موضوع مكافحة الفساد والوضع العام بالبلاد. أغلب التدخلات وإن بدت متشابهة في ما بينها إلا أن الجميع أبدوا رضاهم عن هذه الحملة ضد الفساد بالرغم من وجود بعض النقائص والهنات.
أغلب الكتل ساندت رئيس الحكومة يوسف الشاهد في حملته ضد الفساد خصوصا بعد الكلمة التي ألقاها على مسامعهم أوضح فيها ملامح الخطة والحملة، حتى أن هذه المساندة من قبل الكتل الأكثر معارضة للحكومة كالكتلة الديمقراطية، التي بينت من خلال تصريح النائب إبراهيم بن سعيد أنهم يساندون الحرب على الفساد. لكن في المقابل فإن هذا الأمر لم يمنع نواب الشعب من تقديم بعض المقترحات والانتقادات بهدف تحسين هذه الخطة والعمل على مزيد تنظيمها وتأطيرها حتى تكون فعالة وتشمل كافة المجالات والميادين وكافة الأشخاص دون استثناء.
لابد أن تشمل كافة الميادين
نواب الشعب وإن أبدوا مساندتهم لرئيس الحكومة يوسف الشاهد في محاربته للفساد، إلا أنهم ومن خلال تدخلاتهم في باب النقاش العام عقب نهاية الخطاب، فقد قدموا بعض التوضيحات أو التوصيات خصوصا من قبل الكتل البرلمانية الممثلة في الحكومة. كتلة حركة النهضة والتي أعربت عن مساندتها لخطة الشاهد خصوصا وأنها ستشمل جميع الميادين تقريبا، فقد بين النائب الصحبي عتيق أن الحرب ضد الفساد لا بد ان تشمل جميع الميادين كالديوانة والصفقات العمومية وغيرها بهدف احساس المواطن بحقيقة مقاومة الفساد، مشيرا إلى أنه يجب العمل على تدعيم القضاء بشريا وماديا ولوجستيا لقيامه بمهامه على أكمل وجه، بالإضافة إلى استكمال تأسيس الهيئات الدستورية المستقلة باعتبار وجود عديد الهنات والنقائص.
من جهتها، طالبت كتلة حركة نداء تونس كافة الأحزاب السياسية من المعارضة أو المشاركة في الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بالانضمام إلى الحرب على الفساد وهو ما أوضحه النائب حاتم الفرجاني الذي بين بدوره أن رئيس الحكومة قد التزم إلى حد الآن بنقاط وثيقة قرطاج وأولوياتها، وهو ما يستوجب ضرورة دعمه ومساندته من أجل انجاح الحرب على الفساد، ولا تكون بذلك حربا مؤقتة. هذه المساندة ترجمت من خلال المصادقة على جملة من مشاريع القوانين في مجال مكافحة الفساد وهو اكبر دليل على توفر ارادة للقضاء على الفساد.
إصلاح الديوانة
من جهة أخرى، سعت بعض الكتل إلى تقديم بعض المقترحات في موضوع محاربة الفساد ككتلة الحرة لمشروع تونس التي تطرقت في تدخلات نوابها الى معضلة الديوانة والمشاكل التي تعاني منها. وفي هذا الإطار، قال النائب صلاح الدين البرقاوي أنه يجب العمل على مراجعة التشريعات المنظمة لسلك الديوانة ومعالجة الفساد المتفشي فيها، خصوصا وأن هناك أشخاصا ينتمون لهذا السلك تم ذكر أسمائهم في تقرير رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة عبد الفتاح عمر، لكنهم لا يزالون إلى حد الآن يمارسون نشاطهم الطبيعي. هذا وقد جددت الكتلة دعوتها من أجل تعصير الديوانة باعتبار أن الحكومة لم تتخذ أي قرارات في هذا الشأن، حيث لا بد من وضع إستراتيجية واضحة والمواصلة فيها تفاديا لخلط الحقائق بالإشاعات، على أن يكون القضاء وحده المتدخل في مقاومة الفساد. كما طالب الكتلة الوطنية من خلال تصريح النائبة ليلى الحمروني بضرورة القيام بحملة مدنية واسعة ضد الفساد يشارك فيها الجميع، خصوصا بعد مصادقة مجلس نواب الشعب على هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.
غياب خطة واضحة..
في المقابل، انتقدت المعارضة هذه الحملة من بينها الجبهة الشعبية، باعتبار أن ظاهرة الفساد في تونس ليست بالجديدة، وهو ما اعتبره النائب عمار عمروسية بأنها حملة تصفية حسابات وليست حملة ضد الفساد، في ظل غياب خطة حقيقية وغياب دور القضاء في التعاطي مع هذه المسألة. كما بين عمروسية أن الإمكانيات الحالة لا ترتقي لمستوى أهداف محاربة الفساد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تضارب المصالح يعتبر من ارقى أنواع الفساد الذي يقاوم بخطة وإستراتجية واضحة المعالم. نفس الخطاب تقريبا انتهجته كتلة الإتحاد الوطني الحر وهو أمر طبيعي خصوصا وأن رئيس حزبها سليم الرياحي من بين الأشخاص الذين طالتهم هذه الحملة، حيث قال النائب توفيق الجمل بأن الحملة التي شنت ضد الفساد تهدف بالأساس إلى تلميع صورة رئيس الحكومة لا أكثر، حيث لا يجب أن تكون مكافحة الفساد انتقائية على أن تشمل كذلك أعضاء الحكومة.
توضيح افق المرحلة القادمة
محاربة الفساد يجب أن تقوم على عديد الركائز والجوانب من خلال وضع رؤية وسياسة تفوق مرحلة ما بعد الانتخابات القادمة، حيث بين النائب عن كتلة آفاق تونس كريم الهلالي أنه يجب تدعيم إمكانيات قطب القضاء المالي من خلال تكوين القضاة وتوفير مقر موحد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإصلاحات ضرورية جدا وتتطلب استقرارا سياسيا يصل إلى ما بعد سنة 2019 بغض النظر غن نتائج الانتخابات البلدية، مطالبا في ذلك رئيس الجمهورية بضرورة توضيح افق المرحلة القادمة حتى تكون الوضعية واضحة للجميع.