الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد: شوقي طبيب يهدّد بالاستقالة إن مرّر القانون بشكله الحالي

الحرب على الفساد معركة تشدد حكومة الشاهد على أنها تخوضها دون هوادة وستصل بها إلى منتهاها، لكن يبدو أنها انشغلت بإدارة التفاصيل اليومية للحرب ونسيت وغفلت عن الاستماع لصوت الهيئة العليا لمكافحة الفساد الذي ارتفع معارضا لمشروع مشروع القانون الأساسي لهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. تغافل أجبر رئيس الهيئة

على اختيار الذهاب إلى التهديد بالاستقالة إن مرّ القانون من المجلس دون الأخذ بعين الاعتبار جملة المؤاخذات التي أرسلتها الهيئة.
منذ ان قدمت حكومة الشاهد مبادرتها التشريعية المتعلقة بالقانون الأساسي لهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، باعتبارها هيئة دستورية، ارتفع صوت شوقي طبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كاشفا عن جملة من مؤاخذات هيئته لمشروع القانون، لخصها في 11 نقطة، وقع إرسالها الى مجلس النواب والحكومة بهدف دفعهم الى تعديل المشروع.

تعديل أمل شوقي طبيب ان يحدث ليجنب الهيئة القادمة مجموعة من العقبات، لكن امله لم يتحقق اذ ينطلق مجلس نواب الشعب من اليوم في مناقشة مشروع القانون محل الجدل، مما اجبر شوقي الطبيب، وفق مصادر مقربة منه طلبت عدم الكشف عن هويتها، على التلويح بالاستقالة في لقاءات مع معنيين بمسار القانون.
تلويح الطبيب بالاستقالة، أكده أكثر من مصدر مقرب من رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، الذي اعلن في وقت سابق انه لن يترشح للهيئة الدستورية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ليضفي المصداقية على المؤاخذات تجاه مشروع القانون، ليختار خلال الساعات القليلة الماضية ان يواجه تمرير القانون بالاستقالة كاحتجاج ورسالة تفيد ان الحكومة لا تسلك الطريق الصحيح في الحرب على الفساد.

11 مؤاخذة
أولى المؤاخذات التي ترفعها هيئة شوقي طبيب وفق نص أعدته الهيئة، تتمثل في عملية صياغة القانون من قبل السلطة التنفيذية وإحالته لمجلس النواب وهو» لا یتماشى مع التوزیع الجدید للسلطة الذي أقّره دستور 2014 من خلال إحداث الهیئات الدستوریة المستقلّة» وفق النص الذي تحصلت «المغرب» على نسخة منه.
اما المؤاخذة الثانية وهي إجرائية فتتمثل في عدم الحصول على الّرأي المسبق للهیئة الوطنیة لمكافحة الفساد وفقا لما تقتضیه أحكام الفصل 13 من المرسوم الإطاري عدد 120 لسنة 2011 المتعلق بمكافحة الفساد في صياغة المشروع. كما ان النقطة الثالثة تعلقت بتجاوز مناقشة مشروع القانون الإطاري المتعلق بضبط الأحكام المشتركة بین الهیئات الدستوریة الذي ینّظم جملة من النقاط الأساسية لضمان استقلالية الهيئات، ومنها هيئة مكافحة الفساد.

لكن مؤاخذات الهيئة تتجاوز ما هو إجرائي لتشمل مؤاخذات قانونية ودستورية للمشروع الذي تعتبره في النقطة الرابعة لا ينص على أحكام تضبط التنظیم الهيكلي للهیئة وآلیات ممارسة صلاحیاتها التي وقع التنصيص على بعضها في جملة من القوانين الأخرى على غرار قانون التبلیغ عن الفساد وحمایة المبلغین و مشروع القانون الأساسي المتعلق بالتصریح بالممتلكات ومكافحة الإثراء غیر المشروع وتفادي تضارب المصالح.

النقص هو ما يعاني منه مشروع القانون وفق الهيئة التي نبهت من غياب أحكام تكّرس بصفة واضحة الاستقلالیة المالیة للهیئة، بل وجعل الهیئة تناقش میزانیتها مع وزارة المالیة ولیس أمام مجلس النواب مباشرة ، وهو ما یفتح المجال للسلطة التنفیذیة، التي قد تطالها أعمال الهیئة فیما یتعلق بمكافحة الفساد، للتحّكم في میزانیتها. اضافة الى عدم إفراد الهیئة بسلطة ترتیبیة تمكنها من ممارسة صلاحیاتها، بكل استقلالیة عن باقي السلط.

مشروع القانون تعتبره الهيئة تراجعا عن الصلاحيات المسندة للهيئة وفق المرسوم 120، من ذلك إسناد الهیئة ضابطة عدلیة فرعیة خاضعة للسلطة القضائیة ولیست ضابطة أصلیة تمّكنها من ممارسة أعمال التقّصي، اضافة الى ان مشروع القانون يمنع الهیئة من القیام بإجراءات عدا الحجز والتفتیش، كما ينص المشروع على تخلّي الهیئة عن أعمال التقّصي في صورة تعّهد قاضي التحقیق في شبهة فساد.

جملة المؤاخذات التي ترفعها الهيئة امام مشروع القانون، ليست هي فقط ما يعكر العلاقة مع حكومة الشاهد باعتبارها الجهة المبادرة بالقانون، وانما عدم التنسيق مع الهيئة في الحملة الاخيرة للحكومة ضد الفساد، وهو ما اثار حفيظة الهيئة وجعلها تتوجس من الحملة وتعتبر ان لها اهدافا سياسية غير معلنة.
أهداف ان حققت ستنتهي الحرب على الفساد وسيقع التطبيع من جديد معه، وهو ما تتخوف الهيئة منه خاصة ان وقع تمرير القانون الحالي الذي يفقد اية صلاحيات فعلية لمكافحة الفساد، خشية هذا الامر دفعت بالطبيب الى اختيار لعب ورقة الاستقالة املا في دفع المجلس والاغلبية البرلمانية الى تجنب ارباك المشهد اكثر مما هو عليه والتصويت باعادة المشروع الى اللجنة من اجل تعديله.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115