فالحركة التي كانت هي الوحيدة من تقدم في 350 دائرة بلدية، تعد نفسها للفوز في الانتخابات القادمة، وتراهن على ذك بشدة، وفق ما أكده مدير المكتب السياسي للحركة نور الدين العرباوي في حوار مع «المغرب» كشف فيه موقف حركته من حملات التشكيك فيها واعتبارها خطرا على تونس.
• انطلقت حملات بعض الأحزاب والائتلافات باستهدافكم واعتباركم خطرا على تونس، كيف ستجابهونها ؟
ان تحديد موعد الانتخابات هو المهم، ومع اقتراب الموعد الكل انطلق في الاستعداد، بدءا بتقديم القائمات، ولان الانتخابات في كل العالم تبنى على التنافس، وللأسف ليس كل المتنافسين يعتمدون الأساليب المعقولة والشريفة. نحن في الحركة كل ودنا ورجائنا ان تكون الانتخابات مناسبة للأحزاب لتعرض نفسها على المواطنين في ظل الصورة السلبية لهم عليها. والتي تتحمل الأحزاب مسؤوليتها. لذا الأفضل ان تستغل الانتخابات كفرصة لتقدم الأحزاب نفسها وبضاعتها وصورتها وان تقدم نفسها كأحسن ما يكون للمواطن، وهذا يجب ان يكون نابعا من البرنامج وإزالة صورة التكالب على الحكم وليس جمال تلفيق وخداع.
• هذا لا يجيب عن السؤال؟
في التنافس حركة النهضة لا تتحدث إلا عن نفسها، ونحن في منافستنا لكل الأطراف سنتنافس بجدية وبقوة وشرف، بان نعرّف بأنفسنا إلى المواطنين في 350 دائرة بـ350 برنامجا خاصا. فهمنا الأساسي في هذه الانتخابات ان نحدث الناس عن حركة النهضة وما ستقدمه للمواطنين في البلديات، والاعتناء بهذا الجانب قد لا يكفيه وقت الحملة، لهذا فنحن لا وقت لنا للحديث خارج الموضوع.
• تقول انكم لا تملكون الوقت لتهدرونه، وان وقع جركم إلى المربع الذي يريده منافسكم؟
نحن لن ننجر، ونحن متوقعون وعارفون بالحوارات التنافسية التي لا تكون دائما مسيطرا عليها، اما بسياسة وقصد او بانفلات فردي، نحن في كل الحالات لن ننجر الى حورات الهوية ولذلك نعتبرها حسمت في الدستور وثانيا المواطنون ينتظرون منذ 8 سنوات من يجد الحلول لمشاغلهم اليومية.
• هل تخشون ان يستغل أنكم الحزب الوحيد الموجود في 350 دائرة في عملية التخويف من «التمكن» او تكرار النموذج التركي؟
التخويف من أننا حزب سينطلق من البلديات ليسيطر على الدولة، خاطئ فنحن موجودون في الحكم والبرلمان منذ 2011 اي اننا لا نبحث من خلال البلديات على الوصول الى مواقع لا نعرفها فنحن فيها، ثانيا الترشح في 350 دائرة هذا باب فخر ومسؤولية، فالتونسيون في كل مكان سيجدون نهضاويين يتقدمون لهم ويعرضون أنفسهم عليهم، والتخويف هذا يندرج في التنافس، واي حزب اخر لو كان في موضعنا لقيل عنه نفس الكلام، وان كان الخيار ان لا توجد أحزاب قوية بل ضعيفة كي لا يقال هذا ضدها فهذا ليس بالخيار، نحن أقوياء وهذا فخر لنا ومسؤولية وطنية ومجال للتواضع، فالحركة وباستعداداتها التامة يحملنا مسؤولية التواضع لشعبنا وللبلاد وللانتقال الديمقراطي، فنحن نعتبر ان تونس في انتقال ديمقراطي سيستمر حتى بعد انتخابات 2019.
• ما القصد بالتواضع؟
أننا ندرك أن التنافس الانتخابي شيء وإدارة الأوضاع شيء أخر، فنحن لا نرى وضعنا في المنافسة السياسية مشروعا يجعلنا نعمل لنفوز في الانتخابات وان نوظف هذا الفوز في مصلحة الانتقال الديمقراطي والتشاركية في إدارة البلاد، وهذا معنى التواضع.
تونس لا تزال بعيدة عن الإدارة الديمقراطية العادية، القائمة على 50 زائد1 والانتخابات القادمة تعدل الأوتار، نحن في المنافسة والفوز سنبذل جهدنا الكامل، أما في إدارة الأوضاع بعد ذلك فنحن مازلنا نؤمن بالتشاركية الوطنية الواسعة دون استثناء. خاصة ان البلديات تعنى بقضايا ومشاغل يومية التوافق بشأنها سيكون أيسر.
• نظريا هذا صحيح لكن الانتخابات البلدية ستعقبها انتخابات 2019، والبعض قد يجعل منها حملة مبكرة التمايز معكم محورها؟.
ربما هذا هو الفرق بيننا وبين الأحزاب، ان انتخابات 2019 لا تشغلنا كثيرا، فنحن نتعامل مع الانتخابات البلدية كما هي قد تكون بعض الأطراف السياسية التي لا حضور شعبي كبير لها تعتبر ان الانتخابات البلدية هي تحضير لانتخابات 2019 وفق خطة خاصة بهم لا تعنينا، فما يهمنا اليوم هو ان نشارك بما تقتضيه أوضاع البلاد والحزب وان ندرك ان الانتخابات البلدية لها تأثير مؤكد على انتخابات 2019 ونحن مهتمون ان يكون التأثير ايجابيا.
• بالحديث عن 2019، هل تعتبرون ان المشهد في إطار إعادة التشكل، بين خمسة أقطاب سياسية، بأوزان متفاوتة، فيما البقية لن يكون لها وجود؟
في النهاية الشعب صاحب القرار، وبقاء الاحزاب مرتبط بنتائجها، وان كان البعض قد يستمر وان كانت نتائجه لا تسمح له بالبقاء، البعض يبقى ليس لان له جمهور بل بوسائل غير طبيعية، وبعض الأحزاب وجودها مصطنع وبقاؤها الى الان مشابه لبقاء مريض ميت إكلينيكيا ويحيا بالآلات. في النهاية القاعدة تقول ان البقاء للأصلح.
• القاعدة تقول ان الصالح عليه ان يدعم حكومته، لكن في كل الأزمات التي مرت بها الحكومة لم يكن أي حزب داعم لها؟
هل هناك طريقة واحدة او متفق عليها لتحديد كيفية دعم الحكومة، والإجابة هي «لا» فمساندة الحكومة لم يقع تحديد طرقها ليقع الإخلال بها، على الأقل من طرف حركة النهضة.
• الواقع يقول عكس هذا؟
هناك ضعف هذا مؤكد لكنه ليس تخليا، لقد واجهت الحكومة مطبات كبرى وهزات عنيفة، لكن استمرت كما استمرت الحكومات بعد الثورة. والتاريخ يبين ان المراحل الانتقالية لا تعيش على وقع استقرار تام، لهذا وجب ان لا نتعسف على أنفسنا كتونسيين وخاصة الجهات المؤثرة السياسية والإعلامية.
بودنا ان تستقر الحكومة لتستقر الأوضاع، وهذا لا يتم إلا تدريجيا وللأسف «صبرنا ضعيف».
• في كواليس القرار يقال ان الحكومة ان تجاوزت شهر مارس، المتسم بتوتر اجتماعي وسياسي، دون هزة عنيفة ستظل الى 2019؟
بعض الوقائع والاحداث تثير الريبة في استقرار الحكومة، هناك ملفات غريب استمرارها، على غرار توقف انتاج الفسفاط في ظل معطيات تفيد باننا خسرنا 10 مليار دينار في السنوات السبعة التي عقبت الثورة. وهذا يتجاوز قيمة القروض من صندوق النقد الدولي.
لقد تعطلت عجلة الإنتاج في الفسفاط واليوم يلتحق بها النفط تعطّل يتجه بنا إلى أزمة مرعبة، نحن متفقون على ان الجهات لها مطالب مشروعة ولكن لا يعقل ان «نطمز اعيننا بانفسنا»، وهذا يجعل تحقيق الاستقرار مسألة صعبة جدا.
• عدم الاستقرار اليس مرده ان تونس باتت غير قابلة للحكم ، كما يشير حليفكم السابق ياسين ابراهيم؟
ابراهيم كان في الحكم فكيف كان تقييمه؟، انا ضد ان يلعن الفرد خياراته وان يدين نفسه، اجل الوضع غير مريح بالمرة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، والحكومة هي المسؤولة عن ايجاد الحلول فمن في الحكم هو المطالب بتقديم بوادر الحلول، لكن في المقابل المسؤولية يتحملها الجميع سواء الأطراف الاجتماعية او عموم المواطنين، بما يتناسب مع دورها. فالحكومة تقول أنها لو استمر الإنتاج لما احتاجت لمد اليد المذل أحيانا للاقتراض، لكن نحن أحيانا تعجبنا رياضة شتم وتحميل المسؤولية للآخرين، وللأسف الجميع يخسر ان استمر هذا الوضع.
• والحل؟
هذا تحدي كبير أمام البلاد، لدينا اليوم اطار اسمه وثيقة قرطاج، وان كان البعض غادرها وتمر البلاد اليوم بمشاكل، لكن لا احد اعلن سقوط الوثيقة، لهذا فانها صالحة ويجب ان نستعملها ومن المفيد جدا الدخول في خيمتها، وهذه مسؤولية رئيس الجمهورية بدعوة الناس الى العمل من داخلها فالخيارات فيها ظاهرة.
• دعوة إلى قرطاج 2؟
فلتسمى بأي اسم، المهم وثيقة تضم خيارات التنمية ومحاربة الإرهاب ومكافحة الفساد، ولا مشكل في إعادة الاتفاق على الأولويات من جديد، فلا شيء او احد يمنع من الجلوس والحوار والوضع الراهن يفترض ان يجلس الموقعون على وثيقة قرطاج بإشراف الرئيس على الطاولة للحوار مرة اخرى، والأمر مستعجل لتجنب ان تقف عجلة الاقتصاد لان توقفها يؤدي الى «ان تبرك البلاد» وهي ليست بعيدة عن ذلك.
• وفق اي تصور جديد، فقد سبق وجلس الجميع قبل ان تنسحب حركة المشروع وحزب آفاق؟
التصور يستنبطه الناس حينما تجلس مع بعضها البعض، فالحوار بين كل الاطراف ينتج تصورا، فالمؤثرون في الساحة السياسية لا يمكن ان يجتمعوا وينتهوا الى اللاشيء. الحلول موجودة ولكن ما يحول دون الوصول اليها هو غياب الحوار.
• الاجتماع لا يمكن ان يحدث اليوم في ظل رفض اطراف الجلوس معكم؟
فات زمن رفض الجلوس معنا، ونحن نصدق هذا القول ان صدر عن طرف لم يجتمع مع الحركة، أما أن يصدر من أطراف بعضها قال في منابر علنية انه سيتحالف معنا لعشر سنوات، لا نعلم أي تصريح هو الصحيح. لا طرف اليوم في الساحة لم يجلس مع النهضة ولم يتحاور معها، الكل قام بهذا في أطوار مختلفة.
• ومنها الجبهة الشعبية؟
مع الجبهة الحوار في البرلمان وضمن أطره، وهو ليس حوارا سياسيا، لكن 90 % من المشهد السياسي جلس وتحاور مع النهضة فلا يمكنه اليوم القول انه لا يجلس معنا. نحن نعلق على مواقف البعض الرافضة التحالف معنا، ولا احد يمكنه ان ينكر ان هناك اطرافا سياسية، والحمد لله على ان الاحجام والتاثير بدأ بالظهور في الانتخابات البلدية فالجبهة مشروعها الوحيد ليس تحسين أوضاع التونسيين إنما إقصاء حركة النهضة. وهذا ليس مشروع التونسيين ولا يفكرون فيه.
• الكل ينظر إليكم بشك ويعتبر أنكم تمارسون الازدواجية؟
من له قدر من الموضوعية يمكنه ملاحظة التطور في الأطروحات والبرامج والخطاب، وهذا لم نقم به من اجل عيون المنافسين بل لأننا نؤمن بالتطور على عكس من يتبنون ذلك نظريا، ....واليوم نحن في ذروة نضجنا وقواتنا في كل المستويات، ونجتهد لنوظف هذه القوى لصالح البلاد.