مع دخول قانون المالية لسنة 2018 حيز التنفيذ بتفعيل زيادات جديدة بعد الترفيع في الأداء على القيمة المضافة بنقطة في كل النسب إلى جانب زيادات طالت المحروقات والغاز المنزلي وكذلك الترفيع في سعر أكثر من 2000 نوعية من الأدوية وفق بلاغ صادر عن الصيدلية المركزية، تعالت الأصوات الرافضة والمحذرة من تداعيات هذه الزيادات خاصة على مستوى المناخ الاجتماعي على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالب بعد اجتماع مكتبه التنفيذي أمس رئيس الحكومة بتقديم توضيحات في هذا الشأن محذرا إياه من تداعيات هذه الزيادات وذكره بالاتفاق الممضى سابقا، أحزاب المعارضة تتالت أيضا ردود أفعالها الرافضة ودعت إلى التظاهر والنضال لتعليق العمل بقانون المالية في إشارة إلى حزب العمال وحركة الشعب وحزب التيار الشعبي والجبهة الشعبية.
لئن حاولت وزارة التجارة في بيان توضيحي لها التأكيد على أن 8 مواد غذائية مدعومة حافظت على الأسعار المعمول بها سنة 2017 وهي الخبز بصنفيه الكبير والباقات والكسكسي والمقرونة والسميد والحليب والزيت النباتي والسكر، فإن الزيادات التي تمت على مستوى مواد استهلاكية أساسية، المحروقات والغاز المنزلي، رغم تأكيدات وزير الطاقة والمناجم خالد بن قدور أنها تندرج في إطار التعديل الآلي للمحروقات، قد أثارت استياء واستغراب العديد من الأطراف وعموم المواطنين، لتقرر لجنة المالية بمجلس نواب الشعب حسب تأكيدات رئيسها المنجي الرحوي استدعاء كل من وزير المالية رضا شلغوم ووزير التجارة عمر الباهي للاستماع إليهما صلب اللجنة بخصوص الزيادات الأخيرة التي طالت عددا من المواد الأساسية.
ضرب لمصداقية التفاوض
الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل بوعلي المباركي أكد لـ«المغرب» أنه تمّ التطرق خلال اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد أمس إلى عدة مواضيع في علاقة بالوضع الداخلي للاتحاد ومتابعة المؤتمرات المبرمجة إلى جانب ما تمّ تداوله في اليومين الأخيرين بخصوص الترفيع في أسعار بعض المواد واعتبر المكتب التنفيذي هذه الزيادات ضربا لمصداقية التفاوض والاتفاقات مع الحكومة كما ستكون لها تداعيات سلبية على البلاد وعلى المواطنين بصفة خاصة، مشيرا إلى أن المكتب التنفيذي يذكر الحكومة بالاتفاق الممضى منذ حوالي الأسبوعين بين الأمين العام نور الدين الطبوبي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد في هذا الشأن، وشدد على ضرورة الالتزام ببنود الاتفاق وفي صورة كان العكس فإن ذلك سيكون له أثر على مستقبل المفاوضات.
المباركي أكد أن هذه الزيادات هي ضرب للقدرة الشرائية للمواطن والتي هي «متهرية» أصلا، ومن هذا المنطلق فإن الاتحاد يدعو الحكومة إلى ضرورة التراجع عنها لاسيما وأنها زيادات تثير «الاستغراب» باعتبار أن الحكومة تدرك جيدا أن الترفيع في الأسعار سيكون له انعكاس جد سلبي على حياة المواطنين والمناخ الاجتماعي واستقرار البلاد. وأضاف المباركي أن الاتحاد سيطالب الحكومة بتقديم توضيحات حول هذه المسألة أي إصدار بيان توضيحي في هذا الشأن، كل هذه النقاط سيتم توضيحها خلال لقاء الأمين العام برئيس الحكومة.
التصدي لإجراءات الزيادة في الأسعار
تواصل إصدار البيانات المنددة بالزيادات في الأسعار، فبعد أن أصدر كل من حركة الشعب والتيار الشعبي وحزب العمال بيانات، كل على حدة، أصدرت الجبهة الشعبية أمس بعد اجتماع مجلسها المركزي بيانا دعت فيه إلى ضرورة التصدي لإجراءات الزيادة في الأسعار التي قالت إنها ستزيد في تفقير الطبقات الشعبية والوسطى واعتبرتها « مقدمة لسلسلة إجراءات تقشفية أخري فرضها صندوق النقد الدولي». واعتبرت في ذات البيان حكومة يوسف الشاهد بمثابة الإدارة المحلية التابعة لصندوق النقد الدولي تنفذ خياراته لضرب كل المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين والتونسيات وتحميلهم نتائج فشل خياراتها وخيارات الائتلاف الحاكم.
الجبهة الشعبية دعت أيضا كل القوى السياسية والاجتماعية والوطنية والتقدمية وعموم أبناء الشعب التونسي وبناته المتضررين من الإجراءات الأخيرة ومما سيتبعها من إجراءات أخرى، لرصّ الصفوف استعدادا للنضال في إطار ما وصفته بـ«حركة نضالية مدنية سلمية لإسقاط هذه الإجراءات وتعليق العمل بقانون المالية». وأكدت أن إقدام الحكومة على «تفعيل زيادات جديدة شملت المواد الأساسية من المحروقات والغاز وخدمات الهاتف الجوال والانترنيت، وموادا وسلعا أخرى بناء على الإجراءات التي نص عليها قانون المالية الجديد والذي فرضته أغلبية الائتلاف اليميني الرجعي الحاكم هو مواصلة لضرب المقدرة الشرائية للتونسيين». وأضافت أن من شأن الزيادات الأخرى المنتظرة الناجمة عن الترفيع في الأداء على القيمة المضافة « أن تفاقم الفقر والبؤس في صفوف الشعب.»
إعلان حالة الطوارئ الاجتماعية
حزب البناء الوطني بدوره شدد على أن الزيادة الأخيرة في سعر المحروقات ستترتب عنها زيادات آلية في تكلفة الإنتاج بما سيدفع حتما للزيادة في أسعار كل المواد الاستهلاكية المنتجة محليا، مشيرا إلى أن مثل هذه الزيادات ستجعل حياة المواطنين أكثر صعوبة وهو ما سيراكم معاناتهم اليومية لتوفير مستلزمات الحياة الكريمة. كما أكد في بيان له أنّ «التوجهات والإجراءات التي وضعتها الحكومة في قانون المالية وانتزعت مصادقة المجلس النيابي عليها، لم تراع الوضع الاجتماعي المتدهور وحملت المواطن التونسي متوسط الدخل كلفة الأزمة الاقتصادية وانخرام التوازنات المالية. وقد ذهبت هذه الإجراءات الجبائية الأخيرة بكل الزيادات في الأجور وأخلت بشكل كببر بالمقدرة الشرائية للمواطنين». هذا ودعا الحزب في ذات البيان الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ الاجتماعية ووضع موازنات منصفة تنتصر للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين، وتحافظ بذلك على الحد الأدنى من شروط استمرار تجربة الانتقال الديمقراطي.
تعليق النشاط
قررت الجامعة الوطنية للنقل التابعة لمنظمة الأعراف اثر اجتماع طارئ، تعليق نشاط كافة الناقلين الدوليين المتعاملين مع الشركات المصدرة كليا بمينائي رادس وحلق الوادي بداية من يوم أمس وذلك على خلفية إقرار قانون المالية الجديد لمعلوم الكشف بالأشعة على المجرورات في كل عملية توريد، أي في إطار تطبيق الفصل عدد 42 والقاضي بإحداث معلوم يوظف على مراقبة وحدات الشحن بالأشعة عند القبول المؤقت والذي يطلق عليه «معلوم الكشف بالأشعة على وحدات الشحن» . ويشار الى أن النص الأصلي حسب بيان الجامعة لمشروع قانون المالية والذي تمّ درسه من قبل منظمة الأعراف لم يشمل هذا المعلوم بل تمّ الحديث عن وحدات الشحن ذات 20 و40 قدما والذي تمّ رفضه في كامل المناسبات التي تمّ خلالها دراسة المشروع واعتبر الحاضرون أن التغيير في النص بعد إبداء الرأي هو نوع من المغالطة المرفوضة.