11 أمين عام لحزب ومنظمة وطنية يتقدمهم رئيس الجمهورية، جلسوا أمس على طاولة الحوار بقصر قرطاج، في اول لقاء يجمعهم بعد حوالي سنة ونصف، كان ما تم فيها موضوع النقاش، الذي شهد توترا في ظل اختلاف تقييمات الجميع وعدم اتفاقهم على الحل، فهو بالنسبة للنداء حكومة تعكس النتائج الانتخابية، وللنهضة التوافق ولا شيء غيره، ولبقية الأحزاب
العودة لروح الوحدة الوطنية أما المنظمات فهي تنظر لكل الأحزاب على أنها في سلة واحدة، صبيانية لم تع أهمية الوضع الراهن الذي تمر به البلاد، اختلافات دفعت بالباجي قائد السبسي إلى تحديد موعد ثان لاستكمال الحوار.
غادر ممثلو الأحزاب والمنظمات الوطنية أمس قصر قرطاج وكل واحد منهم كان راضيا عما صدر عنه من مواقف وما استمع له من توصيات رئيس الجمهورية كان ابرز ما تضمنه اللقاء الذي دام حوالي ثلاث ساعات من صباح امس، وشارك فيه 3 أمناء عامين للمنظمات الوطنية، اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف واتحاد الفلاحين. و7 أمناء عامين لأحزاب أمضت على وثيقة قرطاح، والناطقة الرسمية باسم الاتحاد الوطني الحر، في تعويض للأمين العام الذي جمد نشاطه السياسي.
لقاء انطلق باستقبال الرئيس الباجي قائد السبسي للمشاركين، مع تسجيل تأخر التحاق الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، قبل ان يطلب الرئيس منهم الجلوس الى الطاولة والاستماع الى كلمته التي بثت على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، فالرئيس لم يرد ان يتوجه للاحزاب فقط بل الى الشارع التونسي كما توضح مصادر من القصر الرئاسي.
ففي كلمته التي استهلها بتذكير الجميع بأسباب إطلاقه لمبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية، العديد من الرسائل بعضها كان في شكل «لمز» مبطن للأحزاب، فرئيس الدولة ذكرهم انه اتفق وإياهم على تقييم الوضع الذي مرت به تونس في 2016 وعلى ان المخرج منه كان في رسم خارطة طريق أفرزت في النهاية حكومة وحدة وطنية كلفت بتطبيق الأولويات الستة للمرحلة.
هنا انطلق رئيس الدولة يقيم ما حققته الحكومة خلال عملها، مع الإشارة إلى أنها واجهت عدة صعوبات، ففي نقطة مكافحة الارهاب نجحت الحكومة والقوات الامنية والعسكرية في تحقيق تقدم، وفي ملف الانتعاش الاقتصادي سجلت مؤشرات ايجابية وان كانت غير كافية، فالحكومة حققت نموا في السنة الفارطة بحوالي 2.6 % كما انها نجحت في تسجيل انتعاشة للقطاع السياحي الذي حقق عائدات تجاوزت 2.5 مليار دينار السنة الفارطة بعد ان كانت تعاني من سنوات «كارثية». وكذلك الأمر بالنسبة للفلاحة وبدرجة اقل لقطاع الفسفاط. لكن ما لم تنجح فيه الحكومة هو قطاع المحروقات والطاقة الذي لم يسجل اي تحسن، وبالاساس التشغيل الذي لم تتحسن مؤشراته.
هنا لم يغفل رئيس الدولة على ان يعرج على قانون المالية الذي شدد على انه عرض على مجلس النواب وتمت المصادقة عليه، وانه وان تضمن اجراءات موجعة فانه ضروري لتحقيق التوازنات المالية فالحكومة ولاول مرة لن تخرج الى السوق الدولية للاقتراض خلال 2018 وفق المؤشرات المبدئية، كما اعلن ان السنة الحالية ستكون سنة التشغيل والتعليم والصحة العمومية .
هذه الخطوة اعتبرها رئيس الدولة هامة، قبل ان يمر للملف الثاني وهو المناخ السياسي في تونس، ليذكر انه يحترم موقف الحزب الجمهوري القائل بالانسحاب من وثيقة قرطاج وبالمثل يتفهم انسحاب آفاق تونس من الحكومة، كما انه لا يعارض ان يفكر السياسيون في الترشح للانتخابات الرئاسية بل هو يعتبر ذلك حقا لهم لكن عليهم ان يشرعوا منذ الان في صياغة مشروعهم وتقديمه للتونسيين. هنا التحق نور الدين الطبوبي بقاعة الاجتماع، بعد مرور اكثر من 20 دقيقة على بدء كلمة رئيس الدولة الذي ظل المقعد المجاور له على اليمين في انتظار امين عام الاتحاد.
باكتمال عدد المشاركين استمر رئيس الدولة في كلمته المتعلقة بحق كل شخص في الترشح للانتخابات الرئاسية، ليشدد على انه لابد ان يكون للطامح مشروع وتصور يتضمن الملف الاجتماعي، فتونس من وجهة نظره ومنذ الاستقلال اختارت المراهنة على إحداث التوازن الاجتماعي، وقناعة رئيس الدولة اليوم تقول انه لا ديمقراطية دون ترسيخ هذا الجانب كما استكمال مسار تمكين المرأة.
عند هذه النقطة ذكر الباجي قائد السبسي مستمعيه انه بادر بإحداث لجنة المساواة والحريات الفردية التي التقى بها في بداية الأسبوع وقدمت له ما توصلت إليه من أعمال اعتبرها في المسار الصحيح وستؤدي إلى المساواة بين الجنسين دون استفزاز المشاعر الدينية للتونسيين. ليختتم كلمته بالانتخابات البلدية وأهميتها وضرورة ان تستعد لها الأحزاب لتجنب فشلها.
هنا قطع البث المباشر للكلمة بعد ان رفض امناء المنظمات الوطنية وعدد من قادة الاحزاب بثها، ليفسح المجال لكل طرف للتدخل، ليشدد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على اهمية التدخل ويعلن انه وحركته مع تعزيز التوافق وخياره، ولتتحدث الامينة العامة لمنظمة الاعراف وداد بوشماوي التي ركزت في كلمتها على نقد خيارات الحكومة وقانون ماليتها، واعتبرت انها تفتقد لرؤية واضحة مما فاقم من الصعوبات الاقتصادية.
انتقاد بوشماوي للحكومة شمل ايضا انتقاد الطبقة السياسية لكن دون التصريح الحاد كما فعل اتحاد الشغل على لسان امينه العام نور الدين الطبوبي الذي انتقد ما اعتبره صبيانية الطبقة السياسية وعدم إدراكها لرهانات المرحلة ليدافع عن الحكومة ضمنيا ويطالب بدعمها لتنجز المطلوب منها.
دعم الطبوبي للحكومة جاء بعده انتقاد المدير التنفيذي للنداء حافظ قائد السبسي لها، واعتباره ان الوقت حان لتعكس تركيبة الحكومة الاوزان الانتخابية وان يغادر كل من يعارض الحكومة ارضية وثيقة قرطاج في انتقاد لحركة الشعب والمسار وافاق تونس والمشروع.
انتقاد تطور ليصبح هجوما على منسق المسار الديمقراطي الجنيدي عبد الجواد، الذي هاجمه قائد السبسي الابن وقال له انه لو طبقت الاوزان الانتخابية فلا مكان له على طاولة الحوار، هنا ثار عبد الجواد وتدخل ليوجه نقدا حادا وقاسيا لحافظ ويذكره بان الحكومة قائمة على روح الوحدة لا المحاصصة الحزبية بالاستناد للأوزان الانتخابية وذكره بما أتاه النداء من انتهاك لهذه الروح، ليتدخل لاحقا رئيس الجمهورية ويطالب نجله بالصمت وعدم تكرار هذا القول غير المقبول منه.
وأضاف حافظ قائد السبسي انه متمسك بروح الوحدة الوطنية التي لا تعير قيمة للأوزان الانتخابية وانه متمسك بالشاهد وحكومته، ليوضح للجميع النقاط المسموح بخوضها والجدل بشأنها، ويفسح المجال للبقية للحديث والاستماع لانتقاداتهم التي طالبهم في اخر اللقاء بان يصوغوها في مقترحات عملية تقدم في اللقاء القادم قبل نهاية شهر جانفي الجاري، ويعلن انتهاء اللقاء.
قائمة المشاركين
زهير المغزاوي: الامين العام لحركة الشعب
كمال مرجان: الامين العام للمبادرة
ياسين ابراهيم: الامين العام لافاق تونس
محسن مرزوق: الامين العام للمشروع
راشد الغنوشي: رئيس حركة النهضة
حافظ قائد السبسي: المدير التنفيذي لنداء تونس
جنيدي عبد الجواد: منسق المسار الديمقراطي
سميرة الشواشي: الاتحاد الوطني الحر
نور الدين الطبوبي: الامين العام لاتحاد الشغل
وداد بوشماوي: الامينة العامة لمنظمة الاعراف
عبد المجيد الزار: الامين العام لاتحاد الفلاحين