في الحرب على الفساد هناك عدوان، الدولة/المجتمع ولوبيات الفساد وأباطرته، أي أنها حرب لا تقبل بحياد الفاعلين في المشهد السياسي، حياد يخدم عن وعي ودونه الفساد، لكن ما اخطر من الحياد هي إنصاف المواقف الداعمة، التي صدرت بشكل صريح من أحزاب كبرى في الحكومة.
مواقف تتخفى خلف البيانات الإعلامية التي صدرت تباعا يوم أمس، بعد ان سبقتها تصريحات لقادة ونواب من الحزبين الكبيرين، النهضة والنداء، تقوم على ضرورة اتقاء رفض حملة الشاهد علنا، بعد ان تحرك الشارع التونسي وعدد من الاحزاب واعلن الدعم المطلق للحملة، وهذا لا يعني صكّا على بياض للحكومة.
دعم معلن ترافق مع تشكيك في النوايا، عبر الاعراب عن التخوف من ان تكون حملة الشاهد ورقة لضرب فريق دون اخر، اي ان ايقاف شفيق جراية وغيره، هو صراع بين متنفذين في الدولة، وهذا تشكيك صريح في الحملة ، وان كان غير مباشر، فجعل الحرب على الفساد حربا بين طرفين يوصفان بأنهما متنفذان في الدولة ومخترقان لاجهزتها، لايخدم الا لوبيات الفساد، التي ستقدم على انها ضحية لا مذنبة.
تقديم المشكوك في تورطهم في الفساد، في انتظار الحكم القضائي، على انهم ضحايا لم يقتصر على اعراب قادة من احزاب الحكم عن خوفهم من ان تكون الحملة «تصفية حسابات» لا سند قانوني لها، بل شمل تقديم الموقوفين على انهم مختطفون، والحال انهم في الاقامة الجبرية بموجب قانون الطوارئ.
القول بالخطف صدر عن نائب بمجلس نواب الشعب منتسب لحركة نداء تونس، التي دعمت الحملة، في ظل اكراهات عدة، أولها ان الموقوفين قياديون منها، جراية والشنوفي، ولهما دعم من نواب بالحزب، اعلن في السابق من على منابر إعلامية. لكن أيضا الإكراه يكمن في خشية قادة الحركة وخاصة الوافدين الجدد من ان تتسع رقعتها وتطال دوائرهم.
هذه الخشية تنبع من عدم أشعارهم بالحملة التي تفيد مصادر موثوقة من انه وقع الاستعداد لها منذ فترة، عبر تحديد قائمات المطلوبين لشبهة فساد وتهديد الأمن العام، وان التزامن مع أحداث تطاوين، فرضته اكراهات الواقع لا البحث عن الهاء الرأي العام.
فورقة الإلهاء التي رفعت من قبل محسوبين على الجبهة الشعبية ومقربين من مراكز القرار فيها، تهدد بإضعاف الحملة عبر إفقادها سندها الشعبي، الذي يظل احد اهم عناصر نجاحها، هذا الموقف الذي لم يؤكد بعد ببيان رسمي في انتظار انتهاء اجتماع مجلس امناء الجبهة الشعبية، لإعلان الموقف الرسمي من الجبهة، في ظل نقاشات في الكواليس تدفع الى التنبيه من خطر الهاء الشعب عن مطالبه الحقيقية بورقة محاربة الفساد.
الحرب ضد الفساد هي معركة صفين لا ثالث لهما، والبحث عن تموقع ثالث او المسك بالعصا من منتصفها في هذه الحرب، ليس سوى دعم للفساد عن حسن نية او سوئها، فالخشية أن تعبد النوايا الحسنة لطيف من المعارضة والمجتمع التونسي الطريق للوبيات الفساد للانتصار في المعركة.
قائمة الموقوفين في الأيام الثلاثة الماضية:
شفيق جراية - ياسين الشنوفي - رضا العياري - أحمد خير الدين المدب- علي القريري - عادل جنيّح -فتحي جنيح - نجيب بن اسماعيل