ومدى احترامها ومناقشة امكانية تعديلها، هذا دون ان يغفل عن التطرق الي الاحتجاجات الشعبية وما رافق بعضها من اعمال شغب، احتجاجات قال إنه وقع تضخيمها، لكنها تعبر عن مشاغل يجب الانصات اليها ومعالجتها، وهو ما تعهد به.
في لقائه يوم امس بقصر قرطاج بالموقعين على وثيقة قرطاج، لم يخل خطاب رئيس الجمهورية من معجم اللوم والعتاب والوعد بغد افضل للتونسيين، وانه وبتجربته ومعرفته بدواليب الدولة والمجتمع التونسي واثق من ان تونس ستغادر نفق ازمتها وتحقق مطالب الثورة الاجتماعية.
ثقة عبر عنها الرئيس بعد ان عرج في بداية كلمته على الوضع العام وما شهدته مناطق مختلفة من البلاد من احتجاجات رافقتها بعض احداث الشغب والتخريب، ليشدد على ان وسائل الاعلام الاجنبية ضخمت الاحداث وهولتها، وقدمتها في صورة مغايرة للواقع الذي نقله الاعلام التونسي، وقد اثنى عليه الباجي قائد السبسي لاول مرة منذ تقلد مهامه كرئيس للجمهورية.
تثمين دور الاعلام المحلي جاء لانه نقل ما يحدث دون تضخيم او تغطية على الجوانب السلبية، وهي عمليات التخريب والسرقة التي وقعت بالتزامن مع الاحتجاجات الاجتماعية في الليل، هنا شدد الرئيس على ان الاحداث الاخيرة وان هولت فان اسبابها اصلية لا يمكن نفيها، فالناس طالتها الازمة من جوانب عدة وباتت الاوضاع المعيشية صعبة عليها، كما المح. اوضاع جعلت من الغاضبين يستجيبون لما وصفه بعمليات « التهييج » والتعبئة، مع التشديد على انه من حق المعارضة اللجوء للشارع وانه يجب تقييم هذا بموضوعية، في تلميح الى رفضه الربط بين المعارضة وعمليات التخريب والنهب.
رفض الربط بين اعمال النهب والتخريب ودعوات المعارضة للاحتجاج يشدد عليه الرئيس الذي اعتبر ان منسوب الاحتقان في الشارع مرتفع و سبب صعوبات اقتصادية ادت الى تردي الوضع، وهو احتقان ادركته الحكومة وتعمل على الخفض من منسوبه بسلسلة من الاجراءات ستعلن عنها في الساعات القادمة، مع اشارة الرئيس ان هذه الاجراءات سيقع تخصيص مستحقاتها المادية من نفقات الطوارئ وصناديق اخري دون التاثير علي الموازنات العامة.
الخفض من الاحتقان ومنسوبه حرص الرئيس علي ان يبين تفاؤله بتحقيقه، كما تفاؤله بتجاوز الصعوبات الاقتصادية ان توفرت شروط اساسية وهي وحدة وطنية تدار فيها الاختلافات، من منطلق التوافق على المهم فالاهم، ،هذا يكون بمشاركة الجميع من فاز في الانتخابات ومن لم يفز من في الحكم ومن في المعارضة حيث شدد الباجي قائد السبسي على انه من الضروي ان لا « تفسد المعارضة » مجهودات الحكومة والسلطة التنفيذية للخروج من الازمة.
معارضة قال الباجي قائد السبسي انه وان رفضت الالتحاق بوثيقة قرطاج ملمحا الى امكانية رفض المشاركة في الحوار الاقتصادي الاجتماعي فان هذا لن يجعله يقصيها او يرفض ان تكون جزءا من الحل. فتونس من وجهة نظره تتسع للجميع والجميع مطالب بالعمل للخروج من الازمة.
ازمة قال ان من تسبب فيها هو عدم تنفيذ الاولويات، منها تركيز المؤسسات الدستورية والاصلاحات الاقتصادية الكبري بل وعدم الانطلاق في تنفيذ الاصلاحات التي سنت قوانينها وصادق عليها مجلس نواب الشعب، هنا وجه الرئيس خطابه لاتحاد الشغل وشدد على ان دوره يتجاوز الدفاع عن منظوريه بل هو دور وطني، والان حان اوانه.
من الاتحاد مر الرئيس ليشدد على ان الوقت قد حان ليتحمل الجميع مسؤوليتهم ايضا وانه لم يعد مقبولا ان يلقي كل طرف بالمسؤولية الى الاخر معتبرا ان خطاب الحكومات المتعاقبة الذي كرس هذا التنصل لم يعد مقبولا ولا مسموحا به، بل الوقت يستوجب تحمل المسؤولية للخروج من ازمة شدد مرة اخرى على انه واثق من ذلك بل له يقين لولاه لما ورط نفسه في دور الوسيط.
يقين الرئيس بالخروج من الأزمة يشترط ان يتحلى الجميع بالصبر والتفهم ونكران الذات والتواضع، والاخير اعتبره الرئيس اساسيا لاي فاعل سياسي من منظوره الشخصي، وهو منظور استند الرئيس في كلمته اليه كلما تحدث عن تصوره للخروج من الازمة او تشكل المشهد السياسي من جديد.
خطاب دام اكثر من نصف ساعة تخلى فيه الباجي قائد السبسي عن مفردات عدة من خطاباته السابقة التي قامت على معجم « أبوي » والنصح والتوجيه، ليستند طوال خطابه امس الى عبارات ومصطلحات تقدمه كمشارك في عملية الفهم والقرار وليس صاحبها بمفرده، من ذلك رسالته المبطنة بان الحكومة شي واتفاق قرطاج امر اخر يمكن ان يناقش وان يعدل. تبطين اراد به قائد السبسي ان يغلق الباب امام مطالب تغيير رئيس الحكومة او اجراء تحوير على تركيبتها قبل ان يترك الكلمة للحاضرين. كلمة تناوب عليها من حضر، مع تسجيل غياب افاق تونس وحركة الشعب ودخول اتحاد المراة لقائمة المساندين لوثيقة قرطاج.
6 احزاب و4 منظمات وطنية تداول امناؤها العامون الكلمة، التي قال الجنيدي عبد الجواد منسق المسار الديمقراطي انها كانت تصب في محاولة فهم الاحداث والتمييز بين الاحتجاجات الشعبية وعمليات التخريب والنهب التي شدد على ان الرئيس ابلغهم بان لوبيات الفساد والمتضررين من الحرب عليها تقف خلف الشغب والاحداث الاجرامية، وهنا شدد الجنيدي على ان الجبهة الشعبية نزهت عن التورط في الشغب والتخريب.
تنزيه جنيدي عبد الجواد للجبهة قابله تحميل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي لها المسؤولية السياسية لوقوع احداث تخريب وشغب وذلك لانها دعت الي الاحتجاج ولم تستطع السيطرة عليه، القاء اللائمة على الجبهة جاء بعد ما شدد الغنوشي على انه دافع عن الجبهة الشعبية في اللقاء وبرأها من القيام بالتخريب والعنف، مشيرا الى ان ما يجمعهم مع الجبهة كثير، فقد تشاركوا السجون والنضال ويأمل اليوم ان يتشاركوا التوافق وحكم تونس.
اشارة الغنوشي بانه دافع عن الجبهة وما سبقه من اشارة جنيدي عبد الجواد تثبت ان احد الاطراف الحاضرة أراد ان تحمل الجبهة مسؤولية كل شي، لكن جوبه برفض من المشاركين ومن بينهم اتحاد الشغل والمسار والنهضة، حتى وان اختلفت درجة التقييم بين ثلاثتهم او مدى تحميلهم للجبهة الشعبية للمسؤولية السياسية للاحداث.
كما ان النقاشات لم تتوقف عند هذه العناصر فقد تجاوزتها لتناقش الاجراءات المنتظر الاعلان عنها اليوم في الذكرى السابعة للثورة، التي تقام هذه السنة على وقع الاحتجاجات الشعبية واحتفالات رسمية اختزلت في زيارة يؤديها الرئيس الى حي التضامن.