على حد السواء، لكن طريقة إدارة يوسف الشاهد للازمة وفرت خيارات جديدة وفرضت نفسها على آفاق تونس، الذي خير العودة إلى مكتبه السياسي للتعاطي مع التطور الجديد.
السبت 16 ديسمبر 2017، المجلس الوطني الاستثنائي لآفاق تونس، يقرر الانسحاب من منظومة الحكم بركيزتيها، وثيقة قرطاج وحكومة الوحدة الوطنية، قرار اتخذ بالأغلبية 91 صوتا لم تكن من بينها اصوات ممثلي الحزب في الحكومة.
وزيران وكاتبا دولة، هم من يمثلون الحزب في الحكومة، وهم الذين حرصوا في اشغال المجلس على منع اتخاذ قرار المغادرة، لكن لم يتمكنوا من ذلك مما دفعهم بعد اقل من اربع ساعات على انتهاء أشغاله الى اصدار بيان مشترك ضمهم مع عدد من نواب الحزب الرافضين للانسحاب اعلنوا فيه، عن تجميدهم للعضوية وعن تمسكهم بوثيقة قرطاج.
تمسك لم يحل دون ان توضع استقالات كل من فوزي عبد الرحمان، وزير التشغيل ونائب اول لرئيس الحزب، رياض المؤخر، وزير الشؤون المحلية، ورئيس المجلس الوطني، عبد القدوس السعداوي، كاتب الدولة للشباب وناطق رسمي باسم الحزب، هشام بن احمد كاتب الدولة للتجارة، على طاولة يوسف الشاهد رئيس الحكومة لكن تحت «طلب اعفاء من المهام».
هذه الكلمات السحرية المراد بها تجنب استعمال مصطلح استقالة، قابلها رفض الشاهد اعفاء وزرائه، بل وشدد على ان حكومته لم تقم على مبدا المحاصصة الحزبية ليغادر الوزراء بمغادرة احزابهم، اضافة الى هذا وزراء افاق جمدوا عضوياتهم في الحزب.
تجميد العضوية، يجعل وفق تصور الشاهد من بقائهم في الحكومة ممكنا، فهم مستقلون الان، ويشغلون وزاراتهم تحت هذا المسمى، خيار اراد به الشاهد ان يتجنب نقل اللعبة الى اروقة القصبة ومنها إلى مجلس نواب الشعب، بعد ان تكون قد شهدت اشواطا عديد في قصر الضيافة.
تجنب للعودة لمربع سد الشغور، الذي سيكون هذه المرة من منطلق إعادة ترتيب التحالفات وتحديد من سيكون في الحكومة ومن خارجها، وهي إجراءات قد تنتهي الى إعفاء الشاهد نفسه من الحكم، وهو ما لا يرغب فيه الاخير ويسعى الى تفادي «الفخاخ» التي ستنصبها له الترويكا الجديدة في قادم الأيام.
الشاهد حرص على ان تعود «كرة النار» الى افاق تونس، وان تصبح ازمة داخل الحزب لا الحكومة، فهو تمسك بوزراء الحزب الذي غادر حكومته، وجعل الحزب والوزراء بين خيارات محدودة، القبول بحل الشاهد، وهو بقاء الوزراء رغم مغادرة الحزب، ام استقالة الوزراء من احد الكيانين، الحكومة او الحزب.
رسميا لم يعلن الا رياض المؤخر على انه سيستمر في العمل مع الحكومة بعد رفض الشاهد لطلب إعفائه اما باقي اعضاء الحكومة فلا موقف رسمي لهم، بعد ان طالبتهم الحكومة وتحديدا رئيسها بعدم تقديم اية تصريحات رسمية.
صمت الوزراء لا يحول دون تناقل كواليس الحكومة والحزب لما بات شبه مؤكد ان اربعتهم لن يغادروا مراكزهم في الحكم، وهو ما يعنى ان الحزب سيكون بين خيارين، ان يضحي بقادة صلبه وبعدد من نوابه او ان يضحي بموقفه من الحكومة.
قرار سيتخذه افاق تونس خلال الساعات القادمة عبر مكتبه السياسي، بعد سلسلة من اللقاءات غير الرسمية جمعت المجمدين لعضويتهم بقيادات الحزب امس، لم تصل الى تغيير المعادلة في ظل تصلب الاراء من الجهتين. تصلب بلغ حد التلويح باقالة الوزراء من مواقعهم في الحزب، ان لم يعلنوا هم استقالتهم منه، والسبب عدم انضباطهم لقرارات مؤسسته الاولى، وهي مجلسه الوطني.
تطور الاوضاع سيتضح تابعا، بعد ان انتقلت الانظار ممّا قد تشهده الحكومة من تداعيات الاستقالة الى ما قد يعيشه الحزب من ازمات بسبب خياره الاخير.