في تقرير دائرة المحاسبات الثلاثين: تجاوزات وإخلالات ارتقت إلى أفعال جزائية.. سوء تصرف في المال العام وصرف منح وامتيازات مالية دون وجه حق

رصدت دائرة المحاسبات خلال 27 مهمة رقابية ميدانية شملت سلطا عمومية وجهوية وهيئات ومؤسسات عاملة في القطاع العام وبرامج في مجالات ذات علاقة بالمالية العمومية، العديد من الاخلالات والتجاوزات وسوء التصرف في المالية

العمومية في عدد من المؤسسات العمومية وكذلك في الانتدابات، اخلالات ارتقت إلى أفعال جزائية وقد أحالت عددا منها على القضاء من أجل سوء التصرف في الحق العام وعدد آخر إجراءات إحالتها على الجهات المختصة، الزجر المالي أو القضاء العدلي لتتبع مرتكبيها بصدد الانجاز.

قدم الرئيس الأول لدائرة المحاسبات نجيب القطاري خلال ندوة صحفية أمس مخصصة لعرض التقرير السنوي العام الـ30 للدائرة أهم الاخلالات التي تمّ تسجيلها في القطاعات والهياكل العمومية التي كانت محلّ نظر الدائرة وخضعت لرقابتها على غرار المجلس الوطني التأسيسي والمعهد الوطني للإحصاء ووزارة التربية ووزارة الشباب والرياضة ومصحتا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالعمران والخضراء وبنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة وشركة اسمنت بنزرت والشركات المصادرة وغيرها من المؤسسات والمنشآت العمومية.

اخلالات في الانتدابات الاستثنائية بوزارتي التربية والشباب والرياضة
كشف التقرير السنوي العام لدائرة المحاسبات أن المنتدبين من المنتفعين بالعفو التشريعي العام وذوي شهداء الثورة وجرحاها بلغ 2792 بوزارة التربية و555 بوزارة الشباب والرياضة إلى ماي 2016، وهو ما يمثل على التوالي 21 بالمائة و22 بالمائة من مجموع الانتدابات بالقطاع العام لكل فئة، تم صرف أجور لفائدتهم بحوالي 82 مليون دينار، في حين أن القائمة النهائية لشهداء الثورة ومصابيها لم تصدر إلى موفى ماي 2016، وحسب رئيسة قسم بدائرة المحاسبات بسمة بن غالي فإن القائمات الرسمية التي تمّ اعتمادها في الغرض شابتها عديد النقائص مست من مصداقيتها على غرار وجود 109 أشخاص لا تنطبق عليهم صفة شهيد تم قبول ترشّح ثلاثين من ذويهم وتعيين 13 منهم في إطار الانتدابات الاستثنائية بوزارة التربية صرفت لفائدتهم أجور بلغت حوالي 343 ألف دينار إلى موفى 2015 علاوة على عدم تحلي بعض المنتدبين من المنتفعين بالعفو العام ومن جرحى الثورة بالانضباط وحسن السيرة والسلوك إذ أثيرت في شأن البعض منهم تتبعات جزائية إلى جانب عدم كفاية المؤهلات العلمية والبيداغوجية للمنتدبين كإطار تدريس .

سوء تصرف في الأموال والممتلكات المصادرة
أكد الرئيس الأول لدائرة المحاسبات أن لجنة المصادرة لم تتمكن، إلى موفى فيفري 2016، من مصادرة كل الأملاك المعنية والمتمثلة في 27 عقارا و4 سيارات ومساهمات في رأس مال 11 شركة وأرصدة بنكية بقيمة جملية تصل إلى 2.655 مليون دينار، مشيرا إلى أن التأخير في إصدار بعض قرارات المصادرة أدى إلى تفويت أشخاص معنيين بالمصادرة في ممتلكات دون وجه حق شملت 5 عقارات وحصص 3 شركات و13 سيارة فضلا عن سحب مبالغ مالية من الحسابات البنكية بحوالي 240 ألف دينار.

بلغت الديون البنكية للدولة 809.3 مليون دينار نتيجة ضعف نتائج التفويت في الشركات المصادرة التي ناهزت مداخيلها 1.395 مليون دينار، وفق القطاري والذي شدد على ان تواصل المشاغبة والتصرف في هذه العقارات من قبل المصادر منهم قد أدى إلى حرمان خزينة الدولة من مبلغ 1.4 مليون دينار وتعرض 17 عقارا مصادرا للتخريب، مشيرا إلى عدم الحرص على استخلاص مناب الدولة بخصوص أرباح 4 شركات مصادرة بقيمة 159 مليون دينار. كما كشف عن ضعف مردودية معرض الممتلكات المصادرة الذي لم تغط مداخيله سوى نسبة 40 بالمائة من المصاريف وتمّ إثقال كاهل الدولة بمبلغ 1.830 مليون دينار بعنوان متخلدات المعرض، مؤكدا تسجيل نقص في حفظ وصيانة السيارات المصادرة، مما أدى إلى تقلص قيمة 14 منها بحوالي 900 ألف دينار.

المجلس الوطني التأسيسي..ساعات إضافية ومنح دون وجه حق
جاء في التقرير السنوي العام لدائرة المحاسبات أن أعوان المجلس التأسيسي انتفعوا بساعات إضافية ومنح بعنوان ساعات العمل الليلي ومنح وظيفية دون وجه حق بقيمة 26.590 ألف دينار كما انتفع النواب في الآن نفسه بزيادات في المنح بقيمة 5.174 مليون دينار اقرها رئيس المجلس بهدف تغطية مصاريف الإقامة والإطعام وبالامتيازات العينية عبر تكفل المجلس بهذه المصاريف علما وانه تمت تسوية وضعية هذه الزيادات عبر المصادقة على قانون المالية لسنة 2013.

ولم تقع متابعة حضور النواب خلال الجلسات العامة سوى بداية من جانفي 2013 التي تجاوز خلالها معدل النواب الغائبين شهريا عن كافة الجلسات العامة دون عذر 8 نواب دون أي اقتطاع من منحهم والبالغة 316.050 ألف دينار علما وان معدل الجلسات العامة بلغ 9 جلسات شهريا. وأوصى تقرير دائرة المحاسبات بمزيد إحكام التصرف في الموارد البشرية للمجلس من نواب وأعوان وخاصة فيما يتعلق بإسناد المنح وفق التراتيب الجاري بها العمل. كما لوحظ أيضا عدم توسيع المنافسة وتأدية نفقات على سبيل التسوية وعقدها قبل تأشيرة مراقب المصاريف العمومية على غرار الصفقة المتعلقة بإطعام النواب والتي تجاوز مبلغها الأقصـــى 306 % وصفقة مع نزل تجاوز مبلغها الأقصى بنسبة 691.34 %. هذا ولم يلتزم المجلس الوطني التأسيسي ببنود عقود الصفقات على غرار الصفقة المتعلقة بتركيز منظومة إعلامية للصوتيات بقاعة الجلسات العامة فيما يخص تكوين مهندسين للقيام بعمليات الإشراف الفني وصيانة المعدات في حين تم اللجوء إلى مؤسسة خاصة للقيام بهذه الأعمال بقيمة 118.631 ألف دينار دون إبرام عقد في الغرض.

كما اقتصرت إلى حدود موفى مارس 2016 نسبة الجلسات العامة للمجلس الوطني التأسيسي التي تم نشر محاضرها بالرائد الرسمي لمداولات المجلس على 11 % فقط مما يحول دون الاطلاع على الأسئلة والأجوبة الكتابية للحكومة خاصة وأنّه لم يتم نشر هذه الأسئلة والأجوبة على الموقع الالكتروني . التقرير أشار أيضا إلى أن هناك تأخيرا بـ14 شهرا في ختم الدستور وعدم سن قوانين أساسية تخص إعادة هيكلة المجالس القضائية العليا الإدارية والمالية في آجالها إضافة إلى ذلك فإن 118 مرسوما من جملة 121 تمّ إصدارها خلال فترة الفراغ التشريعي مازالت سارية المفعول.

المعهد الوطني للإحصاء..عدم التزام بالمنهجيات المعتمدة دوليا
المعهد الوطني للإحصاء بدوره شهد عددا من الاخلالات وسوء التصرف والمتمثلة بالأساس في عدم التزامه بالمنهجيات المعتمدة دوليا في إعداد المؤشرات المتعلقة بأسعار البيع الصناعي ومؤشر الإنتاج الصناعي وإحصائيات المبادلات الخارجية مما يؤثر على واقعية المؤشرات، التي تقدمها، إضافة إلى اعتماد منهجية تفتقر للدقة والموضوعية لاحتساب مؤشر الفقر قبل سنة 2012 إلى جانب ضعف جودة الأعمال الميدانية لمعهد الإحصاء وتعدّد أخطاء الترميز والخزن بالنسبة إلى المسوحات المتعلقة بالمؤسسات علاوة على نقص الترابط بين الإنتاج الإحصائي للمعهد والأولويات الوطنيّة وعدم تغطية بعض المجالات منذ أكثر من 6 سنوات.

انتدابات استثنائية قام بها المعهد وأدت إلى زيادة عدد الأعوان بنسبة 169 % خلال الفترة من 2010 إلى 2016 وبالتالي ارتفاع كتلة الأجور من 5.881 مليون دينار إلى 15.5 مليون دينار.، ووفق ذات التقرير فإن المعهد قد كلف 50 عونا بغير المهام الموكولة إليهم وشغور 45 خطة وظيفية وتزامن تسمية أكثر من عون في نفس الخطة الوظيفية مما أثّر على أداء المعهد لدوره على الوجه المطلوب.

وفي إطار تعداد 2014، قدرت نفقات المعهد بـ 11.096 مليون دينار في ظل غياب المؤيدات القانونية لها علاوة على صرف امتيازات مالية بعنوان إشغال خطط وظيفية دون وجه حق قدرها 51.5 ألف دينار خلال الفترة من جانفي 2013 إلى ماي 2016 وهي إخلالات من شأنها أن تشكّل أخطاء تصرف.

العديد من الاخلالات سلطت دائرة المحاسبات في تقريرها الضوء عليها في عدد من المرافق العمومية وقد رفعت العديد من التوصيات منها اتخاذ التدابير في مستوى الهيئات محل الرقابة وفي مستوى رئاسة الحكومة وأجهزة السلطة التنفيذية لمتابعة ملاحظات الدائرة إلى جانب استماع مجلس نواب الشعب لقضاة الدائرة حول نتائج أعمال الرقابة ومساءلة أجهزة الدولة والمؤسسات العمومية في ضوء هذه التقارير فضلا عن وضع آليات لمتابعة الدعاوى المرفوعة لدى المحاكم المختصة في خصوص المخالفات المرتكبة في مجال حسن التصرف في المال العام.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115