عنها لو لا الهفوة الكبرى المتمثلة في توجيه دعوة لرئيس مجلس نواب الشعب ولأعضاء المكتب ورؤساء الكتل، ليستقبلهم في قصر الرئاسة بقرطاج كأنه هو المضيف وهم الضيوف.
لم تمر زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان دون ان تثير «غضب» رؤساء كتل برلمانية، هم بالأساس عبد الرؤوف شريف رئيس الكتلة الحرة، وليليا الكسيبي رئيسة كتلة آفاق تونس ونداء التونسيين بالخارج التي كانت مصحوبة بريم محجوب زميلتها بالحزب والكتلة. هذا الثلاثي قرر الانسحاب من اجتماع مقرر مع الرئيس التركي، ليلتحق بقائمة المقاطعين وهم بالاساس نواب الجبهة الشعبية في مكتب المجلس ورئيس كتلتها.
مقاطعة كانت لتمر دون الكثير من اللغط، لولا تشديد المقاطعين على ان الانسحاب سببه «اهانة» رموز السلطة التشريعية من قبل أعوان جهاز الأمن المرافق للرئيس التركي وفريقه، الذي تضاربت المعطيات حول ما أتاه في قصر قرطاج، أين عقد الاجتماع بين أردوغان وممثلي مجلس النواب بعد إلغاء زيارته هو إلى المجلس كما كان مقررا.
ففي الرواية التي يتفق فيها الغاضبون ورئاسة الجمهورية، تعرض رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر الى المنع من دخول قاعة الاجتماع من قبل أفراد الأمن التركي المكلفين بحماية اردوغان، والسبب وفق مصدر من رئاسة الجمهورية، عدم وصول الرئيس التركي إلى قاعة الاجتماع.
منع رئيس مجلس نواب الشعب يضاف إليه وفق رواية أخرى، تفتيش قاعة الاجتماع من قبل الحرس التركي، وهي قاعة بقصر قرطاج الرئاسي مما يعني ان حمايتها وتامينها وتفتيشها من مشمولات الامن الرئاسي التونسي.
عملية تفتيش، لم تنفها رئاسة الجمهورية بشكل صريح، بقدر نفيها لقيام الامن التركي بتفتيش محمد الناصر او دعوته لمغادرة القاعة التي قالت مصادر بقصر قرطاج انه وقع توفيرها للجانب التركي لاستقبال ممثلي المجلس ورئيسه بعد تعذر زيارة المجلس، وان الامن التركي كان خارج القاعة يؤمنها.
تفاصيل هذه الحادثة تقدمها النائبة بمجلس الشعب عن آفاق تونس ريم محجوب في تصريح لـ«المغرب» أكدت فيه مغادرتها لاجتماع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان برئيس مجلس نواب الشعب ورؤساء الكتل النيابية وأعضاء مكتب المجلس بسبب تجاوزات عديدة، انطلقت من تغيير مكان الاجتماع.
تغيير ارتبط بخلاف بين القائمين على البروتوكول بمجلس نواب الشعب وللرئيس التركي، حيث طالب الجانب التركي ان يجلس رجب طيب على مقعد رئيس المجلس، في قاعة اجتماعات مكتبه، وهو ما رفضه الجانب التونسي وتسبب في إلغاء الزيارة للمجلس.
إلغاء يضاف إليه منع رئيس البرلمان محمد الناصر وأعضاء مكتب المجلس ورؤساء الكتل من دخول قاعة الاجتماعات بقصر قرطاج التي كان من المبرمج ان يلتقي فيها الوفد بأردوغان، من قبل أعوان الأمن التركي، لم يصدر عن مكتب المجلس ما يؤكده او ينفيه، او يشرح من الجهة التي دعت للقاء بقصر قرطاج.
فوفق مصدر من قصر قرطاج الرئيس التركي هو من وجه الدعوة الى الطرف التونسي ليستقبله في قصر الرئاسة، وهو ما أكده لاحقا عبد الرؤوف الشريف رئيس كتلة الحرة لـ«المغرب» بتقديمه لتفاصيل الحادثة، التي انطلقت من خلاف بروتوكولي عكس رغبة الجانب التركي في «ترؤس اللقاء».
عبد الرؤوف الشريف الذي قرر مقاطعة الاجتماع قبل تسجيل حادثة المنع، فسر مقاطعته بانها جاءت بسبب «استقبال الجانب التركي للقاء» وهو ما يتعارض مع ما اعلم به من ان المجلس هو من يستقبل اللقاء والرئيس التركي، ليكتشف لاحقا في قصر قرطاج «ان اردوغان استضافهم في تونس».
استضافة يوضحها الشريف أكثر بقوله «ما وجدناه ان اردوغان هو من استدعانا وليس نحن من استدعاه» لوصف ما جد في قصر الرئاسة بقرطاج، الذي اشار الى انه شهد حادثة منع رئيس المجلس وتفتيش قاعة اللقاء من قبل الامن التركي وفق ما بلغه من زملائه ظلوا في الاجتماع. معلومة ينقلها الشريف مع التشديد على انها بلغته ولم يكن شاهد عيان عليها.
الاشكال الذي جد يوم امس، لا يقتصر عن منع رئيس المجلس او تفتيش قاعته فقط، وهو محل نفي من رئاسة الجمهورية، بل هو اشد ان تعلق الامر بمخالفة الاعراف الدبلوماسية والبروتوكولية، حيث استغل رئيس دولة اجنبية قصر الرئاسة التونسي ليستقبل وفد تونسيا رفيع المستوى، وكانه هو رئيس الدولة وليس ضيفا عليه.
خطأ لا يمكن ان يتجاهل ما يحمله من دلالات سياسية كبرى.