يبدو أن الضغوطات التي مارستها منظمات المجتمع المدني خلال جلسات الاستماع الفارطة، صلب لجنة التشريع العام في إطار مناقشتها لمشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على الأمنيين قد نجحت نوعا ما. هذا النجاح برز بالأساس في البداية من قبل أعضاء اللجنة من مختلف الكتل البرلمانية الذين رفضوا بدورهم الصيغة الحالية لمشروع القانون المعروضة أمامهم، حيث أجمع أعضاء اللجنة على أن هناك عديد الفصول تمثل هجوما على الحقوق والحريات الفردية ويتناقض مع الدستور. فمشروع القانون حسب النقاش العام يقمع الهجمات على القوات المسلحة أكثر منه تعويضا لأسر شهداء القوات المسلحة. كما اعتبر البعض الآخر، أن هناك قانون يعود لسنة 2013 يهدف إلى التعويض للقوات المسلحة بعد حوادث العمل غير أن أوامر تطبيق هذا القانون لم تصدر بعد. أعضاء اللجنة تبنوا تقريبا كافة المقترحات المقدمة من قبل منظمات المجتمع المدني، وهو ما جعل جلسة الاستماع إلى وزير الداخلية يوم أمس تأخذ منحى آخر في شكل شبه مطالبة بسحب مشروع القانون، مع ضمان حماية القوات المسلحة، ولكن من خلال العمل على توحيد القوانين التي تحمي حقوقهم. وزير الداخلية لطفي براهم دعا إلى تكوين لجنة مشتركة بين وزارات الدفاع والداخلية والعدل ولجنة التشريع العام وإدخال تعديلات على الصيغة الحالية لمشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح، موجها في نفس الوقت الدعوة لمكونات المجتمع المدني إلى تقديم مقترحاتها.
تعديلات تطال مشروع القانون
تصريح وزير الداخلية الذي جاء مغايرا نوعا ما لمطالب القوات الحاملة للسلاح التي تطالب بدورها بضرورة التسريع في المصادقة على مشروع القانون في أقرب الآجال خصوصا وأن الصيغة الحالية موجودة في البرلمان منذ سنة 2015، حيث دعا تقريبا إلى سحب الصيغة الحالية وتكوين لجنة في الغرض مثلما أشار وذلك بهدف تطويره وجعله قابلا للتطبيق على أرض الواقع، ويكون أيضا توافقيا بين مخنلف الأطراف المتداخلة من مجتمع مدني وأحزاب سياسية وهياكل حكومية وكذلك النقابية. وأوضح الوزير أنه تم التوافق على وجوب ادخال تعديلات على الصيغة الحالية للقانون بما يكرس المبادئ الدستورية والدولية الضامنة للحقوق والحريات وعدم المساس بالمكتسبات التي تحققت في المجال الحقوقي والحريات العامة، على أن تشمل هذه التعديلات امكانية ادراج أحكام الباب الثاني المتعلق بأسرار الأمن الوطني ضمن نص اخر مثل تنقيح المجلة الجزائية مثلا. كذلك تكريس البعد الحمائي لهذا القانون من خلال تعديل عنوانه وملاءمة فصوله من حيث المصطلحات والأحكام المعتمدة. هذا وأضاف ابراهم أنه من الضروري التدقيق في أحكام هذا القانون وخاصة تلك المتعلقة بالتعويضات عن الأضرار اللاحقة بالأعوان جراء الاعتداءات المسلطة عليهم من خلال احداث حساب خاص.
تفهم لمطالب المجتمع المدني
وبيّن وزير الداخلية أن مشروع القانون يهدف إلى حماية حقوق القوات المسلحة، حيث ينص القانون الفرنسي على فرض عقوبات أشد على من يهاجم القوات المسلحة، باعتبار أن الهدف هو حماية الدولة ومؤسساتها من خلال حماية القوات المسلحة. كما بين أن التشريع الحالي لا يوفر الحماية الكافية للقوات المسلحة، داعيا في ذلك جميع الأطراف التي أبدت تحفظات بشأن القانون لقمع انتهاكات القوات المسلحة، بما في ذلك المجتمع المدني، إلى تقديم مقترحاتها وتعديلاتها. وأبدى الوزير تفهمه من تخوفات المجتمع المدني من وجود تأثيرات على الحقوق والحريات. في المقابل ففي النقاش العام بين نواب الشعب هناك من يرى ان مشروع القانون يمس من الحقوق والحريات لذلك وجب تعديله وفقا لمبادئ الدستور، وهناك أيضا من يرى أن هناك فصولا في مجلة الاجراءات الجزائية وقانون مكافحة الإرهاب يضمن حق القوات الحاملة للسلاح.
مشروع القانون سيبقى مصيره مفتوحا على عديد الاحتمالات والمقترحات إلى حين تركيز لجنة مختصة في الغرض والتي قد تمد لجنة التشريع العام بنسخة توافقية يسهل تمريرها على الجلسة العامة.