الانتخابات الجزئية بألمانيا وخسارة الأحزاب الحاكمة إضافة لضعف نسبة المشاركة، هذا الحدث طغى وبرز أمام العشرات من الأحداث الهامة، انطلقت بإقالة وزير التربية ناجي جلول وانتهت إلى إعلان سليم الرياحي تجميد نشاطه السياسي.
يودع التونسيون غدا سنة 2017 وما حملته من أحداث ستظل انعكاسات بعضها تلاحقهم في السنة الادارية الجديدة، خاصة تلك التي باتت تميز المشهد العام منذ 2011، أزمات سياسية تطفو وتختفي وأزمات اقتصادية واجتماعية تشتد حدتها رغم مراهنة حكومة الشاهد على إيجاد مخرج منها، عبر جملة من الإصلاحات لا يزال الموجع منها لم يناقش بعد.
نقاش يبدو انه لن يكون هينا في السنة الجديدة التي تدخلها حكومة الشاهد وقد توترت علاقتها بمنظمة الأعراف، بسبب قانون مالية 2018، توتر لا يشبه التوتر السابق الذي اتسمت به العلاقة بينها وبين اتحاد الشغل في ملف وزارة التربية، والإصلاحات الاقتصادية.
سنة 2017 التي انطلقت فيها حكومة الشاهد ورئيسها بخطاب «قوي» تضمن تعهدات عديدة، لم تصمد أمام الضغوط التي وجدت نفسها أمامها، وأولها الصراع بينها وبين نقابات التعليم الذي انتهى بان أقال رئيس الحكومة يوسف الشاهد كلا من وزير التربية ناجي جلول ووزيرة المالية لمياء الزريبي، الأول أقاله لامتصاص غضب النقابيين وارضاء المركزية النقابية. أما الثانية فقد أقيلت بسبب عجزها عن إدارة ملف سعر الدينار، الذي شهد في شهر افريل انهيارا في قيمته بأكثر 15%.
ليست هذه الازمات الوحيدة التي مرت بها تونس في الثلاثي الثاني من 2017، الذي لم يغادر دون ان تثار ازمة اشد حدة وهي استقالة رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات واثنين من اعضائها، استقالة عصفت بالهيئة وكادت ان تنهيها بسبب كيفية ادارة من تبقى من افرادها للازمة التي لم تنتهي بانتخابات رئيسها الجديد محمد الناصر التليلي وانما بانجاز الانتخابات الجزئية بألمانيا، وباتفاق داخلي بين أعضائها على معالجة خلافاتهم دون نشر الغسيل في الاعلام للحفاظ على مصداقية الهيئة.
النصف الأول من سنة 2017 ايضا شهد إطلاق الحكومة لحربها على الفساد حرب خمد لهيبها لاحقا واقتصرت على حملة إيقافات شملت شفيق الجراية والمرشح الرئاسي السابق ياسين الشنوفي ورجال أعمال آخرين.
حرب دفعت بالحزبين الكبيرين في البرلمان الى التدخل ومحاولة لجم هذه الحملة ومنع وصولها إلى مربعيهما، محاولة انطلقت بإصدار بيان مشترك بين النهضة والنداء، لتكون بذلك أول محاولة علنية في 2017 لفرض التحالف الاستراتيجي بينهما على انه أمر واقع.
تحالف تعزز أكثر لاحقا وعبر عن نفسه في إطلالة رئيس الحركة راشد الغنوشي في قناة نسمة لرسم ملامحه التي انهارت سريعا يومها بعد تدخل رئاسة الجمهورية بشكل غير مباشر. برفض الشروط التي وضعها راشد الغنوشي للشاهد ومنها عدم الترشح لانتخابات 2019.
تدخلات رئاسة الجمهورية ضد خيارات حركة النهضة تعددت في النصف الثاني من السنة، انطلقت من بعث الرئيس الباجي قائد السبسي لجنة الحريات الفردية والمساواة التي كلفت بالعمل على تطوير مجلة الأحوال الشخصية وصياغة مشروع مجلة الحريات الفردية. دعوة قابلتها النهضة برفض مبطن قابله الرئيس بالقول انها لم تتطور بعد لتصبح حزبا مدنيا، انتقاد علني كان الأول من نوعه دفع الحركة الى شراء رضا الرئاسة بمصادقة أعضاء كتلتها على قانون المصالحة الإدارية، وهي عملية أبرزت انقسام الكتلة.
الانقسام والانسحاب أيضا كانا جزء من السنة السياسية التي نودعها، فبعد التحوير الوزاري الذي اجراه رئيس الحكومة يوسف الشاهد وشمل 13 وزيرا و7 كتاب دولة، انسحب الحزب الجمهوري من الحكومة ولاحقا انسحب افاق تونس، ليهترىء أكثر حزامها السياسي.
ضعف اصاب حكومة الشاهد جعل من فرص بقائها تنخفض، لولا زلزال ألمانيا الذي أعاد الروح اليها على الاقل في الاشهر 6 القادمة، فالانتخابات الجزئية الألمانية التي فرضها التحوير الوزاري بسبب تسمية النائب عن المانيا ككاتب دولة، انقدت الحكومة بعد ان خسرت احزاب الحكم هناك امام مرشح مستقل.
خسارة فعلت فعلها في المشهد لتلوّح حركة نداء تونس، بعد سنتين ونصف بمراجعة تحالفها مع النهضة في رد فعل «حماسي» سرعان ما خفّت وتيرته ليصبح بحثا عن مخرج يقيه خسارة الانتخابات البلدية التي حدد موعدها في 6 من ماي القادم.