بعد برنامجي المغادرة الاختيارية والتقاعد المبكر: الحكومة تعدّ مشروعا جديدا للوظيفة العليا لجلب الكفاءات الكبرى للوظيفة العمومية

تولي حكومة يوسف الشاهد أهمية كبرى للوظيفة العمومية، وتسعى إلى أن تكون سنة 2018 الانطلاقة الفعلية للإصلاحات الكبرى،

حيث وضعت إستراتيجية كاملة من أجل التقليص في الأعباء المالية المتعلقة بالوظيفة العمومية وكذلك النزول بكتلة الأجور إلى 12.5 بالمائة بحلول سنة 2020، إستراتيجية تضمّ مبدئيا 6 برامج أساسية، بعضها جاهز والبعض الآخر مازال في طور الإعداد، وتتمثل بالأساس في الإحالة على التقاعد المبكر بصفة اختيارية برنامج سيساهم في اقتصاد 100 مليون دينار والمغادرة الاختيارية، حوالي 280 مليون دينار وترشيد الانتدابات في الوظيفة العمومية وترشيد الزيادات في الأجور وإعادة انتشار الموظفين في الوزارات وبين الوزارات والجهات وبرنامج الوظيفة العليا، علما وأن الأخير هو آخر ما تعمل عليه الحكومة.

تدرك الحكومة جيدا تداعيات الإصلاحات التي ستقوم بها على مستوى الوظيفة العمومية وكذلك على مستوى إعادة هيكلة المؤسسات العمومية التي تعاني من صعوبات مالية كبرى وأن مهمتها لن تسير على نسق ثابت، إصلاحات قد تجابه بمقاومة اجتماعية كبيرة لاسيما من طرف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالما يرفض المساس بهذه المنظومة كما أنه يعتبر التفويت في المؤسسات العمومية خطا أحمر، فغاية الحكومة السنة القادمة هي محاولة للتقليص من الأعباء بمغادرة ما لا يقل عن 16 ألف موظف بصفة اختيارية سواء في إطار برنامج الإحالة على التقاعد المبكر، في حدود 6 آلاف أو المغادرة الاختيارية، حوالي 10 آلاف.

استقطاب طاقات خارقة للعادة
أكد الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي لـ»المغرب» أن الحكومة تعكف على إعداد مشروع قانون جديد يخص الوظيفة العليا والأشغال فيه بلغت أشواطا متقدمة من أجل تمكين الوظيفة العمومية من استقطاب طاقات خارقة للعادة للعمل صلبها والمقصود بهذا المشروع هو انتداب عدد محدود جدا، 100 شخص، على امتداد 4 سنوات، ويأتي هذا المشروع على خلفية وجود بعض الإشكاليات في استقطاب بعض الكفاءات وتعيينها في مراكز عليا في الوظيفة العمومية، كفاءات لم تتمكن من جلبها بالطريقة العادية وفي هذا الصدد فإن هذا المشروع سيسهل العملية باعتبار أن الكفاءات المزمع جلبها تشغل مناصب عليا في القطاع الخاص في تونس أو خارجها، فالمهم هي كفاءات وطنية وطريقة انتدابها تكون شفافة، وهذا القانون معمول به في أغلب الدول. وأضاف أن عملية استقطاب هذه الكفاءات من القطاع الخاص إلى الوظيفة العمومية تستدعي توفير بعض الحوافز التشجيعية باعتبار أن أجره الشهري في القطاع الخاص عادة ما يكون أكثر من ضعف أجور الوظيفة العمومية.

مشروع المغادرة الاختيارية في انتظار الجلسة العامة
تنتظر الحكومة بعد مصادقة لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بمجلس نواب الشعب مؤخرا على مشروع القانون المتعلق بالمغادرة الاختيارية للأعوان العموميين تعيين جلسة عامة للمصادقة عليه نهائيا ويصبح نافذ المفعول، ويهدف مشروع القانون إلى ترشيد الموارد البشرية بالوظيفة العمومية والتحكم في كتلة الأجور التي أصبحت تمثل عبئا ثقيلا على المالية العمومية بسبب ارتفاع عدد الأعوان بالوظيفة العمومية وارتفاع كتلة الأجور لتبلغ 15531 مليون دينار سنة 2017، دون احتساب الاعتماد الجبائي والإجراءات المصاحبة للتحكم فيها مما يجعل نسبتها في حدود 14.7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وتنسحب أحكام هذا القانون على أعوان المؤسسات والمنشآت العمومية من خلال تمكين العون العمومي وبطلب منه من المغادرة الاختيارية للقطاع العام، مقابل منحة مغادرة تصرف دفعة واحدة وبصفة فورية يتكفل المشغل الأصلي بدفعها للأعوان الذين قبلت مطالبهم، وتساوي المبلغ المعادل 36 أجرا شهريا صافيا. وستتولّى الإدارة مراعاة التوازنات العامّة والقطاعية للموارد البشرية عند دراسة المطالب حتى لا يؤدّي هذا البرنامج إلى الاستغناء عن الكفاءات في الإدارة التونسية وعلى الموظفين الراغبين في الانتفاع ببرنامج المغادرة الاختيارية التقدّم بمطلب عن طريق التسلسل الإداري. كما يتمتع بجراية تقاعد، بطبيعة الحال عند بلوغه السن القانونية للتقاعد، أو منحة شيخوخة حسب التشريع الجاري به العمل.

التقاعد المبكر يفعل بداية من جانفي المقبل
قانون الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية في قطاع الوظيفة العمومية والذي صادق عليه مجلس نواب الشعب ينتظر أن يتم تفعيله انطلاقا من غرة جانفي 2018 ، هذا الإجراء يمكن أن يساهم في اقتصاد 100 مليون دينار، وتنطبق أحكامه على الأعوان والعملة المنتمين لمختلف أسلاك الوظيفة العمومية من الذين قضوا فترة العمل الدنيا المشترطة للحصول على جراية التقاعد. وتضمن هذا القانون التأكيد على الطابع « الاختياري « للإحالة على التقاعد المبكر قبل بلوغ السن القانونية. أما بالنسبة إلى مشروع قانون إعادة انتشار الموظفين في الوزارات وبين الوزارات والجهات، فمازال قيد الإعداد وسيمكن هذا المشروع من ضمان عدم تفريغ الإدارة وخلق توازن بين جميع الإدارات مع تمكين الموظفين الراغبين في ذلك من منحة تحفيزية للاستقرار في الجهة المنتقل إليها.

لقاء تشاوري
بالتوازي مع هذه الإصلاحات، فإن الحكومة تبحث عن إستراتيجية متكاملة من أجل إصلاح المؤسسات العمومية، وقد انتظم منذ أيام لقاء تشاوري بين ممثلين عن الحكومة وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل حول تصنيف المؤسسات العمومية، اجتماع لم ينبثق عنه قرارات بل تمّ التشاور فيه حول الهيكلة المالية للمؤسسات العمومية وتصنيفها، مع الإشارة إلى أن المؤسسات العمومية قد عرفت في الفترة ما بين 2010 و2015 خسائر تفوق 5 مليار دينار وهو ما يمثل خطرا كبيرا على التوازنات الاقتصادية ونجاعة المرفق العام وتوفير الخدمات العمومية. كما ستؤثر هذه الوضعية تأثيرا مباشرا على مواطن الشغل والموارد البشرية العاملة بهذه المؤسسات وحتى على النظام البنكي والصناديق الاجتماعية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115