بعد أن لوحت بداية الأسبوع بمراجعة علاقتها بحركة النهضة، تعهد بات يمثل ضغطا كبيرا على النداء ويبحث عن مخرج منه دون خسائر، قد يكون هذا المخرج بوضع يده في يد حركة مشروع تونس لتكوين جبهة تقدمية، كما اقترح المشروع.
القى الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق بأقوى أوراق لعبه على الطاولة، عبر دعوة صريحة موجهة لحركة نداء تونس -التي انشق عنها المشروع- بهدف «الالتقاء حول أرضيّة وهيكليّة عمل مشتركة تحقّق التوازن السياسي».
دعوة وجهها الأمين العام في بيان رسمي لحزبه، تضمن نقاطا عريضة لأرضية ستجمع هذه «الجبهة» الدفع لمواصلة الحرب الحقيقيّة على الفساد والفاسدين، دون استثناء، القيام بالمراجعات الضروريّة، في مستوى البرامج والأشخاص، التي كانت وراء اعتماد سياسات مخطئة كنا حذرنا منها أكثر من مرّة.
النقطة الأخيرة التي تجنب فيها الحزب التصريح واقتصر على التلميح، يشرحها الامين العام محسن مرزوق لـ«المغرب» بقوله أن المعني بشرط المراجعة هو حركة نداء تونس، المطالبة اليوم ان تنهي تحالفها السياسي مع حركة النهضة.
تحالف يعتبره مرزوق انبنى على توافق «مغشوش» روجت له قيادات في حركة نداء تونس، وهم في حركة المشروع ضد هذا التوافق ويطالبون بنهايته وتشكيل قطب حداثي عصري، من بين مكوناته حركة نداء تونس.
لكن الالتحاق سيكون بعد تحقيق ثلاثة عناصر أساسية، يرتبها الأمين العام كالتالي، قطع التحالف مع النهضة مع التشديد على ان هناك فرقا بين «التحالف السياسي والتوافق في الحكم»، مذكرا بان قيادات النداء هي من أعلن عن توجهها للقيام بمراجعة شجاعة لهذا التحالف.
لكن الاعلان لا يكفي، فلتكون المراجعات جدية يشدد مرزوق على ضرورة ان تنتهي الى القطع مع الخيارات السياسية القديمة التي انتهجتها الحركة في علاقة بالنهضة بالتوازي مع «القطع مع المسؤولين عن هذه الخيارات».
هنا يتجنب مرزوق تقديم اسماء، فهو لا يريد ان يخوض في هذا ولا ان يؤثر في القرار الداخلي للنداء، لكنه يرسم ملامح المطالب ابعادهم، كل من شجع ودفع الى التحالف مع النهضة وسوق له، من بحث عن ايجاد ارضية مشتركة بين النداء والنهضة، ومن دافع عن التحالف بعد نتائج انتخابات ألمانيا.
تحديد ملامح المسؤولين عما بلغه النداء لا يشمل قيادات سبق وتصارع معها مرزوق لدى توليه الموقع الأول في الحزب قبل ان ينشق عنه، بسبب ما قال عنه يومها والان خيار قيادات التحالف مع النهضة.
مرزوق لا يتوقف كثيرا عند الماضي، هذا ما يرغب في إبرازه هو اليوم مسكون باستثمار الانتكاسة التي إصابت النداء في الانتخابات بتقديم مخرج له، لكنه مخرج له ثمن، والثمن ليس التمايز عن النهضة او إبعاد قيادات بعينها، بل أيضا إعلان النداء عن دعمه والتحاقه بالحرب على الفساد والمفسدين.
هذه النقطة الأخيرة يرنو عبرها المشروع الى دفع النداء الى رفع حمايته وبالأساس خطوطه الحمراء في الحرب على الفساد، وان تجنب القول بذلك صراحة فقد المح إليه وهو يعرض بناء قطب حداثي على النداء. عملية بناء يقول انها قديمة فالحزب سبق وانطلق في مشاورات مع أحزاب أخرى ولن يتراجع عن هذه المشاورات، بل يريد للنداء ان يلتحق بها بعد الاستجابة للمطالب الثلاثة التي يقول ان تحقيقها سيكون في صالح الحزب والجبهة الحداثية، كما يشدد على انها ليست «شروطا» بل مسائل مبدئية لإثبات وقوع مراجعات فعلية.
دعوة المشروع تلقفها النداء وبات يدرسها، فقد يجد فيها اليد التي تمتد لتنشله من الغرق، بعد ان اتضح لقيادته ان اعلان القيام بالمراجعات غفل عن قراءة التداعيات الممكنة، فهم سيكونون بين خيارين لا ضمان فيها لنجاح الحزب ونجاته.
فاما القطع النهائي مع حركة النهضة والدخول في ازمة سياسية تعصف بالحكومة وتفرض انتخابات مبكرة او الابقاء على التحالف مع النهضة وخسارة الدعم والخزان الانتخابي، وثالثا المزج بين هذا وذاك اي تبنى خطاب معارض للنهضة مع الابقاء على شراكة الحكم.
الخيار الثالث قد يكون افضل حلول النداء، لكنه دون حزام سياسي يحتمي به سيكون فاشلا، فمصداقية الحزب وصورته اهترات وأفضل خيار هو الاحتماء خلف «جبهة» تموقعت منذ فترة في الجهة المعارضة للنهضة، هذا الخيار قد يكون أفضل الحلول للنداء خاصة وان مرزوق حدد في تصريح انه يفرق بين التحالف السياسي والتوافق في الحكم.
دعوة تلقفها النداء بالترحيب حيث قال القيادي بالحزب وسام السعيدي انهم يمدون أيديهم للحوار، ويشدد على ان نداء تونس مفتوح لجميع أبنائه وهو الخيمة التي يمكنها تجميع كل المؤمنين بالتوجه الوسطي الحداثي.
لكن يعتبر ان ارقى الية للعمل في تنظيم سياسي موحد، وليس العمل الجبهوي، وهنا يشدد على ان مراكمة ما حققه النداء افضل حل وأفضل من الجبهات، خاصة وان نداء تونس بني على فكرة الروافد في ظل وحدة تنظيمية وسياسية. ليشير في الاخير ان الاصل عودة ابناء تونس للنداء.
تعدد الخيارات ودخول المشروع في الخط جعل النداء يخير تأجيل اجتماع هياكله إلى جانفي القادم إلى حين تهيئة الظروف كما أعلن ولكن بالأساس إلى حين حسم الجدل صلبه بشان اي خيارات يسلك بعد استشارة الرئيس المؤسس.