من الرسائل الى أبناء حركته وحلفائه وخصومه أيضا، رسائل تضمنت مضمونا وحيدا فصّل وفق الجهة المرسل إليها.
انطلقت يوم أمس أشغال الندوة السنوية لحركة النهضة، في اول دورة لها بعد ان اقرها المؤتمر العاشر كمؤسسة تحدد الخيارات السياسية للحركة سنويا، انطلاقة أثثها رئيسها راشد الغنوشي بكلمة افتتاحية حملها برسائل وقراءات عدة للمشهد التونسي الحالي.
الغنوشي في كلمته التي لم تتجاوز 9 دقائق اختزل قراءة الحركة للوضع السياسي الراهن، بعد ان بات حليفها نداء تونس يلوح بمراجعة علاقته بها اثر انتكاسة الانتخابات الجزئية بألمانيا وخسارة النداء للمقعد النيابي.مراجعة يستبقها الغنوشي في كلمته بالتشديد على ان التوافق هو شرط أساسي لنجاح تونس وهو ضمانة استمرار هذا النجاح.
توافق دافع عنه راشد الغنوشي واستعرض أشكاله، انطلاقا من لقائه برئيس حركة نداء تونس في 2013 ورئيس الجمهورية الحالي الباجي قائد السبسي، وفي التراجع عن سن قانون العزل السياسي والحوار الوطني وما أنجزه وصولا الى تجربة الحكم المشتركة بينه وبين النداء قبل ان يتطور الى حكومة وحدة وطنية واتفاق قرطاج.
الدفاع عن التوافق كان مضمون رسائل الغنوشي الموجهة إلى أبناء الحركة، بالتشديد على انه (التوافق)هو استمرار لخط الثورة، فكل من تبنى الدستور وعمل تحت سقفه التحق بالثورة وان كان ممن اشتغل في نظام ما قبل 2011. بقوله «من كان فاعلا قبل الثورة والتحق بها وبنظامها...»،هؤلاء باتوا اليوم من ابناء الثورة كغيرهم يجب العمل معهم لتحقيق أهدافها.
ثورة يشدد الغنوشي أنها اتخذت مسارا سلميا، ويجب ان يقع استثمار ذلك في إطار «عائلة تونسية كبرى يدار فيها التنوع والتوافق على أرضية مشتركات وطنية جامعة»، أرضية حددها الغنوشي بأنها تونس مزدهرة حدثية وأصيلة معا.
رسائل الغنوشي لأبناء حركته بعد ان احتدم غضبهم بسبب تصريحات قادة نداء تونس واتهاماتهم للنهضة «بالخيانة والغدر» هدفها الأساسي إقناعهم بان التوافق هو استمرار لنهج الثورة، وأنه نتيجتها، فتونس والحركة في حاجة لهذا التوافق الذي يجب ان يستمر بتمسك النهضة به قبل غيرها. رسائل للداخل، لم يغب عنها ان الحلفاء والخصوم سيتلقفونها، لذلك شملتهم. وهو ما يشرحه سامي الطريقي، عضو المكتب السياسي للحركة ومجلس الشورى.
فالقيادي النهضاوي يشدد على ان ما قاله رئيس الحركة يمكن تلخيصه في ان «الشيخ ربط بين الثورة والتوافق» اي ان التوافق هو استمرار لخط الثورة القادر على ضمان استقرار الدولة، وهذا في اطار رؤية خاصة بالحركة للثورة .
هذا الشرح ايضا يقوم على التمسك بان التوافق اليوم في تونس بات «حالة متطورة» كما انه وفق الطريقي «تعبيره» من تعبيرات الدولة وهو ضمانة الاستقرار والعمل الحكومي، وهو ايضا توافق مع الدولة هذه الأهمية تفسر تمسك الحركة بالتوافق الذي يشدد على ان من هاجم وثيقة قرطاج، في إشارة إلى حراك تونس الإرادة والجبهة الشعبية، لا يمكنه الانخراط فيه. استثناء قوامه وفق النهضة ان «الاطراف التي ترى نفسها غير معنية بالتوافق لا يمكن ان يفرض عليها»، لكن هذا لا يعني عدم إبراز خطر «الفوضى».