حديث الأنا: الحاكم والمحكوم والإمام... كلّهم فسّاد

لا أفهم ما يجري في هذا البلد. ما يجري في هذا البلد أمر عجيب. لا أفهم ما يدور في رؤوس الناس. في رؤوس الناس ألقى رداءة وفسادا. غريب أمر التونسيين. غريب ما يحمله التونسيون من نظر، من فكر، من ايمان. لماذا نحن في مثل هذا السوء، في مثل هذه التعاسة؟ لماذا يحيا التونسيون خارج الأرض

خارج الزمان؟هل نحن بشر؟ البشر من حولنا يسعى، يكدّ، يمسك بالشمس وبالكواكب. البشر هناك يرتقي، يغنم، يمشي في الأرض مرحا، مفعما آملا وأحلاما. أمّانحن معشر العرب فدوما في نفس الأنفاق، في نفس الجهالة.نخرّب الأرض. نرهب الناس. نحرق الحياة. في ما أرى، نحن أفسد أمّة أخرجت للناس. نأتي المنكر ونأمربالفحشاء...

ذاك هو قدرنا. ذاك ماكتبته السماء.كذلك شاء القدر أن أكون هنا الآن. عيش من كدّ وبؤس وحياة ظلام. هل ألعن نفسي لأنّي هنا الآن أم ألعن من في الأرض حولي ومن في السماء؟ كرهت نفسي. ضاقت بيّ الأيّام. أنا في ورطة. كيف الخروج من ورطة الزمان؟ كيف النجاة من كتب السماء؟

لماذا نحنّ فسّاد مفسدون في الأرض وفي البحر، ليلا، نهارا وطوال الأيّام؟ هل هو الطبع فينا لا يتغيّر، سمته شرّ ومكر ونكران، أم هي لعنة أنزلتها السماء؟ كلّ العناصر، كلّ العلامات تشير، تؤسّس للسوء فينا، تبني للخراب. نحن اليوم شرّ العالم. العرب أباليس.فما يا ترى هي الأسباب؟ الحكم في تونس وفي أرض العروبة فاسد، لقيط، عاجز. ما في ذلك شكّ. ما في ذلك ريبة. ما يحمله التونسيون والعرب من فكر ومن معتقد هو الآخر ظلام في ظلام.أمّة الاسلام شرقا وغربا غارقة في البؤس، في الظلمات.الدين بين الناس مكر وبهتان. الاسلام لغز محيّر وفيه تلقى ما شئت من البيان. كلّ الأوجه في القرآن. هل في الاسلام، في ينابيعه، جينات الظلمات؟ لا أدري أين يكمن أصل البلاء؟ رغم البلاء، لا أحد ينظر، يعيد الفكر، يسأل عمّا كان من سوء، عمّا نحن فيه من خراب.أصبح الدين تعاويذ وغيبيّات.أصبح رجال الدين باعة حروز في المنابر والأسواق. نأتي الصلوات بانتظام ونقضي العمرسجوداوفي الرؤوس جهالة وفي الأيدي غيّو شبهات. نصوم الشهر نياما والليل نقضيه تراويح وميسراوأطباق...

اجتمعت أمّة الاسلام على ضلالة. ضل الكلّ طريق الحياة. عندنا، الحاكم والمحكوم والإمام كلّهم جميعا فسّاد...ضاق صدري.ضاع صوابي. كل شيء من حولي رداءة. كلّ الناس من حولي تعاسة.ها أنا في الوحل، أهذي كالعادة...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115