، ليعيد رئيس الحركة جدلا أثاره يوم اطل بـ«ربطة عنق»، ويثير سؤالا هل يترشح هو للرئاسة ام يدعم شخصية أخرى، طالما ان الرجل ترك الباب مفتوحا أمام الخيارين.
في معرض رده على سؤال وجه إليه من مجلة «جون افريك» يتعلق بالانتخابات الرئاسية في 2019 قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، أنهم في الحركة لم يقرروا بعد، فهم مشغلون الان بالانتخابات البلدية، التي لها الأولوية، لكن الأكيد انّ النهضة ستشارك فهي لن تكرر خيار الحياد كما في عام2014 وما تبقى لحسمه هو كيف ستشارك الحركة، بمرشح من قبلها ام بدعم مرشح اخر، بعد التشاور مع الاحزاب «الصديقة».
ما أعلنه رئيس الحركة جاء ليؤكد بشكل جلي، ان النهضة اتعضت من تجربة 2014، حينما انتهت سنتها السياسية مبكرا، وظلت تراقب العملية الانتخابية، في الاستحقاق الرئاسي في ظل اختفاء كلي لها عن المشهد العام.
اختفاء لا ترغب الحركة في تكراره لكنها خلال الفترة الفارطة لم تحسم امرها في كيفية تحقيق الامر، ففي حواره السابق في قناة نسمة وان كشف الغنوشي تلميحا عن انطلاق عملية استعداده، الا انه تجنب القول صراحة بان الحركة ستكون معنية بشكل مباشر بالاستحقاق الرئاسي.
قول «الشيخ» أن الحركة ستشارك في الانتخابات الرئاسية، يعني بشكل اخر ان القرار سيكون بيده هو، فالفصل الـ32 من القانون الأساسي المنقح بعد المؤتمر العاشر، ينص على ان رئيس الحزب «يترشح لشغل المناصب العليا في الدولة وله ترشيح من يراه مناسبا لذلك بدلا عنه بعد تزكية هذا المرشح من مجلس الشورى».
هذا يعني استئثار راشد الغنوشي بصلاحية تقرير من يمثل حركة النهضة لخوض الاستحقاق الرئاسي، يجب ان يقع ربطه بالتطورات المتتالية منذ ان اطل رئيس الحركة بإستراتيجية اتصالية جديدة، تمثلت في ارتداء بدلة من قطعتين وقميص و ربطة عنق، يصر محيط الرجل على انها عفوية.
فالخطاب من دون صورة لا يكفي لإقناع الجمهور، وهو ما ادركه الفريق المكلف بتغير الصورة الذهنية عن رئيس الحركة لدى التونسيين، بهدف تحقيق مقبولية ورفع نسب الثقة والرضا على رئيس الحركة الذي ظل طوال السنوات السبع يحظى بنسبة تتراوح بين 4 - 6 % من نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية، وهي ما يعادل خمس نسبة الأصوات التي حصدتها الحركة في نوايا التصويت لها في الانتخابات التشريعية او البلدية القادمة.
حركة النهضة التي يقول رئيسها ان شكل المشاركة لم يحسم، ليترك الباب أمام إمكانية عدم تقدمه هو للاستحقاق الرئاسي، رغم ان جزءا من أبناء حركته يعتبرون ان المحطة السياسية القادمة لرئيسهم، هي قصر قرطاج. لكن عدم تقدم راشد الغنوشي للاستحقاق، يظل واردا ان اختار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الترشح لمدة ثانية، فالغنوشي سيجد نفسه احرص من قائد السبسي على فوز هذا الاخير، لكن هذا لا يعني ان الغنوشي قد يسحب معه الحركة لدعم خيار ترشح الباجي قائد السبسي او اي شخص من خارجها.
فحركة النهضة، وجزء هام صلبها، باتت اليوم تعتبر ان مفتاح السلطة هو رئاسة الجمهورية وان الحركة يمكنها التخلي عن رئاسة الحكومة لصالح حليف او حتى لحكومة تكنوقراط، لكن الرئاسة لا يقبل ان تتخلى عنها النهضة لصالح اي طرف سياسي غيرها.
حسم الخيار سيكون اثر الانتخابات البلدية، فالنتائج التي ستتحقق هي من سيحدد شكل خوض النهضة للاستحقاق الرئاسي، برئيسها أم باحد قادتها أو بمتسابق من خارجها يقع التوافق معه على جملة من النقاط.
على كل ما اعلنه رئيس الحركة قد يبقي حركته خلال اسابيع الحملة القادمة عرضة لسهام الحلفاء والخصوم، الذين قد يجدون في ما اعلنه الرجل فتح ابواب امام «تحالف» رئاسي.