تصاعدت حدتها خلال السنوات الـ7 الفارطة، لكن اليوم هذا التوتر اتخذ منعرجا جديدا بعد منع السلطات التونسية الناقلة الجوية الاماراتية من النزول في مطارات تونس الى حين رفع منع السفر عن النساء التونسيات إلى وعبر الامارات.
صباح الجمعة الفارط منع عدد من التونسيات من السفر الى وعبر الإمارات العربية المتحدة من قبل اعوان التسجيل والاستقبال في الناقلة الجوية «طيران الامارات»، ساعات بعد رفع هذا الحظر اثر تدخل رسمي، أعلنت عنه وزارة الخارجية التونسية التي أكدت ان المنع كان محددا وظرفيا اتخذ اثر ورود معلومات أمنية بوجود تهديد.
سلسلة أحداث لم تتوقف عند يوم الجمعة بل عادت من جديد يوم السبت بمنع مسافرة تونسية في مطار رفيق الحريري ببيروت من السفر الى الصين عبر مطارات الامارات، منع استوجب تدخل السفير التونسي بلبنان لتسافر الفتاة لوجهتها.قبل ان يتطور الامر اكثر لاحقا بمنع جديد لتونسيات من السفر.
منع تعاملت معه المؤسسات الرسمية التونسية بحذر في ساعاته الأولى، فقد انتظرت ان تطلع على التفاصيل والأسباب، لتقرر لاحقا التدخل على غرار وزارة الخارجية التي صعّد القائم عليها خميس الجهيناوي من حدة خطابه بقوله ان «تونس ليست تابعة للإمارات» في إشارة الى عدم إعلام السلطات التونسية بقرار المنع قبل تنفيذه.
تعامل إماراتي اعتبر خرقا للمواثيق الدبلوماسية مما استوجب طلب اعتذار رسمي منها، وهو ما طالب به الجهيناوي صراحة حينما اشار الى ان الجهات الاماراتية أبلغته اعتذارها وأعلمته ان سبب المنع «امني» حيث تخشى الإمارات من ان تنفذ تونسية او حاملة لجواز سفر تونسي لعملية إرهابية، وفق معطيات أمنية متوفرة لديها.
خشية الإمارات لم تكن مقنعة للسلطات التونسية لتتخذ قرارها بمنع نزول الطيران الإماراتي في مطارات تونس، الى حين رفع المنع، مع إطلاق مسار دبلوماسي لمنع تفاقم الأزمة وبلوغها مرحلة جديدة، خاصة وان العلاقة تشهد منذ 7 سنوات فتورا وتقلبات عدة.
سنوات سبع كانت فيها العلاقات التونسية الإماراتية شبه ثابتة في خانة «التوتر» أحيانا يبرز للعيان وأخرى «يكتم»، ويعبر عنه عبر آليات أخرى على غرار وقف السلطات الامارتية منح تأشيرات لتونسيين بمن فيهم رجال أعمال، ووقف الاستثمارات في تونس، إجراءات جاءت عقب دخول حركتي النهضة والنداء في تجربة الحكم المشترك.
ما بات معلوما ان الإمارات العربية المتحدة «انزعجت» من وصول حركة النهضة للسلطة في انتخابات 2011 وأملت ان ينهي النداء هذا الفصل لكن النداء تقاطع مع النهضة وتشاركا سويا في الحكم، فمارست ضغطا لمنع التجربة قبل بدايتها او إنهائها سريعا. لكنها فشلت، كما فشلت في ضمان موقف تونسي داعم لها في أزمتها مع قطر.
ويبدو ان التوتر سيشهد في قادم الأيام تصعيدا اكبر،رغم خطاب التهدئة الذي تبناه قادة الإمارات، وعبر عنه وزير خارجيتها في تغريدة له على التوتير. خاصة وان السلطات التونسية كما اعلن وزير الخارجية، طالبت باعتذار رسمي وعلني عن الواقعة، التي دافعت عنها الصحف الإماراتية باعتبارها «إجراء امني».
ما قد يختلف في القادم هو الشكل الذي ستتخذه هذه الازمة بعد ان سبق لها ومرت بمحطات ومراحل عدة عبرت عن الفتور والتوتر في العلاقات الثنائية، على غرار الازمة الحالية التي قابلتها الأحزاب التونسية وجزء منها بمقاربة خاصة، فإما الصمت كما نداء تونس والبديل وأحزاب أخرى، او التنديد ومطالبة بانتهاج مسلك أكثر وضوحا وحدة مع الإمارات، كما الجبهة الشعبية والحزب الجمهوري، او الصمت والاقتصار على تثمين قرار منع الناقلة الجوية الاماراتية من استعمال المطارات التونسية على غرار حركة النهضة، التي اعتبرت القرار تقنيا لا أبعاد سياسية له.
هناك فريق اخر، اختار موقفا مغايرا قليلا، كحركة مشروع تونس، التي استعمل امينها العام محسن مرزوق زاده اللغوي للخروج بموقف يقوم على ان المنع اتخذ من قبل الناقلة الجوية اي انه ليس قرارا سياديا ولا سياسيا، وان الخارجية التونسية كان عليها القيام بعمل استباقي، وانهى موقفه بالتشديد على ان البعض يريد جر البلاد الى التورط في ازمة الخليج.
مواقف هذه الأحزاب التي تواترت خلال الأيام الاربعة الفارطة، عكست تقديراتها للمشهد العام وخشيتها من توتير علاقتها بالإمارات العربية المتحدة، ولكل طرف دوافعه، التي اخرت صدور الموقف الى حين اتضاح الرؤية اكثر، بشان اي مسلك ستيخذه الموقف الرسمي.