة) هو الأقل تشاؤما بما يعادل الثلثين (%66.7 في الشمال الشرقي و%67 في الشمال الغربي) ويتبعهما في ذلك الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين ) بـ%60..أما الجهات الأكثر تشاؤما فنجدها في الجنوب الغربي قفصة وتوزر وقبلي ) بـ%83.6 تليها ولايات الساحل (سوسة والمنستير والمهدية ) بـ%82.5
العامل الاجتماعي ليس مؤثرا ، هذه المرة ، في معدلات التشاؤم إذ لا تتجاوز الفروق الكبرى النقاط الأربع وحتى البعد الجندري يبقى محدود الأثر رغم أن النساء هن دوما في تونس أكثر قلقا على المستقبل ..
العنصر الجديد في هذا الشهر هو التراجع النسبي الهام للتشاؤم عند الشباب مقابل تواصل «التفاؤل النسبي» عند الكهول ..
كما أننا لم نلاحظ فوارق جوهرية في نسب التشاؤم في علاقة بالمستوى المعرفي سوى التأكيد مرة أخرى بأن أصحاب مستوى التعليم الجامعي هم دوما أكثر تشاؤما من غيرهم نظرا لارتفاع سقف الانتظارات عندهم.


الرضا عن أداء رأسي السلطة التنفيذية
شهد الرضا الإجمالي عن أداء رئيس الحكومة تراجعا هاما في الأشهر الأخيرة قارب 13 نقطة (من %81.7 في ديسمبر 2017 إلى %69.1 في أفريل 2018) وشهد رئيس الجمهورية نفس التدحرج ولكن وبنسبة اضعف إذ نزل من %50.3 في ديسمبر 2017 إلى %45.1 في أفريل الماضي ولكن رئيس الجمهورية استعاد ما خسره في شهر واحد وحقق في ماي 2018 %51.8 وهي أعلى نسبة منذ 12 شهرا بينما تحسّن منسوب الرضا عن صاحب القصبة بنسبة طفيفة ليستقر في هذا الشهر في حدود %71.6.

%47 مع الابقاء على رئيس الحكومة و42٫5 % مع تغييره
لقد كان هذا الباروميتر فرصة لكي نسأل التونسيين حول موقفهم مما دار في اجتماعات وثيقة قرطاج 2 ومسألة تغيير الحكومة أو رئيسها من عدمه وقدمت للعينة أربعة مقترحات :
تغيير الحكومة وتغيير رئيسها
الإبقاء على الحكومة ورئيسها
تغيير الحكومة مع الإبقاء على رئيسها
الإبقاء على الحكومة مع تغيير رئيسها

ولقد حاز الاحتمال الأول على أكثر من ثلث المستجوبين (%36.8) وعندما نضيف إليه نسبة الاحتمال الثالث نجد أن %42.5 هم مع تغيير رئيس الحكومة مقابل %47 يريدون الإبقاء على رئيس الحكومة ..
والطريف أن القاعدة الانتخابية الندائية (أي أولائك الذين يعلنون أنهم صوتوا للنداء في تشريعية 2014) هي الأكثر تمسكا بيوسف الشاهد بنسبة %62.5 مقابل %55.3 للقاعدة النهضوية أما أولئك الذين امسكوا عن التصويت في انتخابات 2014 فهم الأقل تمسكا بصاحب القصبة (%37.9)
الشباب هم الأكثر مطالبة برحيل رئيس الحكومة (%56.4) في حين تنخفض هذه النسبة إلى أدناها عند الذين تجاوزوا الستين (%21.1) وهذا يبرهن على أن رئيس الحكومة الحالي ورغم صغر سنه فهو في قطيعة كبيرة مع الشباب الذين لا يرون في بقائه مصلحة ما بينما كلما تقدم المرء في السن كان أكثر تمسكا ببقاء رئيس الحكومة وقد يكون ذلك عملا بالمثل الشعبي (شد مشومك لا يجيك ما أشوم)

والخلاصة السياسية من كل هذا بان يوسف الشاهد قد فقد مساندة جزء هام من الرأي العام وأن مسألة بقائه أو رحيله تكاد تكون سيان عند جلّ التونسيين ..

سامية عبو في الصدارة
التراجع النسبي للرضا عن أداء رئيس الحكومة نلاحظ انعكاساته بصفة مباشرة في مؤشر الثقة الكبيرة في الشخصيات السياسية إذ تراجع فيه بوضوح ليصبح في المرتبة الثانية بعد سامية عبو والتي أصبحت تتقدم عليه بخمس نقاط كاملة (%38 مقابل %33) كما أن صاحب المرتبة الثالثة عبد الفتاح مورو لا يتأخر عنه إلا بنقطة وحيدة ثم يأتي محمد عبو في المرتبة الرابعة بـ%28 ويختتم خماسي الطليعة ناجي جلول بـ27 نقطة ..

الثنائي سامية عبو ومحمد عبو يمثل حالة استثنائية في المشهد السياسي التونسي .. وكان دائما السؤال حول تحول منسوب الثقة المرتفع في هذين العلمين للتيار الديمقراطي إلى تصويت لفائدة هذا الحزب ..

ولقد جاءت الانتخابات البلدية الفارطة لتؤكد أن التقدم الأهم المسجل حزبيا كان لفائدة التيار الديمقراطي والذي تجاوز معدل %10 في البلديات التي ترشح فيها بما يجعل منه اليوم القوة الانتخابية الحزبية الثالثة بعد النهضة والنداء
ملاحظة أخرى هامة جدا تتعلق بالتراجع الكبير في مستوى الثقة ليوسف الشاهد عند القاعدة الانتخابية الندائية إذ يتقدم عليه فيها ناجي جلول وهذا يحصل للمرة الأولى منذ ما يزيد عن السنة ..
وعندما نسأل التونسيين عن الشخصية العامة التي يريدون لها أن تلعب دورا هاما في المستقبل نرى كذلك تقدم سامية عبو عن يوسف الشاهد وارتقاء محمد عبو إلى المرتبة الثالثة وهذا يؤكد مرة أخرى أننا أمام ظاهرة سياسية لافتة قد تتحول إلى معطى انتخاب بارز في خريف السنة القادمة وعندما نعود إلى القاعدة الانتخابية الندائية نجد يوسف الشاهد يحتل صدارة الترتيب بمعية ناجي جلول وان هذه القاعدة مازالت تنتشبث بشخصيات مثل سعيد العايدي (الثالث) ومحسن مرزوق (الخامس) رغم مغادرتهما للنداء وتأسيسهما لحزبين جديدين ..
أما عند النهضويين فعبد الفتاح مورو هو دوما في الطليعة متبوعا بسمير ديلو وراشد الغنوشي وذلك في المؤشرين الاثنين : الثقة الكبيرة والمستقبل السياسي

خماسي المؤخرة في مؤشر الثقة
في البدء لابد من التنويه بأنه لا يوجد سياسي واحد تجاوز نسبة %40 في مؤشر الثقة الكبيرة فصاحبة الصدارة سامية عبو لا يثق فيها كثيرا سوى %38 من التونسيين كما ان ست شخصيات فقط تتجاوز عتبة %25 بينما نجد 12 شخصية من أصل 31 تنزل نسبة الثقة الكبيرة فيهم إلى ما دون %10
كل هذا لكي ننسب ضعف الثقة عامة في السياسيين المعروفين .. أما عند ننظر إلى مؤخرة الترتيب فاننا نرى أن هنالك ثوابت رافقت هذا المؤشر منذ فترة طويلة ومنها احتلال حافظ قائد السبسي ذيل الترتيب ب%5 من الثقة الكبيرة ويتقدم عليه ثلاثي بنقطة وحيدة وهم الهاشمي الحامدي وبرهان بسيس ومهدي بن غربية وفوقهم بنقطة واحدة نجد سليم الرياحي مؤسس للاتحاد الوطني الحرّ

والأمر لا يختلف كثيرا في مؤشر المستقبل السياسي إذ نجد دوما حافظ قائد السبسي في المرتبة الأخيرة بخمس نقاط والغريب أن هذه النسبة لا ترتفع كثيرا عند القاعدة الانتخابية الندائية إذ لا يحصل نجل رئيس الجمهورية إلا على ثماني نقاط فقط في المؤشرين معا..
ولسنا ندري هل سيتم الاستئناس بهذه الأرقام عند إعداد مؤتمر نداء تونس أم سيترك الحزب أمر الحسم النهائي للناخب التونسي في الانتخابات العامة في نهايات 2019 .

يتبع
في عدد قادم
• نظرة التونسي وتقييمه للأوضاع
• ثقة التونسي في المؤسسات والهياكل السياسية والإدارية
• أهم نجاحات وإخفاقات الحكومة

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115