ماذا نفعل مع التكفيريين في السجون؟!

بقلم: هادي يحمد (اعلامي وكاتب تونسي)

مع عودة المئات من الشباب التونسي من سوريا والعراق من الذين ثبت قتالهم الى جانب تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى، طرح السؤال الجديد ـ القديم حول مالذي يمكن فعله مع الشباب الذي يتبنى العمل المسلح من أجل فرض

افكاره بناءا على تكفيره للدولة والمجتمع.

يكتسب السؤال أهمية مضاعفة عندما يتعلق الأمر بتزايد أعداد المعتقلين من التيار السلفي الجهادي في السجون التونسية والذين وقع القبض عليهم اثر تصنيف جماعة «أنصار الشريعة» تنظيما ارهابيا في تونس بعد ثبوت تورطه في عمليات الاغتيال وأعمال العنف التي عرفتها البلاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

تتعمق الحيرة مع الأعداد المتزايدة من المعتقلين في قضايا الارهاب او أولئك المشتبه في انتمائهم الى التيار التكفيري في السجون التونسية حيث تقول اخر احصائيات وزارة الداخلية التونسية ان الأعداد وصلت الى حد الان حوالي ألفي معتقل ممن يتبنون عقيدة التكفير أو الذين ارتكبوا أعمال عنف.

يزيد من مشكلة المعتقلين التكفيريين انهم أصبحوا ذا تأثير كبير في السجون التونسية على بقية المساجين المحكومين طبق قضايا الحق العام .

في الحقيقة يفترض سؤال مالذي يمكن فعله مع هذا الشباب المغرر به كما تصفه السلطات الأمنية التونسية اجابات عدة.

ماذا بعد المعالجة الامنية؟!
طبعا تمثل الاجابة الامنية والتي أثبتت نجاعتها بعد «ملحمة بنقردان» والتي أسست فعليا لارادة الدولة الحازمة في القضاء على أي خروج على سلطتها بالقوة المسلحة، اجابة ضرورية وانية في التعامل مع الجماعات المتطرفة المسلحة. لا جدال في هذا الأمر، لان الامر لا يتعلق فقط بالامن القومي ولكن أيضا في حماية التجرية الديمقراطية الوحيدة في المنطقة العربية.

هذه المعالجة الأمنية والقضائية أصبحت أكثر فاعلية بعد المصادقة على قانون مكافحة الارهاب وهو القانون الذي وقع التسريع من مناقشته والمصادقة عليه من في مجلس الشعب عقب العمليتين الارهابيتين اللتين ضربتا كلا من متحف باردو في وسط العاصمة ونزلا سياحيا بمدينة سوسة في الصيف الماضي.

الى جانب المعالجة الامنية ـ القضائية انخرطت العديد من وسائل الاعلام التونسية في «الحرب على الارهاب» في ما يمكن تسميته بالمعالجة الاعلامية للظاهرة. فقد خصصت العديد من سائل الاعلام التونسية على اختلاف اختصاصاتها مساحات واسعة من أجل التنبيه الى مخاطر الظاهرة التي تمس الشباب التونسي. ومع كل عملية ارهابية جديدة تفرد القنوات التلفزية فضلا عن كل الوسائط الاخرى فضاءات لمناقشة الظاهرة ومحاولة كشف تمظهراتها وبؤر انتشارها ومحاولة تلمس بعض الحلول التي يمكن ان تحد منها.

لقد انخرط السياسيون على اختلاف انتمائاتهم في «المعركة» مع الارهاب وأصدرت كل الأحزاب السياسية بيانات مدينة للعمليات الارهابية، ولا نبالغ في القول انه لا يمضي يوم في تونس دون القبض على خلية تكفيرية تجهز لعمليات أو تحضر «للنفير» لبؤر التوتر، ولا يمر أسبوع تقريبا دون مواجهات مسلحة في جبالنا الغربية على الحدود مع الجزائر.

لذلك نخشى أن نكون قد دخلنا فعلا مرحلة «التطبيع» مع التهديدات الارهابية. في غياب استراتيجية وطنية واضحة لمواجهة الارهاب، نخشى أن نتحول الى رجال مطافئ نكتفي باخماد الحرائق دون استئصال اسبابها العميقة. صحيح أن قواتنا الأمنية أجهضت العديد من العمليات الارهابية، وصحيح أنه وقع القبض على المئات من العناصر التي شاركت أو التي تعتزم المشاركة في الاضرار بأمن هذه البلاد، ولكن من الواضح أيضا أن المعالجة الأمنية والقضائية تساهم أيضا في تجميع التكفيريين في السجون دون التفكير بعمق في مآلات هذا التجميع. ماذا تفعل السلطات الامنية والقضائية اليوم من أجل منع تحول السجون التونسية الى مفرخة للارهابيين؟ كيف يمكن أن نمنع انتشار العقيدة التكفيرية داخل السجون وتغولها؟ في واقع سجني اهم ميزاته الاكتظاظ (23 ألف سجين لحوالي 16 سرير في حوالي 8 سجون و16 مركز ايقاف).

من أهداف هذه المقالة هو التحذير حتى لا تتحول سجوننا الى سجن «بوكا» العراقي الذي فرخ قيادات داعش أو الى سجن «الرومية» الذي تحول الى امارة للتكفيريين في لبنان أو سجن «الجويدة» في الاردن الذي تخرج منه كل من عصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي) وتلميذه مصعب 

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115