والتصريحات الصادرة عن قادته في ظل تهدئة من الحكومة وغياب لاحزاب الحكم عن المشهد السياسي الذي يصفه سمير الطيب، وزير الفلاحة والصيد البحري بالرديء ويشرح سبب ذلك في حوار مع «المغرب» اثناء تقييمه لوضع الحكومة وعملها وما ينتظرها اثر الانتخابات البلدية التي يعتبر ان نتائجها لن تؤثر في الحكومة،
• حكومتكم ومنذ تعيينها اعلنت عن جملة من الاهداف والبرامج، لكن بعد أكثر من سنة المشهد يشير الى ان لا شيء تحقق؟
اعتبر ان صعوبات الوضع في تونس على كل المستويات، مشهد سياسي رديء مؤسسات لا تعمل كما ينبغي، وضع اقتصادي واجتماعي صعب جدا، سعي اطراف الى ان تجعل تونس بلدا غير قابل لان يحكم، كلها ظروف تسلمنا فيه مقاليدها، والتي دفعت الى مبادرة رئيس الجمهورية وحوار افرز وثيقة قرطاج، اعتبرها اول نص سياسي مؤسس في تونس بعد دستور2014، والقصد بنص مؤسس هي انها جمعت اناسا حول اهداف وتصورات ومدة عمل، هذا حققته وثيقة قرطاج، التي لا يطلب منها ان تكون برنامج حكومة بالتفاصيل وانما هي تتضمن الخطوط العريضة تشمل ثوابت وطنية حصل عليها اتفاق بين مختلف العائلات الفكرية والسياسية والمنظمات الوطنية.
الحكومة كانت مهمتها تحويل الوثيقة الى اهداف وبرامج وهذا ما يحدث، والمقارنة بين المؤشرات لما تسلمت الحكومة مهامها ومؤشرات اليوم تدل ان هناك عملا وجهدا رغم الصعوبات التي مررنا بها والاشكاليات التي لم نكن نحن من تسبب بها. وهذه الحكومة كانت الاكثر شجاعة من سابقاتها وفتحت الملفات.
• لم تفتح كل الملفات الحارقة؟
في سنة ونصف لا يمكن القيام بكل ذلك، فالملفات متراكمة من قبل الثورة وسبع سنوات بعدها، لا يمكن ان تفتحها الحكومة جميعا، لكننا قمنا بفتح الملفات الصعبة.
• كالفساد والإصلاح؟
بطبيعة الحال، أصعب الملفات هي ملفات الإصلاحات والصناديق العمومية، هنا أشير إلى أن فتح الملفات لا يعنى أننا حللنا المشاكل، بل نحن في طور البحث.
اما عن ملف مكافحة الفساد، انا استغرب قلة صبر التونسيين فمكافحة الفساد تتطلب وقتا، نحن كنا شجعان وفتحنا الملف ولم نعالجه على انه مشهدي بان نطل في القنوات التلفزية بموقوفين، مكافحة الفساد هي مسار كامل وعمل تشريعي اقتربت الحكومة من الانتهاء منه، واخر مشروع لدى المجلس ليصادق عليه.
ثانيا الحكومة انطلقت في تطهير نفسها وكل الوزارات لها اتفاق مع هيئة مكافحة الفساد ووزارة الفلاحة كانت من الأوائل واتصلنا بالسيد شوقي طبيب لنعلمه اننا مستعدون للتنسيق والتعاون معه للتدقيق والتحقيق، هذه خطوة هامة والأساسية في الإصلاح، إضافة الى جملة من الخطوات الاخرى. وقد قلت سابقا ولم يعجب كلامي الكثيرين، الفساد ظاهرة مجتمعية، ومن الذي لم يتورط من قريب او بعيد في الفساد وان بالمشاركة السلبية، الفساد ظاهرة مجتمعية، وعلى المجتمع بجمعياته وإعلامه وقضائه عليه ان يقاوم الفساد. ما اشدده هو ان عزم الحكومة عن مكافحة الفساد أكثر مما مضي ولا تراجع عنه رغم التهديدات والتلميحات.
• الحرب على الفساد انطلقت منذ أكثر من سنة ولا تزال مقتصرة على المهربين دون ان تشمل من هم في اجهزة الدولة؟
وهل هذا قليل، كما ان هناك من هم امام القضاء سواء كشهود او متهمين. ثم ان ملفات الفساد لدى القضاء ولا اعلم ما تتضمن، نحن تجاوزنا مرحلة «الاعلان» عن القاء القبض على فلان او فلتان، انتهت تلك المرحلة ونحن اليوم في مستوى اعمق، والملفات المفتوحة بالعشرات. واطمئن التونسيين بانه لدى اقتراب الملفات المفتوحة من مرحلتها الاخيرة سيعلمون بها.
ما يهم هو عزم الحكومة على مكافحة الفساد وهذا ما اكده رئيس الحكومة، وقناعتنا ان الحرب على الفساد فيها ما يكشف للعيان وما يخفى عنهم، لكنها متواصلة.
• وماذا عن ملف الاصلاحات الكبرى، التي ظلت متعثرة او في طور الصدام مع اتحاد الشغل؟
لا يوجد اي ملف متوقف او معطل، هناك ملفات بصدد الانجاز ونعمل عليها، على غرار ملف المؤسسات العمومية الذي يتطلب مجهودا وعملا، الصناديق الاجتماعية التي ستعقد لقاءات قريبا مع الأطراف الاجتماعية للانتهاء منه. واذكر اننا ومنذ تكليف الحكومة عملت على ان تشرع في الاصلاح انطلاقا من قانون مالية ورثناه عن حكومة سابقة، لكن ما حدث هو ان القطاعات احتشدت ورفضت الإصلاحات الجبائية التي ادرجناها، لكن في قانون 2018 نجحنا في تحقيق بعض الاصلاحات على غرار الانطلاق في إلغاء العمل بالنظام التقديري. في قانون المالية أدرجنا إصلاحات رفضها البعض لاعتبارات أنانية ومصلحية ضيقة جدا، قطاعية او جهوية.
ورغم التغيرات التي سادت قانون مالية 2018 فانه يمثل انطلاق الاصلاح، ومروره هو انتصار، ومن أجج الأوضاع ضد القانون وكان رافضا له اين هو اليوم لقد ادرك ما تضمنه القانون هو إجراءات ضرورية للإصلاح وتغيير منوال التنمية، التي لم يغفل عنها ان القانون تضمن جوانب اجتماعية.
• اتحاد الشغل وأحزاب انسحبت من وثيقة قرطاج تحتج على القانون وتعتبره مجحفا في حق الطبقات الضعيفة؟
لكل شخص حرية التعبير عن تصوره، انا لا أناقش تصورات انا اقدم ارقاما ومؤشرات واقعية، حينما نقول ان منح العائلات زادت فهذا حدث، الإشكال يكمن في ان كل طرف يريد ان يحقق اكثر مكاسب له. ويغفل عن اننا نواجه سنة صعبة على مستوى المالية العمومية التي يعلمها الجميع منذ سنوات. نحن قررنا ان نواجه الصعوبات ونتخذ الاجراءات اللازمة للاصلاح، وقد بدأت مؤشرات تفيد بان البلاد في الطريق السليم، وهذا لا يعني اننا نجحنا.
• أشرت الى ان المشهد السياسي رديء ثم تعلن ان البلاد على المسار الصحيح، كيف هذا؟
القول برداءة المشهد السياسي لا نقاش فيه ورغبنا وطلبنا ان لا يطال الحكومة.
• ما المقصد بالمشهد الرديء؟
الازمة الحزبية الموجودة تتمثل في احزاب لا تعلم اين تتموقع وتجد صلبها الموقف وعكسه، وهذا يشمل الاحزاب كبيرها وصغيرها، والمنظومة الحزبية تتسم بتوتر العلاقة بين مكوناتها وكثرة التشكلات المتقلبة، فاليوم يتجمعون وغدا ينفكون وينتقلون إلى النقيض، مشهد سياسي يلتقي فيه البعض وينفرون من بعضهم لاسباب واهية، كما ان المشهد يشمل مجلس نواب الشعب، مع احترامنا له، الا ان المشهد صلبه غير مريح بالمرة، ونحن نواجه تاخيرا في صدور عديد القوانين الهامة فيما يقع تمرير قوانين ثانوية او الانشغال في صراعات هامشية، في السابق نحن تصارعنا في المجلس التاسيسي على قضايا دستورية ومجتمعية. ما يحدث ناسف له لكنه نتيجة طبيعية للمشهد الرديء في الساحة الحزبية.
• انتم جزء من المشهد؟
تريد ان تحمل الحكومة مسؤولية هذه الرداءة، لا الحكومة منذ قدومها قاومت هذا، وطالبت الناس بالقيام بواجباتهم، لكن ماذا حدث اقدم لك مثلا ما حدث في مجلس النواب في قانون 2017، لقد تكتل ممثلو قطاع معين من اقصى اليمين واليسار للدفاع عن قطاعهم.
• هذا المشهد ايضا يشمل تمرد النقابات الامنية مقابل موقف محتشم من الحكومة؟
لا استطيع تقديم موقف في ظل نقص المعطيات لدي، كا اعلمه انه تم تغيير في مستوى وزارة الداخلية والتحقيق فتح، ما المطلوب اكثر من هذا، لقد ورثنا النقابات الامنية وما تم ليس بالظاهرة الجديدة.
• تقول ان الحكومة شجاعة فلم لا تفتح ملف القطاعية وتمرد اجهزة الدولة؟
هذه الحكومة في صراع مع الوقت ولها اولويات ، اولها الملف الاقتصادي والاجتماعي ومكافحة الفساد التي لها علاقة بالاقتصادي والاجتماعي، لا يمكن ان تقع مطالبة الحكومة بالتركيز على فتح ملف القطاعية او النقابات الأمنية وإغفال باقي الملفات.
• القطاعية لها علاقة بتحسين المناخ الاقتصادي والاجتماعي؟
لا توجد حكومة جابهت القطاعية مثل هذه الحكومة، ولك في قانون مالية 2017 وقانون 2018 دليل، نحن حاربنا القطاعية واتجهنا إلى إصلاحات جوهرية، لكن لا يمكن ان نقاوم كل شيء في الآن ذاته نحن نعمل وفق أولويات ونتحاشى اي قضية تحيد بنا عن أولوياتنا.
• التحاشي أليس سببه ضعف الدعم الحزبي لحكومتكم؟
لو قامت وثيقة قرطاج على المعطي الحزبي فقط لسقطت الحكومة، لكن الوثيقة قامت على التمثلية الواسعة للعائلات السياسية والفكرية، لم يقع إقصاء اي عائلة عن الحوار الا من أقصى نفسه وتغيب، كما شاركت المنظمات الاجتماعية في الحوار التي هي أهم سند للوثيقة.
• المنظمات الاجتماعية تغير موقفها من الحكومة بشكل لافت، على غرار الاتحاد الذي أنتم في صدام معه؟
نحن لسنا في صدام مع اتحاد الشغل الذي عبر عن رأيه في بعض المواقع في الحكومة التي يعتبر أنها تعاني من نقص، ونحن لم نقل أبدا أننا أفضل حكومة في تاريخ البلاد، لكن في هذا الظرف هذه أفضل حكومة ممكنة ولا بديل عنها إلا «الحيط» في ظل الظروف التي نعيشها، وهذا عبر عنه الاتحاد أيضا. ولا توجد منظمة عبرت عن رغبة في المغادرة، لكن الاحزاب السياسية تقوم بلعبة «هين الداخل هين البرة» والا «قطع ورجع» هذا يهم الاحزاب لكنه يجعل عملنا اصعب.
• في كل الأزمات التي مررتم بها الحزبان الأساسيان تخليا عن الحكومة؟
هذه الأحزاب بصغيرها وكبيرها صوتت مع الحكومة في البرلمان.
• لا يتعلق الأمر بالقانون، نتحدث عن الأزمات منها ما يحدث مع الاتحاد اليوم؟
نحن لا نريد من اي حزب ان يتخذ موقفا معنا ضد الاتحاد، نحن في حوار متواصل مع الاتحاد ولا نريد ان نجعل منها معركة وان نؤسس حزام سياسي ضد الاتحاد الذي هو اكبر مساندي الحكومة واتفاق قرطاج وله الحق في نقدنا.
• وهل هذا مقبول في ملف الفسفاط وغيره ؟
هذا يدعم ما كنت اقوله عن رادءة المشهد السياسي، ففي القضايا الوطنية الكبرى لا نجد احدا.
• هل تتخوفون من ان تغذي الحملة الانتخابية البلدية التوتر الاجتماعي
الخطر موجود ووراد، لكن ما أقوله ان مشاكل البلديات معقدة وعديدة وبحاجة لبداية معالجة وهذا يعنى انه لا احد يملك الوقت ليهدره في قضايا الشرق الاوسط او القصبة وقرطاج بل في تقديم حلول لمشاكل الناس في البلديات.
• هذا مثالي لكن اليوم انطلق العكس؟
حالما تنطلق الحملة سيتغير الامر ويتوقف الانحراف. لن يتحدث المرشحون عن قضايا القصبة وقرطاج وبغداد وقضايا كونية بل عن مشاكلهم اليومية.
• البعض يربط مصير حكومتكم بنتائج الانتخابات البلدية؟
لا غير صحيح، فبانتهاء الانتخابات البلدية سينشغل الناس بالانتخابات التشريعية والرئاسية ومن الافضل ان يقع تحييد الحكومة في هذه الانتخابت البلدية لتوفر بدورها افضل الظروف للمشرفين على الانتخابات.