الطبوبي في خطاب تصعيدي متجدّد ضدّ الشاهد: «لن نعود إلى تجربة سنة 1990.. النتائج كلّها سلبيّة ولن نكون شاهد زور .. والأيادي المرتعشة لا يمكن أن نبني بها تونس»

يبدو أن الاتحاد العام التونسي للشغل قد قرر تعليق الهدنة مع الحكومة في الفترة الأخيرة،

حيث حافظ أمينه العام نور الدين الطبوبي على خطابه الهجومي تجاه الحكومة في تصاعد فهو وفي كل مؤتمر جهوي للاتحاد يستنجد بمعجم لغوي وحيد يعبر به عن الغضب من الحكومة ويجدد دعوته لرئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى ضرورة إجراء تقييم موضوعي لعملها، فالاتحاد يرفض حسب الطبوبي أن يكون شاهد زور أو أن يكون مجرد صورة إعلامية للتسويق داخل وخارج تونس، عودة التوتر بين الحكومة والاتحاد تجلت في التصعيد غير المسبوق في خطاب الطبوبي أمس خلال إشرافه على افتتاح المؤتمر العادي 25 للاتحاد الجهوي بتونس.

الطبوبي في خطاب تصعيدي متجدّد له وجه رسائل تحدي جديدة إلى يوسف الشاهد مفادها أن «المسؤول السياسي الناجح مطالب بالنتائج والمتأمل اليوم في النتائج يجدها كلها سلبية.. ونحن لا ننازعك في صلاحياتك «، ويبدو أن التصعيد المتجدد للاتحاد كان سببه الأساسي توجه الحكومة للتفويت في بعض المؤسسات العمومية للقطاع الخاص والتي أصبحت تمثل عبئا ثقيلا عليها نتيجة الصعوبات المالية التي تعرفها والتي تتفاقم من سنة إلى أخرى، لتكون رسالة الطبوبي للشاهد واضحة في هذا الشأن بقوله « لا أنت ولا من معك يعيدنا لتجربة 1990.. فالتفويت في القطاع العام لن يتم وألف خط أحمر تحت القطاع هذا وموش ممكن يتم التلاعب به».

«آن الأوان للتقييمات الجدية..»
الأمين العام لاتحاد الشغل في افتتاح المؤتمر العادي 25 للاتحاد الجهوي بتونس وصف الذين يجرّمون الاتحاد «بالمراهقين السياسيين» قائلا «الإتحاد أكبر منكم ونحن أصحاب حق في هذه البلاد لأننا قدمنا شهداء ولا يمكن أن تحصروا منظمة حشاد في خانة المطلبية البحتة...لا وألف لا، فالاتحاد منظمة وطنية قدمت شهداء من أجل هذا الوطن». وأضاف الطبوبي أنه آن الأوان للتقييمات الموضوعية والجدية والاتحاد لن يكون شاهد زور ولن يكون حضوره مجرد صورة إعلامية للتسويق لأهداف داخل وخارج البلاد، قائلا «نخدم تونس بأعيننا ولكن على ضوء الخيارات والبرامج الاجتماعية والتقدمية..بلاد نتقاسم فيها الأعباء والخيرات من أجل أن تكون لنا تنمية مستدامة..علينا أن نجيب على القضايا الحارقة، القضايا التي استشهد من أجلها شباب تونس وثار يوم 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 ضدّ الحيف الاجتماعي والتهميش وضدّ الدكتاتورية وعلينا اليوم أن نكون أوفياء لهؤلاء الشهداء بمزيد العطاء والنضال والضغط الايجابي من أجل تجسيم هذه الأهداف.»

السياسي الناجح.. مطالب بأرقام
الطبوبي موجها كلامه للشاهد «نحن لا ننازعك في صلاحياتك ولا صلاحيات أي مؤسسة دستورية وكما لديك حقوق فآنت عليك واجبات، فأنت اليوم تترأس السلطة التنفيذية وبذلك فأنت مؤتمن على البلاد والمسؤول المحنك والسياسي الناجح مطالب بأرقام ونتائج وعندما أنظر وأتمعن في كل نتائج اليوم للأسف الشديد أجدها كلها سلبية». وبين أن الاختلافات تبرز المعادن الحقيقية وتكشف الوجه الحقيقي للعديد من السياسيين والمسؤولين، مشددا على أن الحكومة في كل خطاباتها تؤكد أنه لا تفويت في القطاع العام ولكن في آخر ظهور تلفزي لرئيس الحكومة كشف العكس حيث قال إن الحكومة ستفوّت في 10 بالمائة من المؤسسات العمومية، والاتحاد يرد عليه «لا آنت ولا من معك يعيدنا لتجربة 1990..وألف خط أحمر للتفويت في القطاع العام»، مشددا على أنها ليست شعارات وخطب رنانة بل هي قناعة راسخة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتلاعبوا بهذا القطاع والاتحاد قوة اقتراح وحجة وإقناع وهو منفتح على الإصلاح.

خطوط حمراء
وضع اتحاد الشغل أمام الحكومة خطوطا حمراء، فالمهم بالنسبة له الإبقاء على القطاع العام رافضا الشراكة مع القطاع الخاص، منتقدا في الوقت ذاته التعيينات والتسميات التي تمت في عدد من المؤسسات العمومية على أساس المحاباة والولاءات وألحقت ضررا بها وقد آن الأوان حسب الطبوبي للحوكمة الرشيدة وأن تتم التعيينات على أساس الكفاءة وبالمناظرة وعقد أهداف متكامل والاتحاد جاهز لكل المفاوضات وله تصوراته في المحافظة على هذا المكسب، مشددا على أن الـ 10 بالمائة التي تحدث عنها رئيس للحكومة هي قطاع التبغ والوقيد وبنك الإسكان. هذا ولم يفوت الطبوبي الفرصة للحديث عن ملفي التعليم الثانوي والصحة وقال إن سنة 2018 سنة الصحة والتعليم بقي مجرد شعارات، مشددا على أن مصلحة التلاميذ هي أولى من كل المسائل وآن الأوان لأن يكون للقطاع التربوي مكانته الاجتماعية والاتحاد متمسك بالدفاع عن مطالب المربين والعاملين في القطاع.

«الاتحاد مصيبة المصائب على البيّوعة»
كما جدد الطبوبي في خطابه التذكير بالدخول في مفاوضات اجتماعية في شهر أفريل في القطاع العام وكذلك في القطاع الخاص في أواخر شهر مارس الجاري، مشيرا إلى أن الأيادي المرتعشة لا يمكن أن نبني بها تونس والاتحاد لن ينازع على أي موقع سياسي لا في الحكومة ولا في الولاة، فالفيصل الوحيد هو مصلحة تونس ولن يستهدف أي طرف. وأوضح أن الاتحاد متمسك بوثيقة قرطاج لكن هناك من يبحث عن التموقع، قائلا «عندما تحدثت عن الحكومة لم استهدف أيّ شخص ...هناك تفكك في أجهزة الدولة... وبعض الوزراء كلّ يغني على ليلاه والحال أن الحكومة يجب أن تكون متجانسة في أدائها وموحدة في خطابها». الطبوبي لم ينس أيضا الحديث عن الانتقادات الموجهة ضدّ المنظمة الشغيلة وخاصة حزب آفاق تونس وبعض الخبراء الاقتصاديين، ليقول « نعم ... الاتحاد مصيبة المصائب على البيّوعة». ويشار إلى أن الطبوبي كان قد أعلن أنه من المنتظر عقد مؤتمر نقابي دولي خلال شهر جوان المقبل سيضم المنظمة الشغيلة واتحاد عمال المغرب ونقابات من فرنسا وألمانيا وايطاليا وبلجيكا من أجل تكوين وفد برئاسة الاتحاد العام التونسي للشغل لدعم قضايا التحرر والدفاع على النقابيين المسجونين بتركيا.

بدأت بوادر الأزمة بين الحكومة والاتحاد تتجلى خاصة في دعوة الأخير إلى ضرورة ضخ كفاءات ودماء جديدة في الحكومة وفي أجهزة الدولة ليردّ عليه رئيس الحكومة في حواره على القناة الوطنية أنه لا يعتزم في الوقت الحالي القيام بتحوير وزاري وأن هذه المسألة من صلاحياته هو فقط .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115