مطلب إعلان عدم الترشح الى انتخابات 2019، الموجه من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى يوسف الشاهد رئيس الحكومة، قسم أحزاب الحكم والمنظمات الممضية على اتفاق قرطاج، بين من وقف في صف الشيخ وساند المطلب ومن اعترض على المطلب ومضمونه.
في حوار مع قناة نسمة قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي انه يدعو الشاهد إلى أن يعلن رسميا بأنه «غير معني بانتخابات 2019» ، هذا الموقف الذي أعرب عنه رئيس الحركة دفع بقيادة نداء تونس الى الاجتماع للنظر في ما اقترحه حليفهم، في ظل تصريحات دعمت جزئيا ما قاله الغنوشي، قبل ان يعلن خالد شوكات عشية أمس في تصريح لـ«المغرب» عن موقف الحزب الرسمي.
موقف قام على ثنائية الإقرار بحق الشاهد بان يكون له طموح سياسي وان يترشح في كل الاستحقاقات الانتخابية بما فيها الرئاسية في 2019 لكن في المقابل يطالبه بان يبتعد عن رئاسة الحكومة ان كانت له النية في الترشح.
ويقولها شوكات بشكل صريح، ان حزبه مع ان يختار الشاهد بين استمراره في رئاسة الحكومة او الترشح للانتخابات الرئاسية، فلا يمكن الجمع بينهما، اذ ان حكومة الوحدة الوطنية جاءت لتنفيذ مهمة إنقاذية وجاءت بطريقة استثنائية خرجت عن العرف الديمقراطي ، مما يجعل من طبيعتها، أي الحكومة، لا تسمح بطموح سياسي لاعضائها، لان في ذلك خطر تسخير أدوات الدولة لخدمة مشاريع خاصة، وفق قول شوكات.
لا يقف التقاطع مع حركة النهضة عند هذا الحد، فشوكات يقول ان حزبه يعتقد بان وضع الشاهد امام خيارين، اما المواصلة على راس الحكومة مقابل التخلي عن أي طموح رئاسي لسنة 2019 وتجنب جلب الشبهة أو الاستقالة من رئاسة الحكومة والذهاب الى الانتخابات في 2019، هو خدمة للشاهد وحماية له، من «محيطه الذي يريد ان ينقلب على المنظومة الحزبية التي آتت بالشاهد لرئاسة الحكومة ويريد أن يستغل الحكومة وإمكانيات الدولة لبناء مشروع سياسي بديل» وفق قوله.
بهذا الموقف تعلن حركة نداء تونس أنها اصطفت الى جانب راشد الغنوشي ضد رئيس الحكومة يوسف الشاهد وتعلن أساسا ان حربها ضد الرجل باتت علنية، وما وضع الشاهد أما خيارين إلا محاولة لحصره في ركن ضيق تمهيدا للتخلص منه ان رفض دخول بيت الطاعة.
قراءات يقول بها ضمنيا كل من سامي الطاهري، الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، وعصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري، في تصريح لهما لـ«المغرب»، حيث اعتبر الطاهري طلب الغنوشي بمثابة «انقلاب ناعم» على الحكومة ونوعا من الابتزاز السياسي. ليشرح الطاهري موقفه بالقول ان الحكومة مقبلة على تحوير وزاري في ظل محاولات من الأحزاب منعه لتجنب المساس من وزراء حزبيين، ووسيله ذلك هو خطاب الغنوشي الذي يبحث عن إرباك رئيس الحكومة والضغط عليه.
ويقول الطاهري ان مطالبة الشاهد بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية في 2019 من قبل رئيس النهضة هي محاولة لمنع الجيل الجديد لسياسيين من التشكل الذي يهدد ان تم بالمساس بالتوازنات بين «الشيخين» وعدم السماح لهم بتهديد توزيع الحكم بين رئيس الدولة ورئيس حركة النهضة.
هذا المنع يتم عبر الضغط على الشاهد وقطع الطريق كما قال الطاهري الذي اعتبر ان طلب الغنوشي يندرج أيضا في سياسة خلط الأوراق في ظل توجه البلاد إلى الانتخابات البلدية التي لا يعلم ان كانت ستتم ام لا وفق إشارته. ليعتبر ان تصريح الغنوشي استباق لها ويمثل نوعا من التفكير المستقبلي وإعادة خلط الأوراق.
هنا يعلن الطاهري ان اتحاد الشغل يعتبر ان ما يحدث اليوم هو تجاذبات وأزمة سياسية قد تصل إلى حل الحكومة وتقحم البلاد في معركة سياسية جديدة، وهو ما يخشاه الاتحاد ويتوجس منه خاصة وأن البلاد في مرحلة التفاوض مع ممولين أجانب وتعمل على استقطاب الاستثمار و خلق الاستقرار الاجتماعي مع تحسن الوضع الأمني والتشاور في مجلس الاجتماعي
من جانبه اكد عصام الشابي ان تصريح الغنوشي هو اعلان عن رغبة صريحة في وضع الشاهد في الزاوية والتحكم به، دون ان يغفل عن الاشارة الى ان النهضة هي من دعمت مطلب نداء تونس للشاهد بعدم الترشح وليس العكس.
الشابي اعتبر ايضا ان المحاولة للتشبيه بين فترة المهدي جمعة والشاهد خاطئة ودليل على محاولة لإضعاف الحكومة وحصرها، وتلتقي مع تحذيرات الغنوشي لرئيس الحكومة من الاستمرار في الحرب على الفساد عوضا عن تحذير الفاسدين، وذلك في اطار سياسة خلط الاوراق واعادة توزيعها مما يوحي بان هناك توجها الى خرق اتفاق قرطاج.
عصام الشابي الذي شدد انه لا يدافع عن الشاهد لم يغفل عن وجود صراع بين النداء والشاهد ، وهو ما لم يغفل عنه ايضا فوزي عبد الرحمان نائب رئيس افاق تونس الذي شدد على ان راشد الغنوشي لا حق له في ان يطالب الشاهد بعدم الترشح.
وقال عبد الرحمان انه من الواضح أن تصريح الغنوشي هو موقف مشترك مع القيادة الفعلية لحزب نداء تونس، مشيرا الى ان الاتفاق على الشاهد هو ثالث «بركات التحالف الاستراتيجي بين الحزبين». ليشير الى ان حزبه سيناقش في اول لقاء له رسائل الغنوشي وما تتضمنه من إشارة صريحة بان يوسف الشاهد بات رئيس حكومة سابق مع تأجيل التنفيذ.
فليتحمل كل مسؤوليته أمام البلاد والعباد