النيابة العمومية تفتح تحقيقا: اتهامات لقادة من نداء تونس بالتآمر على أمن الدولة

• صابرين القوبنطيني: لدي أدلة ومعطيات لملفات خطيرة
• ليلى الشتاوي: هناك تآمر على أجهزة الدولة

تطورات المشهد العام في تونس تقاس بالثواني بعد إعلان الحرب على الفساد، نائبة بمجلس الشعب تعلن عن طردها من كتلتها صباحا، فتقدم تصريحات لوسائل الإعلام، و تذكر بما سبق لها وصرحت به في مارس الفارط من ان اجتماعا بين قيادات حزبها ناقش في ذات الشهر مواضيع تندرج في خانة «التآمر على الدولة»، ليحل المساء وقد فتحت النيابة العمومية تحقيقا في الغرض، وتحيل الملف إلى قاضي التحقيق مما يعنى اليوم أن النداء سينقل ملفه من السياسي إلى القضاء ، وهو ما سيكون له انعكاسات كبرى.

أكد سفيان السليطي، مساعد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس والناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، أن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، أذنت بفتح تحقيق بشأن ما صرحت به النائبة صابرين القوبنطيني، من ان احد اجتماعات حركة نداء تونس، ناقش مواضيع ومعطيات تصب في التآمر على أمن الدولة وتهدد الأمن القومي. وقالت ان هذه المعطيات تتعلق بشفيق الجراية، الموقوف لدى القضاء العسكري.

القوبنطيني :انتظر استدعائي لأقدم معطيات خطيرة
السليطي أكد ان النيابة العمومية أذنت بفتح التحقيق طبقا لأحكام الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية، وان القضية منشورة اليوم لدى قاضي التحقيق الذي سيحدد كيفية معالجة الملف، مشيرا إلى ان التحقيق هدفه التحقق من صحة ما صرحت به القوبنطيني، وبناء على ذلك ستحدد كيفية التعامل وهل ستوجه مراسلات إلى المجلس لرفع الحصانة عن نواب شاركوا في الاجتماع أم لا.

تطورات يوم أمس، جاءت بعد إعلان كتلة نداء تونس عن طرد صابرين القوبنطيني من الكتلة بسبب تصريحاتها التي قالت الكتلة أنها «تشوه الحزب والكتلة»، وهو ما دفع بالنائبة صابرين الى التصعيد اكثر في تصريحاتها، لتعلن ان هناك علاقة بين نواب ومنتمين إلى الحزب بشفيق الجراية ، وان هذه العلاقة كانت سببا في ربط عدد من نواب الحركة بقوات «فجر ليبيا» وجددت قولها ان اجتماعا جمع قادة حزبها ونوابا عنه تداول معلومات تمس بالأمن القومي.

معلومات تحفظت القوبنطيني عن تقديمها، لتشدد في تصريح لـ«المغرب» على أنها تنتظر استدعاء النيابة العمومية لتقدم إفادتها، التي تتضمن عدة معطيات عن ملفات تمس من الأمن العام وتبين تآمر قادة من الحزب على الدولة. متمسكة بان لديها أدلة ومعطيات عن عدد من الملفات الخطيرة لن تقدمها إلا إلى القضاء.

العودة للتسريبات الصوتية لقادة النداء
لكنها في المقابل كشفت ان ما يتعلق بالتآمر والمس من الأمن العام وقعت مناقشته في اجتماع للحزب ، وقع تسريب جزء من مضمونه في مارس الفارط، وانتهى باتهام النائب ليلى الشتاوي بالوقوف خلف التسريب قبل طردها من الحزب والكتلة البرلمانية، على خلفية اتهامها بالتسريب فيما تشدد الشتاوي على ان طردها كان بسبب كشفها عن تحكم «المافيا» في قرارات الحزب وإشارتها إلى وجود «تآمر على الدولة والأمن العام».

طرد ليلى الشتاوي كان بعد أسبوع من نشر تسريب صوتي لأحد لقاءات عقدها قادة الحزب، كشفت عن تعمق الخلافات بين المدير التنفيذي ومجموعته وحكومة الوحدة الوطنية وأساسا رئيسها يوسف الشاهد الذي قال عنه نجل الرئيس انه تنكر للحزب ويرفض الاستجابة لمطالبه. الغضب لم يقتصر على الشاهد بل شمل وزراء من حكومته وأساسا المهدي بن غربية وإياد الدهماني الذي قال قائد السبسي الابن انه طالب في الكثير من المناسبات بإقالة الدهماني لكن الشاهد رفض الاستجابة.

تسجيل صوتي سرب في ظل توتر العلاقات بين حكومة الشاهد وقادة حركة نداء تونس المقربين من مديره التنفيذي حافظ قائد السبسي، تشير كل من صابرين القوبنطيني وليلى الشتاوي انه لم يكشف كل تفاصيل اللقاء الذي ناقش عدة ملفات منها ملف التحوير الوزاري وعلاقة وزراء الشاهد بالندائيين.

اذ تشير إلى أن اللقاء تطرق الى مسائل تمس من الأمن العام وتطرقوا الى تفاصيل تصب في خانة التآمر على امن الدولة، وقد سبق لسيدتين ان صرحتا بهذا الامر في مارس الفارط، لكن النيابة العمومية لم تفتح اي تحقيق ولم تقع متابعة الملف الا بعد ان اعيد التذكير به يوم أمس من قبل القوبنطيني.

إذ أن النيابة العمومية قررت ان تأذن بفتح تحقيق في ما تضمنته تصريحات القوبنطيني، دون ان يكشف السليطي في تصريحه لـ«المغرب» عن سبب التأخر في فتح المحضر، واقتصر على الإشارة أن النيابة وبعد الاستماع الى تصريحات النائبة قررت فتح تحقيق للوقوف على صحة ما قيل.

تأخير في فتح تحقيق بشأن التصريحات وعدم توجه المعنيين إلى أية جهة لتقديم معطيات بشأن التآمر، اقترن بالسياق العام لذي كانت تمر به البلاد، ازمة سياسية على خلفية إقالة وزير الوظيفة العمومية عبيد البريكي واحتدام الصراع بين نقابة التعليم الثانوي ووزير التربية السابق ناجي جلول، وتعدد المشاحنات بين الحكومة وحركة نداء تونس.

لكن يبدو أن إطلاق الحملة على الفساد من قبل حكومة الشاهد غير من وقع الأشياء، خاصة ان تعلق الأمر بملفات لشفيق جراية علاقة بها، بسبب ثقل التهم الموجهة إليه ومسها من الأمن العام للبلاد، دفعت النيابة الى استباق النيابة العسكرية في فتح تحقيق للوقوف على صحة ما نسب لقادة النداء من تهم.

الشتاوي : شفيق مورط في تسفير الشباب الى ليبيا
تهم توجهها ليلى الشتاوي في تصريح لعدد من قادة الحزب الذي طردت من كتلته وهياكله، اذ تعتبر ان عددا من نواب الحزب وقادته ارتبطوا بعلاقات وثيقة مع شفيق جراية، دفعت بهم الى طرد النائبة ناجية عبد الحفيظ لمجرد انها انتقدت شفيق ورئيسة لجنة التونسيين بالخارج لانها رافقته في زيارة الى ليبيا قبل 3 اشهر.

الشتاوي التي كانت مشاركة في اجتماعات الحزب ومنها الاجتماع الذي سرب تسجيله الصوتي، تشدد على ان هناك نوابا من حزبها سافروا مع شفيق دراية الى بلد لا اجهزة دولة فيه وتوجهوا الى مليشيات على علاقة بشفيق جراية، الذي تشدد على انه مرتبط بعلاقة وثيقة بعبد الحكيم بلحاج القيادي الإسلامي الليبي.
هذه العلاقة سمحت بتكوين علاقات بين قادة من نداء تونس وعبد الحكيم بلحاج، الذي تتهمه ليلى الشتاوي بانه متورط رفقة شفيق جراية بتسفير شباب تونسي الى بؤر التوتر وتحديدا سوريا، واعتبرت ان شفيق جراية المورط في هذه القضايا جر حركة نداء تونس لتكون لها علاقة غير مباشرة ببلحاج.

هنا تتخلى الشتاوي عن التحفظ التام وتشير الى ان التأمر على امن الدولة في الاجتماع المشار إليه، يتعلق بكيفية التعامل مع أجهزة الدولة دون ان توضح أكثر، او تبين الربط بين علاقة عدد من قادة الحزب بشفيق وببلحاج وبالتآمر على أجهزة الدولة.
في انتظار ما ستكشف عنه تطورات التحقيق، يبدو ان حركة نداء تونس ستواجه أياما عصيبة، فان قدمت القوبنطيني الأدلة التي تشير إلى أنها بحوزتها وتدعم اتهاماتها لقادة الحزب، فان الصف الأول فيه وفي كتلته النيابية سيجد نفسه في مواجهة تهم خطيرة لا تمس منهم بل من الحزب برمته، الذي قد يجد نفسه أمام القضاء العسكري، ان قرر التدخل على الخط نظرا للتهم الموجهة.

تهم قد يتمسك النواب بحصانتهم البرلمانية لتجنبها لكن المدير التنفيذي للحزب وعدد من قادته لن يجدوا ما يحول دون الوقوف امام قاضي التحقيق لتقديم افادتهم، والدفاع عن انفسهم ضد تهم وجهت اليهم من داخلهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115