وتوضيح وتأويل التصريح حتى أنه كان محور جدول أعمال مجلس الشورى أول أمس. وفي هذا الإطار يوضح القيادي والنائب عن حركة النهضة حسين الجزيري في حوار لـ«المغرب» تفاصيل وحيثيات هذا التصريح.
• هل تعتقد أن تصريح راشد الغنوشي جاء في وقت مناسب؟
الآن التصريح تم وانتهى، والحديث عن التصريح جاء في وقت مناسب أم ليس منه فائدة أو منفعة، وهناك ايضا من يقول هل ان هذا التصريح يمثل حركة النهضة أم لا، أم أنه يمثل رئيس الحركة فقط، طبعا يمثل موقف الحركة لكن في المقابل، فإن الحاصل هو أن هذا التصريح جاء صريحا، وهذه الصراحة جعلت البعض يتجه به إلى الأقصى من أجل صنع خلاف بين الغنوشي والشاهد او بين الحكومة والحركة. وهؤلاء الأشخاص يصطادون في الماء العكر، باعتبار أن حركة النهضة ليس لها مشكل مع الحكومة وفي نفس الوقت فإن الغنوشي في علاقة جد طيبة مع رئيس الحكومة.
• لكن في اجتماع مجلس الشورى، تمت مساندة تصريح راشد الغنوشي؟
صلب اجتماع مجلس الشورى أول أمس، جدد رئيس الحركة راشد الغنوشي دعمه للحكومة وللشاهد، أن كل تصريحاته السابقة تؤكد أنه من أكبر الداعمين للشاهد. إنني أدعو كافة الأحزاب وخاصة منهم آفاق تونس والجمهوري وهم جزء من الائتلاف الحكومي، أن يكون خطابهم إيجابيا، باعتبار أن هذا الوقت غير مناسب للاستفادة منه سياسيا، خصوصا وأن المشهد حاليا يبدو أكثر تعقيدا لكنه يجب أن يكون أكثر توافقا ووحدة.
• إذن أنت تفسر تصريح الغنوشي بطريقة أخرى، عكس بقية الأحزاب، فماذا يريد الغنوشي من هذا التصريح؟
في ظل كثرة الحديث عن انتخابات 2019، والبحث عن البدائل السياسية أمر سابق لأوانه، أراد الغنوشي البحث عن نوع من التهدئة خصوصا مع تواصل صعود نجم الشاهد ونجاح حكومته من خلال مقاومتها لملفات الفساد واستقرار الحكومة. هذا الأمر جعل العديد يشعرون بشيء من الانزعاج لينطلق بذلك الحديث عن البدائل السياسية والانتخابات.
• لكن ما تقوله مناف لما قاله الغنوشي في الحوار التلفزي؟
أؤكد لك أن عديد الأحزاب والسياسيين متخوفون من صعود الشاهد، والغنوشي أراد أن يهدئ الأعصاب والأنفس، إضافة إلى أن موضوع الانتخابات الرئاسية بيد الرئيس الحالي وهو الباجي قائد السبسي إضافة، إلى أننا اليوم عاجزون عن إجراء انتخابات 2017 وهي الانتخابات البلدية، فإلى اليوم لا نعرف إن كنا سننجزها في موعدها أم لا وفي كل الأحوال الوضع في البلاد لايزال متذبذبا، وهو ما جعل الغنوشي يقول أنه من الأفضل على الشاهد أن يعمل باعتباره يمثل برنامج حكومة الوحدة. وبخصوص المثال الذي طرحه حول حكومة المهدي جمعة أراد به إبعاد الجميع عن التجاذبات السياسية وعدم التركيز على الانتخابات باعتبار أن ذلك يفسد العملية السياسية ويضر بقوة الاستقرار الحكومي.
• لكن هذا التصريح قد تسبب في خلاف بينكم وبين حركة نداء تونس؟
لا يمكن أن نقلب الطاولة على بعضنا البعض مع شركائنا في الحكم، فنحن لدينا مبدأ نؤمن به وهو إستراتيجية التوافق الذي لا يمكن اعتباره في نفس الوقت تكتيكا، فالبلاد حسب الغنوشي لا تزال في مرحلة انتقالية وتتطلب أكثر من 20 سنة وليس 5 سنوات فقط. والغنوشي في هذا الإطار، متخوف على مستقبل هذا التوافق أي مع حركة نداء تونس وينبه منه، بالرغم من أن الشاهد يتلقى نقدا من حزبه أكثر من بقية الأحزاب الأخرى. فقد حاول رئيس الحركة إبعاد هذا النقد عنه، لكن للأسف هناك من استغل التصريح من أجل إدخال الشاهد في صراع مع النهضة أو العكس، فالعديد ممن يدافعون عن الشاهد اليوم هم في الأصل ضده باعتبار أنه ليس هناك من مصلحة لحد بروز هذا الصراع أن يكون الشاهد ضد النهضة. هذا النقاش الذي يدور حاليا بهذه الطريقة والتشابك بين النهضة والشاهد ليس في مصلحة الاثنين وليست في مصلحة الشاهد خاصة، فهو لا يمكنه الدخول في التجاذبات السياسية وليست من مصلحته الدخول في خلاف مع أي طرف.
• المواقف تبدو متضاربة حتى داخل الحركة نفسها؟
هذا أمر طبيعي صلب حركة النهضة، باعتبار أن الحركة حزب مدني ومنفتح على الجميع، ويتعامل كذلك مع التصريحات حسب الموقع أي أن مما يصرح به في داخل الحزب أشد انتقادا مما يتم التصريح به في الخارج وفي وسائل الإعلام. نحن نفكر بصوت عال في الأمور السياسية وليس لدينا ما نخفيه. لكن في المقابل، فإن هناك البعض من الأحزاب لا تستطيع العيش إلا حين يوجد صراع أو تجاذبات، فالأحزاب الصغيرة متخوفة من الائتلاف الثنائي، ويبحثون دوما عن أي هفوة أو خطأ وأنا أتفهم ذلك بالرغم من أن الحكم الحالي تمثله عديد الأحزاب بما فيه المستقلون.
• هذا على الورق، فالتحالف بالأساس بين النهضة والنداء؟
بالعكس، هناك حزبان كبيران، لكن هناك شعور ما بأنّ الأحزاب الصغيرة هي النافذة وهو ما لاحظناه من بروز وزرائها في الحكومة، على حساب وزراء حركتي النهضة ونداء تونس. وهو ما خلق شعورا بالغبن. وهنا يأتي دور يوسف الشاهد. فالحوار الأخير للغنوشي جاء مساندا للشاهد ولم يقل له بأن لا يترشح، لكن البعض يريدون خلق خصومة بين القصبة وقرطاج ويدفعون لصراع بين الشاهد وحركة النهضة وبين الشاهد وحركة نداء تونس من جهة أخرى. كما أنهم يريدون سرقة يوسف الشاهد بالرغم من أن الدعم وجده فقط من النهضة والنداء. على يوسف الشاهد أن يتمتع بالذكاء السياسي ويتحمل المسؤولية تجاه الحكومة ويسعى إلى إنجاح المرحلة القادمة، ولا يضع نفسه محل تلاعب من خلال الإلقاء به في المعركة الانتخابية.
• ألا ترى أنه كان من الأفضل طرح المسألة على التنسيقية؟
إن الزعماء السياسيين كالغنوشي وقائد السبسي لديهم قوة المبادرة وتحريك الأمور السياسية، فمن حقه التكلم باعتباره من القيادات ولديه وزن، ثم سنتباحث في المسألة حول كيفية مناقشة الموضوع صلب التنسيقية.
• هل بالإمكان دعم الشاهد في الانتخابات القادمة من قبل حركة النهضة؟
الكرة الآن بيد الشاهد وهذا قرار شخصي يعود له. لكن ما أنصحه به الآن أن الحديث عن الانتخابات سيسقطه سياسيا حيث يجب إنجاح الحكومة وأعمالها باعتبارنا لم نصل بعد إلى مرحلة الحملات الانتخابية. يبدو أن الثورة جعلتنا في استعجال في كافة المسائل، يجب التحلي بمزيد من الصبر، والحكم لا يتم خطفه بل يأتي عن طريق الانتخابات.
• هل أن حركة النهضة مستعدة فعلا للانتخابات البلدية؟
المطلوب من الجميع أن يكون جاهزا للانتخابات البلدية، هناك العديد من الأحزاب اليوم مستعدة لهذا الاستحقاق، وفي نفس الوقت يريدون إظهار حركة النهضة وكأنها الوحيدة المستعدة لذلك أو أنها ستفوز بها. يجب أن نكون واضحين في حالة أنهم غير مستعدين فلنجري حوارا مع جميع الأطراف ونقرر تأخير الانتخابات البلدية. هذه الانتخابات هي تجربة أولى، لذلك فإن الجميع متخوف منها، وليس هناك إشكال في تأخيرها، يجب أن نعود للحوار صلب التنسيقية من هنا إلى غاية شهر سبتمبر وطرح كافة المواضيع العالقة ثم العمل على ايقاف ضرب كل حزب للآخر واستكمال المناصب الشاغرة صلب الحكومة حاليا.