الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل المكلف بالوظيفة العمومية منعم عميرة لـ«المغرب»: «المؤسسات العمومية لن تباع كلفنا ذلك ما كلفنا.. ولا وجود لشراكة بين القطاعين العام والخاص»

• عمال «اسمنت قرطاج» يحتجون ضدّ قرار خوصصة المؤسسة

لم تعد الوضعية المالية الحرجة للمؤسسات العمومية خافية على أحد، حيث ما انفكت تسجل خسائر مالية من سنة إلى أخرى لتبلغ سنة 2015 حوالي 6 مليار دينار دون اعتبار عجز الصناديق الاجتماعية حتى أن البعض منها بات مهددا بالتوقف عن النشاط، مؤسسات باتت تمثل عبئا على الدولة التي تضخّ لها الموارد المالية اللازمة سواء مباشرة من الخزينة أو عن طريق توفير ضمان الدولة للحصول على قروض بنكية لتأمين مواصلة نشاطها وعدم فقدان المزيد من مواطن الشغل، علما وأن دعم الدولة قارب 6 مليار دينار سنة 2014، وفي ظل ظلّ غياب إستراتيجية واضحة لإصلاحها تعالت أصوات بعض الأطراف بضرورة التفويت فيها على غرار منظمة الأعراف والتي تعتبر أنه ليس هناك أي خطوط حمراء ردا على اتحاد الشغل.

التفويت في المؤسسات العمومية مثّل أيضا نقطة خلاف وتوتر جديدين بين المركزيتين، الأعراف والشغالين، إلى جانب التوترات الموجودة والتي يعلمها الجميع، إمضاء الملاحق التعديلية للزيادة في الأجور في القطاع الخاص، لتتالى في الفترة الأخيرة التصريحات والتصريحات المضادة بين القيادات، نور الدين الطبوبي يشدد على أن مائة ألف خط أحمر أمام التفويت فيها على عكس وداد بوشماوي التي أكدت أن كل الملفات يجب أن توضع على طاولة النقاش وليس هناك ملف «محرم الاقتراب منه».

سبعون ألف خط أحمر أمام التفويت فيها
الحكومة أعدت إستراتيجية كاملة لإصلاح المؤسسات العمومية وكل الاحتمالات واردة أمامها بين التفويت الجزئي والكلي وإعادة رسملتها خاصة المؤسسات العمومية الناشطة في قطاعات غير تنافسية على أن تراعـي مصلحة المؤسسة والمواطن ، إستراتيجية كانت قد قدمتها إلى اتحاد الشغل من أجل دراستها ومناقشتها وتقديم مقترحاته في هذا الغرض لكن موقفه من ناحية التفويت فيها واضح وتمّ التعبير عنه في عدة محطات إعلامية وتقريبا عبر أغلب قياداته، وقد تجدد هذا الموقف الرافض للتفويت على لسان الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالوظيفة العمومية منعم عميرة الذي أكد في تصريحه لـ«المغرب» أن موروث البلاد ومقومات الدولة في مؤسساتها لا يمكن بأي حال من الأحوال ومهما كانت الوضعيات أن تباع أو أن تمسّ وأمام التفويت فيها سبعون ألف خط أحمر، فالمؤسسات الوطنية وفق عميرة «لن تباع ولن نفوت فيها كلفنا ذلك ما كلفنا»، وهذا موقف رسمي كان قد عبّر عنه الأمين العام في عدة تصريحات وفي عديد المناسبات.
وأضاف عميرة أن منظمة الأعراف تقول ما تشاء ولكن بالنسبة لاتحاد الشغل فهذه مسألة مبدئية وثابت من الثوابت صلب المنظمة الشغيلة أنه لن يتم التفويت في أي مؤسسة عمومية هي ملك الشعب والمؤسسات التي تعاني من صعوبات مالية يجب مساعدتها وتحمل المسؤولية في ذلك كي تبقى أحد مقومات الدولة وما يمكن التأكيد عليه هو أن مصطلح التفويت ليس موجودا في قاموس اتحاد الشغل، مشددا على أن وضعية المؤسسات يجب أن توضع على طاولة النقاش ودراستها حالة بحالة لكن مع المحافظة على صبغتها العمومية على الملك المشاع للشعب التونسي.

القطاع الخاص له مجاله
عملية إصلاح وإنقاذ المؤسسات العمومية لا تعني بالضرورة التفويت فيها ويحصل بها القطاع الخاص على «لقمة»، وفق المسؤول عن الوظيفة العمومية وبالنسبة لاتحاد الشغل ليس هناك شراكة بين القطاعين العام والخاص، فالقطاع الخاص له مجاله والمؤسسات العمومية ستبقى رافدا للدولة التونسية. وأوضح عميرة أن خبراء المركزية النقابية يعكفون على إعداد تصوراتها ورؤيتها لإنقاذ المؤسسات مع الإبقاء عليها مؤسسات عمومية مائة بالمائة.
منظمة الأعراف.. «ماذا يمنع الحكومة من التفويت في المؤسسات العمومية الخاسرة؟»

وفي المقابل وحسب تصريح سابق لرئيس اللجنة الاقتصادية وعضو المكتب التنفيذي لمنظمة الأعراف نافع النيفر لـ«المغرب» أنه لا توجد خطوط حمراء، حيث تساءل ماذا يمنع الحكومة من وضع مثلا ملف وكالة التبغ والوقيد على طاولة النقاش لاسيما وأن خسائرها تقدر بالمليارات وغيرها من المؤسسات العمومية «الخاسرة» وان كانت هناك فرصة للتفويت فيها لماذا لا يتم ذلك، وإذا كان اتحاد الشغل هو «المالك» فليقل ذلك أو لديه حلول أخرى فليقدمها، قائلا «من الصالح أن يكون هناك توافق بين جميع الأطراف، لكن توافق حول مصلحة البلاد والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة يرى أن وثيقة قرطاج باتت عبارة عن بحث مفرط عن التوافق، وهذا أمر جيد لكن يجب أن يكون بحث عن مصلحة البلاد بناء على روح مسؤولية كل طرف بعيدا عن الأمور الإيديولوجية».

قائمة المؤسسات المراد التفويت فيها من قبل الحكومة
مصير المؤسسات العمومية التي تعاني من صعوبات مالية كبيرة مازال مجهولا وينتظر توافق جميع الأطراف على خطة إصلاحية لإنقاذها على المدى القريب ومعالجة وضعيتها المالية بصفة عاجلة بشكل يضمن استمرارية نشاطها وتواصل تأمينها للمرافق العمومية المناطة بعهدتها في أفضل الظروف. ويذكر أن وزير المالية رضا شلغوم صرح أنه سيتم التفويت في كل السيارات المصادرة وعدة شركات منها بنك الزيتونة وألفا فورد واسمنت قرطاج والمساهمات المصادرة لشركة أدوية، وذلك في أجل لا يتعدّى سنة 2018، مشددا على أنّ التفويت جار حاليا في عدد من المؤسسات على مستوى الكرامة القابضة، مبيّنا أنّه تمّ التسريع في نسق التفويت في العقارات. وأضاف رضا شلغوم أنّه سيتمّ تعبئة 200 مليون دينار لفائدة الميزانية التكميلية لسنة 2017 عبر التفويت في المدرسة الدولية بقرطاج والتفويت في شركتين للاحياء والتنمية الفلاحية بقيمة 100 مليون دينار، إلى جانب التفويت في 60 عقارا مصادرا بقيمة 66 مليون دينار. ويشار إلى أن قرار التفويت في مصنع اسمنت قرطاج أثار احتجاج عماله، الذين نفذوا وقف احتجاجية أمس أمام مقر مجلس نواب الشعب للمطالبة بعدم التفويت في الشركة باعتبار أن هذا القرار سيتسبب في إحالة 1200 عامل على البطالة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115