شهادة عماد الطرابلسي في جلسة استماع هيئة الحقيقة والكرامة تكشف المستور: «تلاعب ،تدليس وتجاوزات بالجملة بتواطؤ من الديوانة ومسؤولين سابقين وهذا ما حصل في 14 جانفي»

عقدت هيئة الحقيقة والكرامة ليلة أمس الجمعة 19 ماي الجاري سلسلة أخرى من جلسات الاستماع ،جلسة ليست كسابقاتها حيث تم خلالها الاستماع إلى شهادة عماد الطرابلسي احد أصهار الرئيس السابق بن علي،خطوة هي الأولى من

نوعها بعد إمضائه وآخرين من العائلة الحاكمة سابقا اتفاقيات مصالحة. شهادة عماد الطرابلسي كانت شاملة وسلّط فيها الضوء على عديد المسائل والتجاوزات والتي ارتكبها بداعي الغرور والإغراء و التقرب من عمته ليلى بن علي على حدّ قوله بمشاركة عدد من الوزراء السابقين والمسؤولين ورجال الأعمال،كما تحدث أيضا على 14 جانفي وما حدث داخل مطار تونس قرطاج.

جلسة الاستماع كانت بحضور عدد من السياسيين والحقوقيين من بينهم راضية النصراوي،حمة الهمامي،وحيدة الدريدي رئيسة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب وغيرهم،وللتذكير فغن جلسات الاستماع التي أجرتها هيئة الحقيقة والكرامة لم تكن بحضور رئاسة الجمهورية ولا رئاسة الحكومة ولا أيضا رئاسة مجلس النواب وهو ما أثار استغرابا كبيرا منذ انطلاقها.

«تجارة البانان والتلاعب بمشاركة عدد من أعوان الديوانة»
«كنت مقرّبا من عمتي ليلى بن علي وبحكم قربي من السلطة دخلت معترك المال والأعمال مبكرا انتصبت للحساب الخاص وكانت البداية بشركة تصدير وتوريد» هكذا انطلق عماد الطرابلسي في رواية قصّته مع العائلة الحاكمة سابقا وواصل قائلا «شاءت الأقدار أن اتعرف على شخص لا داعي لذكر اسمه كان يملك 3 او 4 شركات عقارية عرض عليّ أن أشاركه في إحداها فوافقت وكانت أولى مشاريعها في منطقة النخيلات،ومن ذلك دخلت سوق المال والأعمال واستثمرت في المقاطع إذ عرضت عليّ أرض في الهوارب من قبل وزارة أملاك الدولة بتدخل من ليلى بن علي بعد مماطلة من الوزير آنذاك ولكن فيما بعد توترت علاقتي ببن علي وأصبح بيننا شبه عداء الأمر الذي جعله يطلب مني فض الشراكة مع صاحب الشركات العقارية سالف الذكر فكان الأمر كذلك فانتصبت أعمل للحساب الخاص في نفس المجال ولكن المشاكل بقيت مؤثرة على العديد من الأشياء وفي 2004 تعرفت على شخص كان يعمل مع أقاربي اخبرني انه تعرض إلى مظلمة تتمثل في محضر ديواني بـ20 ألف دينار وعرض علي أن نعمل مع بعضنا فتدخلت له لسحب المحضر ورفع معها وقتها مدير الديوانة ،ومن هنا انطلقت رحلة الاستثمار في الموز وأصبحت شركاتنا مسيطرة على هذه التجارة وحدث فيها تلاعب في تعطيل الشحنات للمنافسين وكان أعوان الديوانة مسخرين أنفسهم لخدمتنا مقابل مبلغ من المال حسب الربح إذ يمكن أن يصل إلى 30 ألف دينار للأربعة أعوان».

مجالات أخرى
واصل عماد الطرابلسي حكايته مع المال والأعمال والتجاوزات فقال «بعد التجارة في الموز دخلنا مجالات أخرى على غرار المكيفات والمواد المنزلية والفواكه الجافة التي كانت توجه إلى السوق الموازية والشركات الكبرى للهروب من الاداءات وذلك بتدليس الوثائق واعتقد أن هذا الأمر لا يزال إلى اليوم فالمنظومة هي نفسها تعمل حسب الأصداء التي تصلني وأنا في السجن هناك أيضا شركات تؤسس تحت طائلة القانون عدد 62 أي يتم توريد مواد خام على أساس ان يتم تصنيعها في تونس ليعاد تصديرها ولكن هذا على الورق فقط وفي الحقيقة هي لا تغادر التراب التونسي وتباع في الأسواق التونسية فمثلا الورقة الممضاة من قبل عون الديوانة تدل على أن المادة المصدرة هي فواكه جافة والحقيقة أن البضاعة التي خرجت هي النحاس وبالتالي فالكل مشارك في هذا التلاعب والأمر ليس حكرا على عائلة الطرابلسي وبن علي ،هناك تلاعب أيضا في التبغ بتواطؤ من الرئيس المدير العام للشركة المعنية وذلك سنتي 2007 و2008 ويضيف عماد الطرابلسي «في سنة 2005 دخلت تجارة المواد الكحولية التي درّت عليّ أموالا لا تحصى ولا تعد تمكنت من شراء مستودع بكل من البحر الأزرق والشرقية وأصبحت مسيطرا على 30 % من السوق التونسية بالطرق العادية وغير القانونية وأصبحنا نودع 800 مليون أسبوعيا في النبك مما جعل بقية البنوك تفتح ذراعيها».

بطاقة جلب دولية
في سنة 2006 تم جلب يخت جديد اتضح انه مسروق فقررت السلطات التونسية تسليمه إذ تم إصدار بطاقة جلب دولية في حق عماد الطرابلسي الذي تحدّث عن الواقعة قائلا «في أولى أيام رمضان من سنة 2007 اتصل بي علي السرياطي يعلمني انني لا يمكنني السفر فقد صدرت في حقي بطاقة جلب دولية ولكنني أخبرته أنني يجب أن أسافر فاقترح أن يمكنني من جواز سفر دبلوماسي فرفضت تجنبا للفضيحة واتصلت بمحامي اعرفه وبظهور المعطيات تبين ان من جلب اليخت ابن عمي وان المكالمات الهاتفية التي رصدتها السلطات الفرنسية لا يوجد بها صوتي وثبتت براءتي».

14 جانفي وقصة محاولة التهريب
اندلعت الثورة وانتهت معها رحلة العائلة المالكة حيث أعلن عن هروب بن علي وزوجته ولكن بقية أفراد العائلة تم إيقافهم في مطار تونس قرطاج ومن هناك انطلقت الحكاية التي كشف عماد الطرابلسي الشيء القليل منها فقال «دخلت آخر شخص إلى المطار فوجت بقية افراد العائلة وعددهم تقربا 40 شخصا ،شقيقي كان تعرض إلى الضرب ومع الساعة السادسة من يوم 14 جانفي أعلمنا الجيش انه هو الماسك بأمور البلاد لأن ين علي هرب وأننا سنبقى موقوفين واتجهنا إلى العوينة أين تم إيقافي 13 يوما ولكن قبل ذلك جاء المدير الحالي للخطوط التونسية واصطحبني إلى احد المكاتب بالمطار وبعد الاتصال بأحد الأشخاص تغيّرت نبرته في الخطاب معي واقترح عليّ أن أغادر البلاد صحبة بقية أفراد العائلة بشرط موافقة محمد الغنوشي ورشيد عمار وقتها فقمت بالاتصال بأصدقاء في ليبيا وايطاليا من اجل توفير طائرة خاصة ولكن الغنوشي رفض الأمر ومن هنا انطلقت الرحلة مع القضايا مخدرات وشيكات دون رصيد وغيرها وأنا اليوم قضيت 7 سنوات سجن».

«نبدو صفحة جديدة»

بعد وابل المفاجآت التي كشفها ختم عماد الطرابلسي شهادته في جلسة الاستماع التي عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة حيث اعترف أنه قام بتجاوزات وتلاعب في عديد الأمور وطلب الصفح وان تطوى صفحة الماضي فقال «اعتذر من كل قلبي ونبدو صفحة جديدة لأعود الى معترك الحياة مجددا فقد قضيت 7 سنوات سجن».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115