بات اصح بعد نتائج انتخابات ألمانيا، الحزب وجد نفسه في موضع أفضل في إدارة الخلاف مع أعضائه «المتمردين»، ليذهب إلى خيار إمهالهم 48 ساعة تنتهي الجمعة القادم، لمغادرة الحكومة او سيقع اعتبارهم مستقيلين من الحزب ومهامهم.
56 ساعة على صدور قرار المجلس الوطني الاستثنائي لافاق تونس بالانسحاب من حكومة الوحدة الوطنية ودعوة ممثليه فيها الى تقديم استقالاتهم، كانت كافية لتتضح بقية تفاصيل المشهد، غضب عدد من قادة الحزب بينهم الاعضاء الاربعة بالحكومة جعلهم يعلنون تجميد عضوياتهم وطلب الإعفاء من رئيس الحكومة الذي رفض الطلب وتمسك بأعضاء فريقه الحكومي.
عند هذا الحد كانت الرياح في صالح الغاضبين، لكن تطور الاحداث الدراماتيكي، وبداية تواتر ردود فعل على نتائج الانتخابات الجزئية بالمانيا قلب المعادلة لغير صالحهم، ففي ظل هذه الأحداث التي كان فيها تلويح نداء تونس بقطع علاقته بحركة النهضة ابرزها، عقد المكتب السياسي لآفاق تونس ليلة الثلاثاء الفارط جلسة إستثنائية للتداول في مستجدات الأحداث السياسية على المستويين الداخلي والخارجي، انتهت الى اصدار جملة من القرارت، بعضها اعلن في بيان للمكتب جاء مذيلا بتوقيع كريم الهلالي، كان احد الغاضبين من قرار الخروج من الحكم لكنه امضى على بيان قيل فيه ان الحزب «يتمسّك بقرار المجلس الوطني للحزب، الإنسحاب من الحكومة» مصاحبا لاعلان ان هذا القرار كان نتيجة نقاش دام عدّة أسابيع داخل مؤسسات الحزب انطلق من تشخيص للوضع السياسي والإقتصادي والإجتماعي انتهى الى خلاصة.
خلاصة ابرزها أن التمشي الأخير للحكومة خاصة عبر قانون المالية لم يعد يستجيب لرؤية وبرامج آفاق تونس الإصلاحية ، كما ان تطورات المشهد السياسي اثبتت ان مفهوم الوحدة الوطنية غاب كما غابت الشجاعة والرؤية الواضحة في السياسات العمومية.
اقرار الانسحاب من الحكومة واعتباره لا رجعة فيه، اقترن مع محاولة للابقاء على «شعرة معاوية» قائمة بين افاق تونس وقصر قرطاج، ليعلن المكتب السياسي للحزب انه متمسك بمبادئ ومحتوى وثيقة قرطاج كمرجعية سياسية جامعة، بعد ان سبق وصوت المجلس على انسحاب الحزب منها.
نصف تراجع عبر اعلان التمسك بـ»الرمزية» أي برمزية رئيس الجمهورية صاحب المبادرة السياسية التي انتهت الى صياغة وثيقة قرطاج، مع الاشارة بشكل جلي ان الوقت حان لمراجعتها (الوثيقة) وربطها بخارطة طريق وروزنامة تستجيب لتحديات المرحلة القادمة، خاصة و أنّ التحالف الاستراتيجي بين حزبي النداء والنهضة، افرغ الوثيقة من مضمونها.
اعادة توجيه ساهم اللوم للنهضة والنداء واعتبارهما سبب فشل وثيقة قرطاج، يدعمه افاق تونس بنتائج الانتخابات التشريعية في المانيا، لم يحل دون مناقشة الملف الداخلي، وتحديدا تمرد عدد من قيادات الحزب وخروجهم الى وسائل الاعلام لانتقاد القرار واعتباره غير قانوني وديمقراطي.
هؤلاء الغاضبون يبرز اعضاء الحكومة صلب قائمتهم الاسمية، وقد اتخذ المكتب السياسي قرارا بتوجيه رسائل اليهم تتضمن امهالهم لغاية يوم الجمعة القادم للاختيار اما الاستقالة من الحكومة او اعتبار انفسهم في حل من التزاماتهم الحزبية.
تحذير لاربعة اعضاء سبق واعلن 3 منهم عن بقائهم في الحكومة بعد رفض الشاهد لاستقالاتهم، وهم رياض المؤخر وزير الشؤون المحلية، عبد القدوس السعدوي الذي استقال من الحزب منذ الاثنين الفارط، وهشام بن احمد كاتب الدولة للتجارة الذي يتقاسم ورياض المؤخر ذات التوجه.
وحده فوزي عبد الرحمان ظل لم يعلن موقفه النهائي، الى غاية امس، ففي تصريح لـ«المغرب» اعلن انه لن يستقيل من الحزب وسيستمر في عمله الحكومي، معتبرا انه سيلجأ الى النظام الداخلي للحزب لرفع المظلمة عنه، كما دعا مناضلي الحزب الى بعث لجنة تحقيق للوقوف على التجاوزات التي انتهت الى اعلان الخروج من الحكومة. عبد الرحمان اعتبر ان قرار اقالته من الحزب غير قانوني، وهو استمرار لسياسة اقصاء الخصوم وهو لن يسمح باستمرارها وسيتجه للقضاء ان اقتضى الامر.
قادة آفاق تونس لم يتوقفوا عند حد تحذير اعضاء الحكومة بل سيتجهون الى احالة نائبين وكاتبة دولة سابقة الى لجنة التأديب للنظر في تجاوزاتهم والتشهير بالحزب وقادته في وسائل الاعلام، وهم انور العذار وهاجر بالشيخ وفاتن قلال.