قبل حوالي الاسبوعين اعلن آفاق تونس عن انسحابه من وثيقة قرطاج بعد أقل من شهر عن انسحابه من الحكومة وانشغاله بإدارة الصراع صلبه بين فريقين الاول ويمثل أغلبية الحزب يريد القطع مع منظومة الحكم، حكومة واتفاقا، والثاني يتمسك بكليهما، صراع جعل الحزب يتجنب خلال الاسبوع الفارط تقديم موقفه الرسمي وبالادق الاغلبية صلبه لتترك الامر للغاضبين قبل ان تعدل من خيارها وتطل عبر رئيسها ياسين ابراهيم لشرح اسباب الخروج في حوار مع «المغرب» وقع التطرق فيه للملفات الداخلية صلب الحزب ورهاناته الانتخابية في 2018
• موقفكم من وثيقة قرطاج اتسم بالتردد خلال الشهر الفارط الخروج ثم العودة والخروج من جديد فما الذي دفع حزبكم لهذا التذبذب ؟
اثر إعلاننا الخروج من الحكومة وقع نقاش على الخط السياسي للحزب وفي المكتب السياسي تطرقنا للمراجعة بالاستناد لتجربتنا في الشراكة مع النهضة في ظل التوافق الذي شاركنا في صياغته مع نداء تونس والنهضة
تقييمنا لهذه التجربة انتهى للإقرار بأن التوافق لم يثمر نتائج ولم نعد نرى ضرورة له. خاصة في علاقة بحركة النهضة التي نتمايز عنها لعدة أسباب منها إيديولوجيتها وطريقة تسييرها وتمشيها هذا جعلنا لا نرى ان حزبنا له القدرة او إمكانية التحالف مع النهضة اليوم ولا في المستقبل.
من هذا المنطلق طرحت نقطة هل من معنى لبقائنا في وثيقة قرطاج وهل تمثل مجموعتها «الحل» في الفترة القادمة للبلاد.هذا دافع لاتخاذ قرارنا بالانسحاب من هذه الوثيقة.
• لكن شاركتم لاحقا في لقاء قرطاج وبعد 24 ساعة أعلنتم الانسحاب ؟
في ذلك اللقاء وقع التطرق إلى إمكانية تعديل الوثيقة لكن الأحزاب والمنظمات هي التي صاغت مضمون الوثيقة الذي يمكن وصفه بأنه الحد الأدنى من النقاط المشتركة ولم نتعمق أكثر .بالنسبة لنا التعديل هو استمرار العمل مع ذات المجموعة وهذا غير ممكن لآفاق تونس لهذا أعلنا الانسحاب وقلنا لا معنى للاستمرار بذات الأعضاء .
• يفهم من قولك أن الانسحاب سببه داعمو الوثيقة وليس مضمونها ؟
سياسيا وثيقة قرطاج تقرأ 1 – مكونات اجتمعت في سياق فكرة الوحدة الوطنية اي توافق بين أطراف منافسة 2- البرنامج الذي يمكن إصلاح مكامن الضعف فيه وهو ما اقترحه رئيس الجمهورية في اللقاء الأول
وهنا نشير أن البرنامج وتطبيقه مسؤولية الحكومة التي اعتبرنا انها بقانون المالية الأخير ابتعدت عن التوجهات التي نراها ضرورية للإصلاح فانسحبنا منها .
أعود للإجابة عن السؤال نحن في خطنا السياسي لم نعد في توافق مع النهضة لهذا لا نرى ضرورة للبقاء .
• هذا الموقف عبر عن تذبذب انتقده رئيس المكتب السياسي بقوله «خرجنا رجعنا خرجنا».
المجلس الوطني عبر في بيانه عن خروجه من منظومة الحكم.وفي أشغال المجلس الوطني تطرق بعض المشاركين لموضوع وثيقة قرطاج وموقفنا منها لكن لم يقع النقاش بشأنها أي لم يؤخذ قرار خاص بها .
• اللائحة التي عرضت على التصويت كان فيها بند ينص على الخروج من وثيقة قرطاج
لا اللائحة لم تقل بالخروج من الوثيقة وإنما قلنا الحكومة ابتعدت عن مضمون وثيقة قرطاج والبيان أوضحنا فيه كل النقاط.
خلاصة المجلس الوطني لم يناقش مسالة الخروج من وثيقة قرطاج إنما ناقشها المكتب السياسي والنقاش صلبه كان يهدف لتوضيح التصورات لشركائنا وشرح دواعي خروجنا من الحكومة وموقفنا من حركة النهضة وفي الحزب قيمنا الأمور ووصلنا الى نتيجة أن التوافق لم يقدم نتيجة للبلاد.
النقاش في هذه الحيثيات لم يكن في المجلس الوطني وتم في المكتب السياسي الذي راجع هذه النقطة وذهبت اثر ذلك للقاء الأول منذ ثلاثة أسابيع بهدف شرح وجهة نظر حزبنا لكن في التفاعلات مع الحاضرين الأمر اقتصر على نقطة تعديل الوثيقة بمقترحات ولم تقع مراجعة الائتلاف أو آفاقه.
هذا عرض على المكتب السياسي وصادقت أغلبية ساحقة على قرار الخروج أما بالنسبة لرئيس المكتب السياسي فلم يعجبه القرار وعبر عن ذلك في تصريحاته واستقالته وهو حر .مؤسسات الحزب قبل الأشخاص وليست مرتبطة بالفرد .
• هذا يقابله اتهام مباشر لك من قبل الغاضبين مفاده انك «ديكتاتوري» متفرد بالقرار صلب الحزب ؟
هذا أسهل شيء في السياسة نتوجه للمسؤول الأول ونشخصن القرارات وننسى المؤسسات وهذا له عيبان الأول إلغاء دور وأهمية أعضاء المجلس الوطني وهم منتخبون عن مؤتمر.أي أننا نجعل من القرارات المتخذة باليات الديمقراطية قرارات الرئيس .
العيب الثاني أن قادة يدينون للحزب بما هم فيه يقدمون صورة خاطئة عنه وهم من كانوا حاضرين في مؤتمره ويعلمون جيدا أن الحزب مؤسس على عكس ما يقدم من انه بيد شخص
هنا أشير إلى أن رئيس الحزب يتحمل المسؤولية في حال كان الرأي صلب الحزب منقسما الى 50/50 وموقفه هو من يرجح كفه هنا يتحمل هو المسؤولية لأنه اتبع خيار المرور بالقوة هذا لم يحدث لا في المجلس الوطني ولا في المكتب السياسي إذ أن القرار مر بأغلبية تجاوزت %75.
إلقاء التهم على رئيس الحزب اعتبره سلبيا خاصة وان هذا صادر عن قيادات في الحزب لديها مجال للنقاش وإدارة الاختلاف .
في نهاية المطاف ما أقوله أن الانضباط داخل الحزب هو من الأساسيات هناك مؤسسات نظام داخلي على الجميع الانضباط له نحن سنضع حدّا للانفلات الذي بات في البلاد والأحزاب .
• فرض الانضباط هل يعني أنكم ستطبقون ما بلغتموه للوزراء من قرار إقالتهم إن لم يستقيلوا من الحكومة ؟
نعم هذا طبق بصفة واضحة والية.
هم لم يستقيلوا من الحكومة لذلك اتخذ قرار اقالتهم من الحزب
• نمر للوضع العام الحكومة قدمت خطتها للتشغيل القائمة على «المبادرة الخاصة» هل هذا جيد بالنسبة لكم وله افاق ام هي محاولات ترميم ستفشل ؟
نحن لا نحكم على المحاولات والمبادرات قبل رؤية النتائج ما نعتبره ضروريا الآن في الشأن الاقتصادي هو اتخاذ سياسات وخيارات كبرى .وفي قانون مالية 2018 الخيارات التي اتخذت أكدت لنا انه لا يوجد تحليل اقتصادي وتفهم دقيق للوضع الاقتصادي وهذا عبر عنه بتناقض بين ثلاث وثائق توجيهية رسمية الأولى للتنمية تقول انه يجب تحقيق نمو الاستثمار بـ %13 الإصلاح الاقتصادي تقول انه يجب الحد من نفقات الدولة وكتلة الاجور ثم نجد قانون المالية هو الوثيقة الثالثة مناقضا لما في الوثيقتين التوجيهيتين الصادرتين عن ادارة التنمية ووزارة الإصلاحات الاقتصادية فالقانون مثقل بالاداءات الضريبية على التجار والمهنيين واوجد صعوبات في توفير السيولة النقدية .
قانون مالية 2018 هو قانون محاسبين يبحثون عن تقليص العجز في الموازنة العامة فقط ويغيب عنه ان الوضع في تونس هش ولا يمكن التحكم في عدة عوامل منها سعر النفط الذي تجاوز التوقعات المذكورة في القانون بحوالي 20 دولار للبرميل اي 2 مليار دينار في السنة
وهنا اعود لملف التشغيل الذي لا يتم الا بالاستثمار والذي بدوره لا يتم في ظل اثقال كاهل المؤسسات بالجباية.
خلاصة ما اقوله ان السياسة الاقتصادية لا تدار بالخطابات وشخصيا اعتبر ان مستوى الكفاءة في المجال الاقتصادي في هذه الحكومة ليس في مستوى التحديات التي تواجهها البلاد بل انها أدت إلى ارتفاع نسبة التضخم ب 3 نقاط في سنة بسبب توجه الحكومة للتداين من البنوك المحلية .
وحاليا انا متخوف من الأسابيع والأشهر القادمة فالسياسة الاقتصادية الحالية لن تمكننا من حل المشاكل بل ستؤدي الى تفاقمها.
• هل السبب في هذه الوضعية طغيان الحسابات السياسية والطموح صلب الحكومة مما أدى لسوء تقدير الواقع ؟
اجل صحيح انه لا يمكن للجميع ان يكونوا خبراء ولكن الثقافة الاقتصادية للسياسيين الماسكين للبلاد «ناقصة برشا» واليوم الأزمة أساسا اقتصادية.
أزمة لا تحل حينما تصبح الحكومة مرتهنة للخطوط الحمراء من ذلك انها وبعد ان أعلنت عن تفعيل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في مخطط 2020 تراجعت بعد رفض إتحاد الشغل.اليوم هناك من يسير البلاد سياسيا ونعرفه فيما لا نعلم من يسير الاقتصاد في ظل حكومة رئيسها يريد إرضاء الجميع .
لكن نحن لانزال نعتبر ان هناك امالا لإصلاح البلاد ونحن اليوم نعمل مع مجموعة وسطية لا ارتباط لها بالنداء والنهضة أو أقصى اليسار وهذه المجموعة نأمل أن تصبح قاطرة للبلاد .
• هذه المجموعة المتكونة من 11 حزبا ستتجهون لانتخابات بلدية بقائمات مشتركة تحت اسم «اتحاد مدني »؟
ستنعقد ندوة صحفية في الأسبوع القادم إن لم تحدث تطورات سلبية نعلن فيها عن تصورنا.حاليا ما يمكن قوله أننا في المجموعة نتقاسم تصورا مفاده ان هناك بلديات كبرى في كل ولاية وأساسا بلدية المركز والبلدية الثانية من حيث الثقل .
هذه يمكن ان نتقدم فيها بقائمات مشتركة تضم المستقلين أيضا هذه البلديات الـ48 الكبار تمثل %40 من التونسيين
أما البلديات الأخرى فسنترك حرية الخيار للجهات اي لن نجبرها وهو ما يعني ان هناك إمكانية لان يرتفع الرقم أكثر .
• هذه المجموعة هل تدرس تحالفا في انتخابات 2019 ؟
اغلب الأحزاب عبرت عن تحفظات مفادها ان 2019 لا يزال تاريخا بعيدا المهم اليوم إقناع التونسيين بالذهاب للانتخابات البلدية في 2018 هذا هو التحدي الاول الذي يجب ان نركز عليه .
انجاز هذه المرحلة هام حاليا قبل الحديث عن أي خطوة لاحقة .
رويدا رويدا ننظر في ملف 2019.فالتسرع بالحسم فيه الآن ووضعه على الطاولة قد يؤدي بنا الى عدم التقدم اية خطوة في التحالف في الانتخابات البلدية.ما نريده اليوم هو تحقيق نجاح في هذا الاستحقاق والنجاح يجلب نجاحا آخر.
• يفهم من قولك ان لا اعتراض مبدئيا على التحالف حتى 2019 ؟
لا يوجد اعتراض ما نريده هو أن نناقش الأمور في توقيتها السليم .