بالرغم من ان الحملة التى يقوم بها عادل العلمي رئيس حزب الزيتونة مصحوبا بعدل منفذ انطلقت منذ ايام إلا ان النيابة العمومية لم تتحرك ولم تتخذ الى حد كتابة هذه الاسطر أي اجراء وفق ما افادت به مصادر «للمغرب».
مساعد اول لوكيل الجمهورية ببنزرت لـ«المغرب» : بإمكانهم استئناف الحكم .. وليس لنا أي اشكال معهم
اصدرت محكمة الناحية ببنزرت حكما بالسجن مدة شهر ضد أربعة مواطنين بتهمة «التجاهر عمدا بفحش» على خلفية الإفطار في شهر رمضان جهرا وتعود اطوار القضية الى تعمد 4 مواطنين دون مآوى في احدى الحدائق العمومية بمدينة بنزرت التدخين والاكل والشرب علنا مما تسبب في استفزاز بعض المارة، الذين تجمعوا حولهم مما استوجب تدخل الامن وسجل محضر في حقهم في حالة تقديم من اجل التجاهر عمدا بفحش وفق ما افاد به لـ«المغرب» شكري الاحمر مساعد اول لوكيل الجمهورية ببنزرت .
كما افاد ايضا نفس المصدر ان المواطنين الاربعة في حالة سراح وبامكانهم خلال 10 ايام استئناف الحكم ، مشيرا الى ان مثل هذه القرارات والأحكام تتخذ بصفة متكررة في شهر رمضان من كل سنة وتصل احيانا الاحكام الى الاحتفاظ بهم لكن الضجة التى اثارتها هذه السنة هي التي سلطت الاضواء على الموضوع خاصة مع ما قام به عادل العلمي، مشددا في الاطار نفسه على حرية كل فرد في معتقداته ودينه ولكن من المهم مراعاة مشاعر الاخرين دون المساس بحرية أي فرد.
تجاوزات
نشرت اذاعة اكسيجان اف ام فيديو يبن الحالة الرثة التى يظهر فيها الاشخاص الاربعة «دون مأوى» في هذا السياق بين المتحدث ذاته ان هناك من بين الاشخاص من لهم عائلات وانه تم تركهم بحالة سراح وان ما يتم تداوله حول وجود اشكال معهم غير صحيح، وان الحكم اتخذ بعد ان ثبت ان ما اقدموا عليه كان استفزازا لمشاعر الآخرين مشددا في الان ذاته انهم احرار في معتقداتهم وفي ان يتناولوا ما شاؤوا لكن ليس في الاماكن العمومية .
على خلفية الحكم الصادر بالحكم على الاشخاص الاربعة وما يقوم به عادل العلمي في ظل عدم تحرك النيابة العمومية نددت احزاب ومنظمات بتصرفات هذا الاخير دون أي موجب قانوني مقابل اصدار حكم باعتماد على الفصل 226 من المجلة الجزائية في تناقض مع حرية المعتقد والضمير حسب رأيها.
وزير الداخلية الهادي مجدوب الذي علق على هذا الموضوع مساء يوم الجمعة بان النظام الذي تعمل وفقه المقاهي والمطاعم في شهر رمضان لم يتغير منذ 2011 ، وبخصوص التهجم على المفطرين افاد انه ليس من حق أيّ كان اعطاء دروس للاخرين ، ولكن هناك حد ادنى من الحريات يجب احترامها للمفطر الذي قد يكون له عذر او لا ، مشيرا الى انه لا يوجد الى حد الان أي تتبع- في اشارة الى عادل العلمي-.
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان اكدت انها تتابع بانشغال كبير تواتر حالات انتهاك للحريات الفردية والحقوق الشخصية وخاصة منها حرية المعتقد وحرية الضمير تمثلتْ خاصة في اقتحام قوات أمنية للمقاهي وقيام بعض الأشخاص ممّن لا صفة قانونية لهم بتهديد أصحاب المقاهي المفتوحة وروادها، ليتوّج هذا الانتهاك بمحاكمة غريبة المستندات والأطوار في بنزرت حُكم بموجبها على أربعة مواطنين بالسجن بدعوى المجاهرة بالإفطار على حد تعبيرها.
وذكرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بمعارضتها المبدئية لكل القوانين الماسة بالحقوق و الحريات الفردية ولا سيما الفصل 226 من المجلة الجزائية والذي على أساسه تمت إدانة الشبان المذكورين، واعتبرت ان الحكم الصادر في حق المواطنين الأربعة ببنزرت حكما غير عادل وترى في ما استند إليه من قوانين غير متلائمٍ ومنطوق الدستور.
كما نددت بالتجاوزات الأخلاقية الصادرة عن بعض الأشخاص ممن لا صفة قانونية لهم وتطالب السلط العمومية بمحاسبتهم على ما أتوه من اعتداءات على المواطنين وهم يمارسون حياتهم الخاصة مطالبة السلط العمومية بتحمّل مسؤولياتها في حماية المواطنين والنهوض بالتزاماتها الدستورية، من جهته عبر آفاق تونس عن قلقه من تأويل المحكمة الذي جعل من الإفطار «فحشا» ويعد هذا سابقة في مجال فقه القضاء لكونه تأويلا موجها يخالف منهجية الاجتهاد في تطبيق القانون ويتعارض مع ما جاء في الدستور من مبادئ تضمن الحريات الفردية والعامة.
ويرى ان هذه الأحكام الزجرية السالبة للحرية إلى جانب كونها تحدث توترا في المناخ الاجتماعي فهي تخالف في روحها وفي رمزيتها جملة الحقوق والحريات التي جاءت صريحة في الدستور ومنها واجب الدولة في حماية حرية المعتقد وحرية الضمير.
كما عبر حزب آفاق تونس عن إستغرابه الشديد لعودة ملاحقة المفطرين وغيرها من الممارسات مذكرا أن دستور 2014 جاء ضامنا بصفة واضحة لحرية المعتقد جاعلا من الحريات الفردية ركيزة من ركائز الدولة الديمقراطية.
ودعا حزب آفاق تونس القضاء في تعامله مع المجلة الجزائية وإصداره للاحكام السالبة للحرية الى مزيد التطابق مع فلسفة الدستور وروح الدولة الديمقراطية.
بين نقابة القضاة وفرع المحامين بسوسة
الهيئة الإدارية لنقابة القضاة التونسيين اكدت انها تتابع بقلق تبعات اصدار قاضي الناحية ببنزرت حكما جزائيا قاضيا بإدانة من وقع تتبعهم من أجل جريمة التجاهر بما ينافي الحياء، الأمر الذي أدّى بأحد فروع الهيئة الوطنية للمحامين لإصدار بيان يناقش فيه الحكم وينتقد ممثلي النياية العمومية وقاضي الناحية، في هذا الاطار ذكرت إن انتقاد الأحكام لا يكون إلا بالطعن فيها بالأوجه المخولة قانونا، وكل تطرّق إليها خارج إطار التدريس العلمي القانوني يشكل تدخلا ممنوعا في القضاء طبقا لأحكام الفصل 109 من الدستور. وياتى ذلك على خلفية اصدار الفرع الجهوي للمحامين بسوسة بيانا حول الموضوع واستغرب تعاطي النيابة العمومية والقضاء مع مسالة تدخل في نطاق حرية المعتقد والضمير بما يتعارض مع الدستور والمواثيق الدولية.
كما اشارت نقابة القضاة الى ان القانون التونسي خوّل للقاضي سلطة مطلقة في تطبيق النص القانوني ومكّنه من حرية الاجتهاد شريطة التعليل تحملا منه لمسؤوليته، كل ذلك مع احترام ضوابط النزاهة والأمانة والشرف وتحت رقابة محاكم الدرجة الأعلى، بما يجعل من التشكيك في الحكم مسا من هيبة القضاء وشرف القضاة.