نوايا التصويت المصرح بها في الانتخابات البلدية

• النداء 37,8 ٪ • النهضة 27,2 ٪ • الجبهة الشعبية 7,2 ٪ • التيار الديمقراطي 5,6 ٪
• نسبة العزوف عن التصويت

%68 في البلدية و%56٫3 في التشريعية و 48,4 ٪ في الرئاسية

خمسة أشهر تفصلنا عن الانتخابات البلدية القادمة ويبدو أن لا أحد مستعد لها كما ينبغي لا الأحزاب ولا البلاد ولا المواطنين الناخبين كذلك ..فعلى الرغم من الأهمية القصوى لهذا الموعد أقل من الثلث (%32) يعبرون عن نيتهم لتصويت محدد بينما ترتفع هذه النسبة إلى %43.7 لو تعلق الأمر بالانتخابات التشريعية وتتجاوز النصف (%51.6) للانتخابات الرئاسية ..
أما موازين القوى السياسية فتكاد تكون هي نفسها موازين 2014 رغم كل ما حصل خلال هاتين السنتين ونصف السنة..
العنصر الجديد الوحيد اللافت هو حصول رئيس الحكومة يوسف الشاهد على المرتبة الثانية في السباق الرئاسي الافتراضي بعد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في إشارة قوية للصعود المتواصل لصاحب القصبة ..

على عكس ما ردده الكثيرون لا تحظى الانتخابات البلدية بأهمية خاصة عند عموم التونسيين..فانتخابات «القرب» هذه هي ابعد ما تكون عن اهتماماتهم اليوم فربع المستجوبين (%24.1) يقولون بوضوح بأنهم لن يصوتوا وقرابة النصف (%42.1) لا يعرفون لمن سيصوتون هذا ان صوتوا ..اقل من الثلث فقط (%32) يعبرون عن نوايا التصويت ونحن على بعد حوالي خمسة أشهر فقط من الموعد الانتخابي المرتقب..

أما على مستوى هذا الثلث المعبر عن نيته في التصويت فتبقى موازين القوى السياسية التي ورثناها عن انتخابات 2014 دون تغيير يذكر ..
فالنداء والنهضة يحققان نسبا قريبة جدّا من نتائجهم في 2014 : %37.8 للنداء و%27.2 وهذا اعرض فارق بين الحزبين منذ أشهر طويلة وكان النداء لم يتأثر مطلقا ، انتخابيا على الأقل ، من كل أزماته الداخلية بل يبدو انه استفاد من الشعبية الجديدة للسلطة التنفيذية اثر الحملة التي شنتها الحكومة على أباطرة التهريب..
فبالنسبة لعموم المواطنين النداء هو حزب الحكومة وحزب الرئيس وكأننا بصراع الشقوق بقي دون انعكاس يذكر – إلى حد الآن على الأقل – على القوة الانتخابية للحزب الذي أسسه الباجي قائد السبسي .

بعد الصراع الندائي النهضوي على المرتبة الأولى ، والذي سجل فيه النداء نقاطا هامة هذه الفترة الأخيرة هنالك صراع من نوع آخر على المرتبة الثالثة يهم منذ أشهر الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي ..في هذه المرة تتقدم الجبهة الشعبية على التيار (%7.2 مقابل %5.6) ولكن الملاحظ أن هذين الحزبين المنتقدين بشدة للتحالف الندائي النهضوي لم يتمكنا من تجاوز سقف الآحاد ولم يستفيدا من عثرات أحزاب الحكم ،وكذا الشأن للحزبين اللذين يأتيان بعدهما في الترتيب : آفاق تونس والوطني الحر بـ%3.1 لكليهما..

ضعف المشاريع والبدائل الجديدة
الملاحظة السياسية الأبرز من خلال نوايا التصويت في البلدية والتشريعية على حدّ سواء انه باستثناء البروز النسبي للتيار الديمقراطي كقوة تنافس على المركز الثالث راوحت كل المشاريع والبدائل الجديدة والقديمة مكانها ولم يستطيع أي حزب الإقلاع من منطقة الانطلاق فمشروع تونس لمحسن مرزوق الذي لا يحقق حتى %2 (%1.9) في نوايا التصويت للبلدية يبقى بعيدا جدا عن طموحه في تمثيل بديل جدي للنداء كذا الأمر بالنسبة لحزب البديل التونسي للمهدي جمعة الذي لا يكاد يظهر في نوايا التصويت ونفس الأمر،من الجانب الآخر من المشهد، يمكن أن يقال عن حراك تونس الإرادة للمنصف المرزوقي الذي لا يحصل إلاّ على %1.3 من نوايا التصويت..
بعبارة أخرى آلية التصويت المفيد قائمة في أذهان الناخبين حتى قبل بدء الحملة الانتخابية وبالنسبة لهؤلاء التونسيين الذين يريدون التصويت لحزب وسطي قادر على الحكم لم يجدوا ، بعد، بديلا عن نداء تونس والمشاريع الحزبية الجديدة التي تحدثنا عن بعضها آنفا لم تتمكن إلى حدّ الآن من إقناعهم بقدرتها على الارتقاء إلى وضعية الحزب القادر على الحكم..


في السوسيولوجيا الانتخابية
ما يفسر الاستقرار النسبي لموازين القوى السياسية الموروثة عن انتخابات 2014 هو الاستقرار النسبي للسوسيولوجيا الانتخابية للتوجهات السياسية والفكرية الكبرى في البلاد..
فبالنسبة لنداء تونس تبقى مدن الساحل (سوسة والمنستير والمهدية ) قوته الانتخابية الضاربة فيما يحقق في جلّ مناطق الشمال (باستثناء الشمال الغربي ) نتائج أفضل من معدله الوطني ويتراجع مردوده كالعادة في كل ولايات الجنوب وكذلك في ولايات الوسط الغربي (القيروان وسيدي بوزيد والقصرين ) .
أما نقاط ضعف حركة النهضة فهي دائما ولايات الشمال جميعها بالإضافة إلى ولايات الوسط الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية ) وتحقق أفضل نتائجها في ولايات الجنوب وبخاصة في المنطقة الشرقية منها (قابس ومدنين وتطاوين ).

تحقق الجبهة الشعبية أفضل نتائجها في تونس الكبرى والشمال الغربي والى حدّ ما صفاقس والوسط الغربي وتبقى نتائجها هزيلة في المناطق الأخرى..
أما التيار الديمقراطي فقوته الضاربة تكمن في ولايات تونس الكبرى وصفاقس والجنوب الشرقي أما في غيرها فوجوده مازال باهتا..
فنداء تونس أضحى حزبا رجاليا مثله مثل النهضة بعد أن كان التصويت النسائي هو ميزته الأساسية في 2014..

وهذان الحزبان هما كذلك حزبا الطبقات الوسطى بمختلف مستوياتها ولكن النداء هو بالأساس حزب المتقدمين في السن (من 45سنة فما فوق ) بينما تحافظ النهضة ، إلى حدّ ما ، على قاعدة انتخابية شبابية..
يتفوق نداء تونس في شرائح أصحاب مستوى التعليم الثانوي وبدرجة اقل الابتدائي ولكن قوته الضاربة هي عند الأميين إذ يحقق في هذه الشريحة أكثر من نصف نوايا التصويت بينما تحقق حركة النهضة أفضل نتائجها عند أصحاب مستوى التعليم الجامعي ولكن التفوق في هذه الشريحة هو للجبهة الشعبية وللتيار الديمقراطي .

العازفون عن التصويت : من هم ؟

سبق وان قلنا بأن نسبة العازفين عن التصويت في الانتخابات البلدية قد بلغت %68 ما بين رافض للتصويت (%24.1) ولا يعرف لمن سيصوت هذا إن صوت (%42.1) ورافض للإجابة عن السؤال (%1٫8) ولكن التونسيين ليسوا سواء أمام العزوف..
ولايات تونس الكبرى والوسط الشرقي وصفاقس هي الأكثر تصويتا (حوالي %65 نسبة عزوف ) أما ولايات الشمال الغربي فهي الأكثر عزوفا بـ%76.9..
صغار الكهول (30 - 44 سنة) هم الأكثر عزوفا بـ%70 بينما يمثل الشيوخ الفئة العمرية الأقل عزوفا عن التصويت (%65.4)..

ولكن الفوارق الأساسية في العزوف تبقى بداية فوارق جندرية : الرجال يصوتون أكثر من النساء (%63.8 نسبة عزوف الرجال عن التصويت مقابل %72 للنساء) ويصل الفارق الى حوالي 20 نقطة ما بين الطبقة المرفهة (نسبة عزوف بـ%57.5 فقط) والطبقة الشعبية حيث تجاوزت عندها نسبة العزوف الثلاثة أرباع (%75.2) ..ونلاحظ بونا أوسع عندما ندقق في عنصر المستوى التعليمي فالأميون هم الأكثر عزوفا بـ%84.7 بينما أصحاب المستوى التعليم العالي هم الأقل عزوفا بـ%64.7..

فنموذج العازف عن التصويت هو : امرأة كهلة أمية من ولايات الشمال الغربي من الطبقة الشعبية ..بينما نموذج الأقل عزوفا هو رجل شيخ من تونس الكبرى أو من الساحل من الطبقة المرفهة وذي مستوى تعليمي جامعي ..
وبالطبع نؤكد مرة أخرى أننا أمام نمذجة نسبية للغاية تعطي صورة أولية عن العزوف دون أن تستوفي كل أبعاده.

في التشريعية الحماس يرتفع
الغريب في نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية هو التراجع الكبير لنسبة العزوف عن التصويت رغم انه مازال يفصلنا عن هذا الموعد أكثر من سنتين ، نظريا على الأقل ..وهذا يؤكد قاعدة في كل ديمقراطيات العالم وهي أن انتخابات «القرب» (بلدية أو محلية ) هي اقل جاذبية للناخب من الانتخابات الوطنية العامة (تشريعية ورئاسية)..
تبقى موازين القوى الحزبية على حالها كما رأينا ذلك في الانتخابات البلدية ولكن الأحزاب الوسطى والصغرى هي الأكثر استفادة من تراجع العزوف من ذلك أن الجبهة الشعبية تنتقل من %7.2 إلى %8 والتيار الديمقراطي من %5.6 إلى %6.8 والوطني الحرّ من %3.1 إلى %3.7 في حين يتراجع النداء نسبيا من %37.8 إلى %36.5 والنهضة من %27.2 إلى %26.5 ولكن نجد أن القاعدتين الانتخابيتين لهذين الحزبين ، من الناحية الكمية بقيت تقريبا كما هي من 2014 إلى اليوم : أكثر من 1.300.000صوت افتراضي للنداء وحوالي 950.000 للنهضة وهي نفس نتائج التشريعية في 2014..
في الانتخابات الرئاسية :

الدور الثاني بين الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد 
كما لاحظنا ذلك منذ البداية بقدر ما نصعد في السلم الانتخابي من المحلي إلى الوطني يكثر الاهتمام ويتراجع العزوف .. ففي نوايا التصويت للرئاسية تتجاوز النوايا المصرح بها النصف (%51.6) ويتراجع العزوف إلى حدوده الدنيا (%48.4) ..

السؤال الذي طرح على العينة كان التالي :
لو وقعت الانتخابات الرئاسية اليوم لمن ستصوت ؟ والإجابة كانت تلقائية ودون تقديم آية اقتراحات مسبقة .. الباجي قائد السبسي يتحصل على المرتبة الأولـى بـ %20.7 أي بخسارة أكثر من 17 نقطة كاملة مقارنة بالدور الأول لانتخابات 2014 ( وان كانت المقارنة من الناحية العلمية لا تجوز بين انتخابات فعلية وعملية سبر أراء ولكن قمنا بهذه المقارنة لتقريب الصورة فقط ) ..
والجديد هنا هو بروز اسم رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحصوله على المرتبة الثانية بـ%14.7 متقدما على المنصف المرزوقي (%10.9) وحمة الهمامي والصافي سعيد بـ %6.6 لكليهما وهؤلاء فقط هم الذين تجاوزوا عتبة %5 من نوايا التصويت

الثنائي المفترض
عندما نمعن في النتائج بالتفصيل سنرى أن يوسف الشاهد يحقق أفضل نتائجه في المناطق والفئات الاجتماعية والعمرية والتربوية التي تجعل مقاومة الفساد أولوية الأولويات ويتراجع عندما يتراجع هذا الإحساس ..
فجهويا أفضل نتائج الشاهد والتي ينافس فيها بصفة جدية الباجي قائد السبسي هي تونس الكبرى والوسط الشرقي وصفاقس
بينما تتراجع نتائجه كثيرا في الشمال الغربي والوسط الغربي وكل ولايات الجنوب ..

والملاحظ هنا ان المنصف المرزوقي يتفوق على كل منافسيه في كل ولايات الجنوب وهذا ما يجعل منه منافسا جديا للرئاسية لان له خزانا انتخابيا مهما سواء تقدم مرشح نهضوي أم لا ..
على مستوى الرجال تقارب نتائج الشاهد نتائج قائد السبسي لكنه ينهارعند النساء بل ويتفوق عليه المنصف المرزوقي كذلك ..
في الطبقة المرفهة والطبقة الوسطى العليا يوسف الشاهد يأتي في الطليعة ويتراجع كثيرا في الطبقة الشعبية..

 

واغرب ما في الأمر هو النتائج الرديئة للشاهد عند الشباب (18 - 29 سنة ) حيث يأتي في المرتبة الخامسة وبنسبة %5.1 فقط في حين نجده يتفوق في شريحة (45-59 سنة) وكذلك عند من تجاوزوا نسبة الستين ..
وأخيرا تكون نتائج الشاهد متواضعة في كل المستويات التعليمية من الأمي الى مستوى التعليم الثانوي أما في مستوى التعليم العالي فهو يتفوق على رئيس الجمهورية ولكنه يتأخر قليلا عن المنصف المرزوقي ..
هذه صورة آنية عن موازين القوى السياسية بين الأحزاب (البلدية والتشريعية ) والشخصيات (الرئاسية) صورة فورية قبل ورود العروض السياسية لكل هذه الاستحقاقات وقبل بدء الحملات الانتخابية التي تغير كثيرا أو قليلا في هذه المعدلات صورة فيها الغريب والمفاجئ .. وفيها العرضي والدائم ..وعوضا عن لعن المرآة كالعادة، ليسع كل فاعل سياسي لتلافي ما فات ...

الجذاذة التقنية للدراسة
العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي، مكونة من 4759 تونسي تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas)حسب الفئة العمرية، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.
طريقة جمع البيانات: بالهاتف
CATI (Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
نسبة الخطأ القصوى: 1,4 %
تاريخ الدراسة: من 29 جوان 2017 إلى 6 جويلية 2017
تونس - استطلاع للرأي جويلية 2017

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115