أكثر من ثماني ساعات أمضاها المقربون من رئيس الحكومة يوسف الشاهد في الاستعداد للمجلس الوزاري الذي ينعقد اليوم للمصادقة على قانون مالية 2018، ساعات خصصت لدراسة المشروع مرة أخيرة قبل عرضه وتحديد ملامح الخطاب الإعلامي المروج لمشروع القانون الذي لم يشهد الكثير من التعديلات عما سرّب منذ شهر. وعبرت عنه الحكومة بان جعلت عنوان قانونها « الترفيع في الضرائب» سواء المباشرة منها او غير المباشرة.
فالإجراءات الأساسية التي عبرت عنها الحكومة في أكثر من مناسبة ومنها بالأساس تحقيق التوازن في المالية العمومية، وتعبئة موارد مالية إضافية عبر إجراءات جبائية، وإنعاش اقتصادي باعتماد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ظلّت كما هي دون تعديل بارز عليها.
فالحكومة حافظت في نسختها الأخيرة من قانون المالية، على أهم عناصر خطتها التي تنطلق من إعادة تحديد دور الدولة ووظيفتها بما يمكنها من التحكم في الإنفاقات بمختلف أوجهها، حيـــــث ان 85 % من النفقات توجه الى نفقات التصرف وتتضمن الأجور، وسداد المديونية. بمبلغ يقدر اليوم بـ29 مليار دينار لكليهما من أصل حجم الميزانية الإجمالي المقدر بـ34.6 مليار دينار تونسي، سيخصص منها 5.7 مليار دينار للاستثمار العمومي، في تراجع قدر بأكثر من 1.5 مليار دينار عن ميزانية الاستثمار في سنة 2017.
حكومة الشاهد راهنت في باب الانعاش الاقتصادي على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، رغم إدراكها بان نتائج هذه الشراكة وانطلاق المشاريع في الإنتاج لن يتم الا في 2019، لكنها تعتبره ضروريا لإعادة تحديد دور الدولة في ملف الاستثمار والتنمية، فهي دولة مراقبة ومشجعة لا مستثمرة.
هذا التوجه القائم على تعديل دور الدولة تعتبره حكومة الشاهد خطوة أولى تمكنها من تقليص حجم تدخلها في السوق بشكل مباشر عبر الاستثمار وستحصر دورها في تطوير البنية التحتية وتوفير حزمة من الحوافز لتشجيع الاستثمار الخاص، ولكن بالأساس سيمكنها من تقليص النفقات وهو ما ينجر عنه تقليص العجز في الموازنة.
عجز ستقلص منه حكومة الشاهد عبر إجراءات جبائية قدرت أنها ستوفر مداخيل إضافية بحوالى 1.3 مليار دينار، تتأتى بالأساس من الترفيع في الأداء على القيمة المضافة، من نقطة إلى 5 نقاط، واعتماد سياسة التعديل الآلي لأسعار المحروقات جنبا الى جنب مع الرفع في القيمة المضافة على المنتجات البترولية. اضافة الى الغاء النظام التقديري وتعويضه بنظام جبائي جديد يستهدف المهن الحرة والمؤسسات الصغرى.
البحث عن موارد اضافية دفع الحكومة ورغم النقاشات المتعددة مع منظمة الاعراف الى اقرار الترفيع في نسبة الخصم من المورد على المرابيح الموزعة للشركات من 5 الى 10 بالمائة. اضافة الى الترفيع في المساهمة الاجتماعية بثلاث نقاط، نقطتان يتكفل بهما المؤجر ونقطة على الاجير، كما اقرت نسبة 1 % كضرائب بعنوان مساهمة تضامنية توجه إلى الصناديق الاجتماعية.