صاحب كتاب «سبل النجاح في عالم السياسة الدولية» تقوم على أن من يحسن استخدام الصورة للتأثير يمكنه دائما الانتصار في»الحرب فالصورة هي إحدى عناصر القوة الناعمة لدى «ناي» وهي من أبز أدوات التأثير في العمل السياسي. هذه الفكرة يبدو ان رئيس حركة النهضة قد تشبع بها فاختار ان يطبقها على ارض الواقع.
تطبيق انطلق منذ فترة لكن لحظته الفارقة كانت يوم الأحد الفارط، حيث اختار الفريق المكلف بالتسويق السياسي لـ»الشيخ» ان يغير في مظهره قليلا، من قناة نسمة وفي حوار مرتديا بدلة وربطة عنق، سيطل اليوم على التونسيين في حوار صحفي ستبثه القناة.
«لوك» جديد اقترن بتغييرات على مستوى الخطاب ونسقه لدى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي فاجأ المشاركين في الاحتفال الذي نظمته السفارة المغربية بتونسي يوم الأحد بمناسبة يومها الوطني بمقر إقامة السفيرة بقمرت، بمظهره الجديد، الذي اقترن مع عدة تغييرات قام بها فريق من المختصين لجأ إليهم رئيس الحركة ليرسموا له ملامح إستراتيجية دعائية له، حددت أهدافها بتحسين صورة رئيس الحركة لدى الرأي العام التونسي.
إستراتيجية لا تعلنها الحركة بشكل صريح بل تعتبر ان «الشيخ» ارتدى في مناسبات سابقة ربطة العنق وانه منذ الثورة حافظ على بساطة مظهره، عبر ارتداء بدلة من قطعتين وقميص دون ربطة عنق، والتغيير الذي تم هو ارتداء ربطة عنق دون ان يكون ذلك متصلا بإستراتيجية او بحث عن شيء.
لكن في السياسة لا فعل دون سبب وغاية، حتى ربطة عنق «الشيخ» ليست عفوية او دون هدف، فالفريق المنتدب حديثا للاهتمام بصورة راشد الغنوشي ورسم خطة اتصالية وإستراتيجية تسويق سياسي له، هو من أقنع الرجل بارتداء ربطة العنق كخطوة بسيطة تعلن عن تغيير كبير.
تغيير كبير يستهدف هدم الصورة القديمة عن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، التي تثير خشية جزء من الشارع التونسي، لايزال ينظر الى رئيس الحركة على انه ذات الشخص لم يتغير منذ السبعينات، وحتى خطابه الجديد الذي تبناه منذ 2014 لم يستطع إزالة هذه الخشية.
فالخطاب من دون صورة لا يكفى لإقناع الجمهور، وهو ما ادركه الفريق الجديد المكلف بالشيخ دون سواه، من أخصائي في الصورة ومستشار اعلامي وخبير في الاتصال السياسي وغيرهم من المساهمين الجدد في نحت صورة الغنوشي.
نحت يهدف الى تحسين الصورة وبالتالي يهدف الى رفع نسب الثقة والرضا على رئيس الحركة الذي ظل طوال السنوات السبع يحظى بنسبة تتراوح بين 4 - 6 % من نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية، وهي ما يعادل خمس نسبة الأصوات التي حصدتها الحركة في نوايا التصويت لها في الانتخابات التشريعية او البلدية القادمة.
ضعف شعبية «الشيخ» الذي يتضح من نتائج سبر الاراء لا يقتصر على من لم يصوت لحركة النهضة في انتخابات 2011 او 2014 بل يشمل خزان حزبه الانتخابي، الذي يتراوح بين 800الف صوت والمليون صوت. هذا الخزان لا يتجه كجسم موحد ليصوت لرئيس حركة النهضة في الانتخابات الرئاسية، وعلى أهمية إقناعه بـ«الشيخ» والتصويت له، فإنه ليس الشريحة المستهدفة من الإطلالة الجديدة لراشد الغنوشي.
فالمستهدفون بشكل مباشر هم بالأساس ناخبو الوسط ممن لا يدينون بالولاء لاي حزب إضافة إلى كل أفراد الطبقة الوسطى والنخبة التي يستهدفها الغنوشي لا لكسب ودها بل لرفع التحفظ عنه، وذلك عبر تغيير في الشكل، يراهن الغنوشي ومن نصحه به على انه وخلال سنتين سيصبح هو العالق في ذهن التونسي.
صورة سينطلق حفرها ابتداء من اليوم اثر حواره على قناة نسمة الذي يتحدث فيه عن أزمة الخليج و الانتخابات البلدية المقبلة والوضع الاقتصادي والمشهد السياسي في تونس. معلنا عن تطور في موقف حركته من نداء تونس وعلاقتها بالحكومة.
سيتحدث الشيخ عن كل شيء بهدف رسم صورته الجديدة، صورة يبدو وفق قراءة للتطورات انه يريدها ان تكون بطاقته في الانتخابات الرئاسية القادمة، فالشيخ وان لم يعلن عن نواياه بعد بشكل صريح فانه يلمح إليها بعدة تحركات يقوم بها، ومنها إعادة تشكيل صورته لدى التونسيين.