فبعد أن قرر في خطوة أولى مغادرة الحكومة ودفع ممثليه فيها إلى المغادرة ولكنهم اختاروا البقاء في مناصبهم على العودة إلى الحزب بعد أن رفض رئيس الحكومة طلب الإعفاء من مهامهم، يقرر بعد اجتماع مكتبه السياسي نهاية الأسبوع المنقضي الانسحاب من وثيقة قرطاج، قرار جاء بعد يوم من حضوره الاجتماع الذي تمّ بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي والموقعين على وثيقة قرطاج وكان آفاق تونس من بين الحاضرين فيه.
بعد انسحاب الحزب الجمهوري من الحكومة ووثيقة قرطاج، أعلن آفاق تونس بدوره الانسحاب وأعزى ذلك إلى فشل سياسة التوافق بين حركتي نداء تونس والنهضة مما أفرغ وثيقة قرطاج من محتواها وأثمر أوضاعا اقتصادية واجتماعية متردية يتحمل أعباءها المواطن التونسي حاضرا ومستقبلا، مشددا على أنه ينسحب من منظومة وثيقة قرطاج طالما لا تزال تحمل التوافق المغشوش والذي شلّ مسيرة البلاد وأدّى بها إلى مستوى من الانحدار والخطورة طال جلّ مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأكد أنه يرفض أي شكل من أشكال التحالف أو التوافق مع حركة النهضة سواء على المستوى الحكومي أو الانتخابي وطنيا وجهويا ومحليا. وفِي ما يخص مبادرة التحالف الانتخابي لمجموعة الأحزاب العشرة فإن المكتب السياسي أقر مبدئيا مساندة هذا التمشي وتثمينه وسيرفع للمجلس الوطني الأمر للمصادقة النهائية.
توافق «مغشوش»
عضو المكتب السياسي لآفاق تونس زينب التركي أكدت في تصريح لها لـ«المغرب» أن موقف آفاق تونس منذ بيان 16 ديسمبر المنقضي كان واضحا بالخروج من منظومة الحكم المنبثقة عن وثيقة قرطاج التي تمّ إفراغها من محتواها وتمّت المطالبة بإعادة صياغتها بناء على تقييم قام به الحزب منذ مدة للمسار السياسي في البلاد، تقييم استنتج منه الحزب فشل المنظومة السياسية الحالية وخاصة فشل التوافق وبفشله فإنه لم يعدّ هناك مجال للقيام بالإصلاحات بأريحية بل حتى أنه أصبح عائقا يحول دون التقدم بأي خطوة في هذا الشأن. وعن حضور آفاق تونس الاجتماع الأخير مع رئيس الجمهورية، قالت التركي إن الحزب سبق له أن أكد في مناسبات عديدة بالرغم من قرار مغادرة الحكومة استعداده للحوار كما أنه ليس له أي إشكال مع رئاسة الجمهورية بل مع منظومة الحكم القائمة على سياسة التوافق «المغشوش» في إشارة خاصة إلى التوافق بين النداء والنهضة باعتبار أن حركة النهضة تسعى إلى الهيمنة من جديد.
قرار آفاق تونس بالانسحاب من وثيقة قرطاج لا رجعة فيه طالما لم تتغير الأمور، فالحزب يخير أن يكون موجودا في المعارضة على أن يشارك حركة النهضة الحكم أي أنه لن يدخل في أي نوع من الشراكة والتحالف حاليا أو بعد الانتخابات البلدية أو التشريعية القادمة مع حركة النهضة، فهذا قرار وفق زينب التركي واضح بالنسبة لآفاق تونس والنهضة لن تتعدى خط المنافس السياسي للحزب، وبالنسبة إلى تعامل آفاق مع الأحزاب الـ10 والتي عدد منها مازال موجودا في الحكم ووثيقة قرطاج على غرار المسار وحركة مشروع تونس ..، أشارت محدثتنا إلى أن الحزب يتعامل مع الأحزاب الـ10 في إطار الانتخابات البلدية بخوضها في قائمات موحدة وعلاقتهم مع منظومة الحكم أمر يعنيهم لوحدهم ولكن في نفس الوقت فإن تعامل آفاق تونس مع الأحزاب السياسية سيكون حسب علاقتها وتعاملها مع حركة النهضة. كما أوضحت أن الأحزاب الـ10 ستجتمع اليوم من أجل مواصلة مناقشة صيغة ومضمون خوض الانتخابات البلدية في قائمات موحدة.
مناصب شاغرة
وفيما يتعلق بقيادات آفاق تونس الممثلين في الحكومة، أكدت التركي أن الحزب كان قد مكّنهم من مهلة للاستقالة وتمت مراسلتهم في هذا الشأن ولكنهم اختاروا مواصلة العمل في الحكومة وبذلك فإنهم يعتبرون مستقيلين من الحزب ومن مهامهم فيه مضيفة أن الحزب مازال لم ينظر بعد في المناصب الشاغرة على غرار رئيس المجلس الوطني الذي كان يشغله وزير البيئة والشؤون المحلية رياض الموخر.
الأهم هو الانتخابات البلدية
حزب المسار اعتبر أن آفاق تونس حرّ في اتخاذ قرار الانسحاب من وثيقة قرطاج، حيث أكد المنسق الوطني للمسار جنيدي عبد الجواد في تصريح له لـ«المغرب» أن الأهم بالنسبة للمسار هو خوض الانتخابات البلدية بصيغة مشتركة في إطار الاتفاق الحاصل بين الأحزاب الـ 10 وفيهم من هو موجود في وثيقة قرطاج وكذلك العكس، فهذه الانتخابات لها قيمة محلية وتندرج في إطار تجسيم الباب السابع من الدستور ، مشددا على أن المسار هو ضدّ الاستقطاب الثنائي بين النهضة والنداء. وبين أن الحزب متمسك بوثيقة قرطاج إلى أن يأتي ما يخالف ذلك، مشيرا إلى أن الحزب كان قد أمضى على أولويات الوثيقة وقد التزم بذلك ولا يمكنه اليوم التراجع ولكن إعادة النظر تتم في صورة إقرار التوجه الذي تمّ الحديث عن جزء منه في الاجتماع الأخير مع رئيس الجمهورية وهو يجب أن تكون الحكومة حكومة أغلبية برلمانية ووثيقة قرطاج لم تعد لها قيمة. فالمسار سيواصل تقييمه لكافة المسارات من العمل الحكومي إلى الانتخابات البلدية، وستعقد الأمانة الوطنية للحزب اجتماعها الدوري يوم الخميس المقبل لتحديد تاريخ انعقاد مجلسه المركزي.