فقد أعلنت يوم أمس عن نفسها كتحالف سياسي وانتخابي، مرحلي، تحت اسم «الاتحاد المدني» سيشارك بـ48 قائمة مشتركة في الانتخابات البلدية، مع ترك باب مفتوح لارتفاع العدد، فالأحزاب وقادتها اتفقوا على نقاط أساسية، الأولى عدم رفع سقف الرهان، والثانية التركيز والتعامل مع كل محطة على حدة، اي عدم الانشغال بما بعد الانتخابات البلدية منذ الان، والثالثة وهي الأهم اين تتموقع في الخارطة الانتخابية واي ناخبين تستهدف.
الصورة يوم امس تقدم الكثير، قادة الاحزاب وزعماؤها الـ11 يجلسون في الصف الثاني الذي يتقدمه صف لقياديات نسائية مثلن الاحزاب والمستقلين والمجتمع المدني، هذه الحركة المدروسة التي اراد بها المعلنون عن تشكل تحالف «الاتحاد المدني» ان يصيبوا عصبة من العصافير بحجر واحد.
فهم رفعوا سقف الرهان مع غريمهم الاساسي نداء تونس، بان استغلوا الندوة الصحفية الخاصة بهم ليقدموا انفسهم على انهم «نصراء قضايا المرأة وتمكينها» وانهم اصحاب افعال لا اقوال، فهم اختاروا ان تتصدر القياديات الصفوف وان تترك لهم مهمة الاعلان الرسمي، فيما اختاروا هم الصف الثاني ليجيبوا عن تساؤلات او ايضاح بعض النقاط.
اختيار الصف الثاني ايضا أريد به كسر صورة «صراع الزعامات» فالاحزاب الـ11 كانت ويبدو انها ستظل تواجه معضلة «كثرة الزعماء صلبها»، لكن القائمين عليها اختاروا ان يقدموا صورة تناقض هذه «الصورة النمطية» عن قادتهم، فهم في الصف الثاني متخلين عن تصدر المشهد كدليل على انهم بلغوا مراحل النضج السياسي وتجاوز الصراعات على الزعامة. هذان العصفوران ليسا الوحيدين اللذين اصيبا بحجز «الصورة»،
في ندوة يوم اعلن عن «الاسم» والمشاركة في الانتخابات البلدية القادمة بقائمات ائتلافية وذلك بـ 48 دائرة بلدية، تتوزع على مراكز الولايات وفي ثاني أهم المعتمديات، وستتكون القائمات من أبناء الدائرة البلدية، سواء كانوا عن احزابهم او منظمات المجتمع المدني او شخصيات مستقلة. كما اعلن عن ان الباب مفتوح لان تتوسع الجبهة/التحالف أو ان يزداد عدد القائمات، وهو ما قاله ياسين إبراهيم حينما توقع ان يبلغ عدد القائمات الائتلافية للاتحاد المدني 60 أو 70 قائمة.
الخطوة التي قطعها «الاتحاد المدني» امس كانت وفق عصام الشابي «عصارة» 4 اشهر من النقاشات المتأنية والتنسيق بين 11 حزبا منذ البداية )حزب الوطن انصهر في مشروع تونس وبعد أسبوعين التحقت الحركة الديمقراطية ، بهدف توحيد المواقف من القضايا السياسية الكبرى قبل ان تنضج النقاشات وتؤدي الى طرح بديل جديد للتونسيين وفق وصفه.
اذ ان الاتحاد المدني الذي اختار ان ينافس في حوالي 1/8 من البلديات، يريد ان تكون نتائجه في الانتخابات ورقة عبوره الى 2019، ولكن بطريقة يقولون انها مختلفة، فهم يريدون ان تتوحد جهودهم وإمكانياتهم للنزول ومنافسة نداء تونس بالاساس في الـ48 دائرة انتخابية يمثل ناخبوها تقريبا ثلث عدد الناخبين وطنيا.هذه الدوائر الـ48 التي التزم التحالف بان ينافس فيها النداء ويطمح للانتصار فيها، هي ايضا مناطق تركز الأصوات في الانتخابات التشريعية التي أفضت في 2014 عن فوز النداء بالمرتبة الاولى والنهضة ثانيا.
وهو ما يجعلها مغرية وذات أهمية بالنسبة للأحزاب الـ11 التي ترفع رسميا شعار التركيز على البلديات وتستبعد ملف انتخابات 2019 من النقاشات ووضعه على الطاولة، استبعاد تهدف عبره الاحزاب من تجنب أيّ تصدع يصيبها قبل الاستحقاق الانتخابي البلدي، فخلافات عديدة لا تزال تشقها، من ذلك ان حزبين منها لايزالان في حكومة الوحدة الوطنية ومن الداعمين لوثيقة قرطاج، المسار والمبادرة، في المقابل انسحب الجمهوري وافاق ولاحقا المشروع من الحكومة والوثيقة.
تناقض في الخيار السياسي لا يريد القائمون على الجبهة ان يسرع في انهيارها هم يردون ادارته الى حين صدور النتائج، فان فشل الاتحاد المدني في تحقيق نتائج جيدة جدا، فان مآله الانفراط ويعود كل حزب للبحث عن خلاصه الفردي وعن حلول تقيه الفشل في 2019.
لكن السيناريو الثاني وهو تحقيق فوز هام في هذه الدوائر وتجاوز حركة نداء تونس في نسب الاصوات فيها، سيكون بداية مرحلة جديدة كليا تنطلق من فرض تحديد الصف الذي سيقف فيه المسار والمبادرة، وهما في هذه الحالة سيكونان قد عاينا نجاح التحالف ولن يكون سهلا عليهم التضحية به من اجل دعم حكومة الشاهد او وثيقة قرطاج.
تحقيق الفوز على نداء تونس في الدوائر 48 سيكون إعلانا رسميا بالنسبة للجبهة عن انها باتت تمثل «البديل» الذي سيغري القاعدة الانتخابية للنداء في 2019 للتصويت للاتحاد، وهو ما يرنو القائمون عليه ان يبلغوه ومن اجل هذا قال عصام الشابي امين عام الحزب الجمهوري ومن قبله ياسين ابراهيم رئيس آفاق تونس، ان الاتحاد لن يشتت تركيزه على مراحل مستقبلية لا تزال بعيدة، هو سيركز على الاستحقاق الراهن، اي على البلديات بغاية تحقيق الفوز، فالفوز بالنسبة لهم كفيل بتطوير مشروعهم وبلوغ مرحلة جديدة. وهي المرحلة التي يشير اليها كلاهما، كما بقية القادة الـ9 وهي الاستحقاق الرئاسي والتشريعي في 2019.
تعدد الفرضيات امام الاتحاد المدني واحزابه الـ11 يظل مرتهنا بتحقيق شرط اساسي وهو التوافق فيما بينهم على القائمات 48 دون تصدع او صدامات بشان التمثيلية فيها، ان حققوا هذه الخطوة الاساسية يكون لها ما يتبعها، وحاليا يبدو من الصعب ان يعجزوا عن ذلك رغم بعض الاحترازات من قواعد كل حزب.