أحداث العنف والاعتداء على المتظاهرين سلميا يوم 9 أفريل 2012، ليست بالبعيدة كما أنها مازالت راسخة في أذهان التونسيين إلى حدّ اليوم، غير أن التحقيق في هذه الأحداث من أجل الكشف عن المتورّطين، من خلال لجنة التحقيق البرلمانية التي تشكّلت تحت ضغط الإعلام والمجتمع المدني، قُبر وأنهت اللجنة أعمالها دون أن نعلم من المسؤول.
النائب عن الجبهة الشعبية جيلاني الهمّامي اعتبر أن تشكيل لجنة تحقيق دون إفراز أي نتائج ملموسة، قد تحوّل إلى عادة من العادات، فهذه اللجنة ليست الوحيدة التي تبخّرت ولم تفض إلى أي شيء، هناك أيضا لجنة التحقيق في أحداث بطحاء محمد علي 4 ديسمبر 2012، لجنة التحقيق في أحداث الرش بسليانة أيضا، وإن دلّ هذا على شيء فهو يدلّ على أن حكومة الترويكا، تحت حكم النهضة آنذاك، لم يكن لها إرادة سياسية في الكشف عن المتورّطين الذين اعتدوا بالعنف على المتظاهرين سلميا وبإيعاز من وزارة الداخلية.
لجنة تحقيق شكليّة لطمس الحقيقة
التظاهر في يوم إحياء ذكرى الشهداء 2012، كان تظاهرا سلميا، ولم يكن هناك داع للتدخّل الأمني والاعتداء على المتظاهرين سلميا، الأمين العام لحزب المسار سمير الطيّب قال إنه لا يجوز أن يمرّ أي اعتداء على الشعب هكذا دون محاسبة، وكأننا نعيش في زمن آخر، غير هذا الزمن في زمن دولة اللامؤسسات واللاقانون، إذ أن الممارسة السياسية والمؤسساتية في واد وما نصّ عليه الدستور في واد آخر.
«إن كنت تريد قبر شيء، خصّص له لجنة تحقيق»، حسب تعبير الطيّب فإن فكرة تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث 9 أفريل، كانت شكلية من أجل إسكات الناس وطمس الملف فقط، مشيرا إلى أن حكّام اليوم لا يريدون إحراج حكّام الأمس لأنهم شركاء في الحكم والسلطة.
التعاطي مع التحقيقات والتجاوزات لم يتغيّر
خمس سنوات بعد الثورة ولم يتغير التعاطي مع التحقيقات والتجاوزات التي ترتكبها السلطة في حق المواطن، وفي حق التظاهر السلمي، الناطق الرّسمي بإسم الحزب الجمهوري عصام الشابي اعتبر أن القائمين على السلطة في ظل حكم الترويكا، ومن خلال التعويل على عامل الزمن لنسيان أحداث 9 أفريل 2012، عملوا على ترسيخ التقاليد الاستبدادية في وأد الحقيقة، وعدم كشف التجاوزات والمسؤولين عنها، ولهذا السبب شدّد الشابي على ضرورة أن يعمل المجتمع المدني وكل الحقوقيين من أجل تكريس آليات التحقيق المستقل التي مازالت
لم تر النور إلى حد الآن.
اللجنة الخاصة للتحقيق في أحداث 9 أفريل 2012، بدأت العمل بشكل رسمي في 6 جوان برئاسة زياد العذاري عن حركة النهضة، أي بعد شهرين من تشكيل اللجنة، وقد استقال أعضاؤها بسبـــــب غياب الآليات التي تسمح لهم بالتحقيق والكشف عن الحقيقة، واستحالة القيام بالمهام المنوطة بهم كأعضاء في هذه اللجنة، حسب المراسلة التي توجّهوا بها يوم 5 أفريل 2013 لرئيس المجلس التأسيسي آنذاك