مشروع قانون المصالحة: شارع الحبيب بورقيبة ينتفض ضد القانون

• قادة أحزاب المعارضة والمتظاهرون يدعون الرئيس لسحبه
بعد أكثر من ثلاث سنوات، عاد لشارع الحبيب بورقيبة زخم محتجيه، وهذه المرة نجح القائمون على

مسيرة رفض قانون المصالحة في حشد عدد هام من التونسيين في مسيرة وحدت صفوف 12 حزبا واكثر من 50 منظمة خلف مطلب وحيد وهو سحب قانون المصالحة بعد ثلاثة ايام على خطاب رئيس الدولة المدافع عنه والرافض للجوء الى الشارع لإسقاط القانون.

الساعة تقارب الثالثة من عصر يوم السبت 13 ماي 2017، الحركة في شارع الحبيب بورقيبة لاتزال محافظة على نسقها العادي، باستثناء بروز حواجز حديدية تحدد مكان المسيرة التي أعلنت عنها منظمات وأحزاب وأساسا حملة «ما نيش مسامح» للمطالبة بإسقاط قانون المصالحة.

توافد المشاركين ظل بطيئا على الساحة فقد تقاطروا بالافراد والجماعات، أعلام ترفرف معلنة عن ان حاملها قدم للمشاركة في المسيرة يراقبه الجالسون في مقاهي شارع الحبيب بورقيبة، وكلما مرت الدقائق تضاعف العدد ليقترب من الـ500 قبل انطلاق المسيرة في توقيتها الرسمي، بقليل. 500 محتج سرعان ما بات رقمهم يتجاوز 4000 شخص توافدوا زمرا ومجموعات الى شارع الحبيب بورقيبة مقتصرين على رفع العلم التونسي دون أعلام الأحزاب او المنظمات، رافعين شعارات ترفض قانون المصالحة وتطالب الرئيس الباجي قائد السبسي بسحبه.

الشعارات التي ردّدت في مسيرة امس التي جابت شارع الحبيب بورقيبة، منطلقة من تمثال ابن خلدون لتتوقف عند تمثال الحبيب بورقيبة، تضمنت تشهيرا بالفساد واعتبار القانون يطبع معه ويفرضه كأمر واقعي على الأرض بعد 7 سنوات من الثورة.

قادة أحزاب المعارضة ونواب في المسيرة
رفض القانون الذي جمع المحتجين من مختلف العائلات والمشارب الفكرية، ينطلق وفق نزيهة رجيبة، ام زياد، التي كانت من المشاركين في المسيرة، من رفض محاولة الغاء الثورة عبر القضاء على اهم شعارات الثورة، وهو محاسبة عصابة السراق، واعتبرت ان القانون جاء للعفو عنهم في نسف لما يقره الدستور التونسي.

نزيهة رجيبة اعتبرت ان مسيرة يوم أمس «تخيف المبادرين بالمشروع» وتقدم لهم فكرة عما سيكون عليه الأمر ان مرر القانون، هذه الفرضية استندت رجيبة في وضعها الى خطاب رئيس الجمهورية يوم الأربعاء الفارط، اي قبل ثلاثة أيام من المسيرة، جاء فيه تشديد من الرئاسة على ضرورة تمرير القانون مع ترك هامش التعديل مفتوحا.

خطاب الرئيس تضمن دعوة للمعارضة للابتعاد عن الشارع والاقتصار على الاحتجاج في المجلس، وهو ما اعتبره حمة الهمامي، المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية مرفوضا، دون ان بغفل عن الإشارة الى ان مسيرة يوم أمس هي بداية حملة حقيقية ضد قانون رئاسة الجمهورية الذي اعتبره قانونا لتبيض الفساد والاستبداد واحد أوجه العودة لمنظومة الحكم القديمة التي رفع المتظاهرون صور عدد من رموزها، ممن التحقوا اليوم بحركة نداء.

على يمين حمة الهمامي ويسار «ام زياد»، اصطف عدد من نواب مجلس الشعب جنبا الى جنب لاعلان رفضهم لقانون المصالحة ، مشاركة قال عنها زياد الأخضر أنها تتماشى مع مواطنيتهم قبل ان يكون نواب للشعب، لذلك فهم اختاروا ان يعارضوا مبادرة اعتبر انه انقلابا على روح الدستور والثورة، وسيقومون بذلك مع كل قانون من هذا القبيل.خيار قال انه سيحدد من سينتصر قوى الثورة ام قوى الردة التي تريد العودة بتونس الى الاستبداد.

المسيرة تجزأت الى نصفين، نصف يقوده الشباب من خارج الأحزاب، والنصف الاخر كان قادة الاحزاب في صفه الاول ومنهم عصام الشابي الذي اعتبر ان مظاهرة يوم امس لها دلالات من حيث الكمية والنوعية، وأشار الى ان التعبئة السياسية والمدنية ضد هذا القانون الذي وحد قسما من المعارضة ضده في الشارع الذي اعتبر انه فضاء عمومي من حق المعارضة اللجوء اليه لتعبئة الشارع ضد قانون المصالحة.

قانون قالت عنه مبروكة البراهمي، نائب بمجلس الشعب، انه خذل الشعب التونسي وانتصر لعصابة من اللصوص، وأنهم كنواب سيخوضون كل المعارك للدفع الى سحب القانون. دعوات السحب عبر عنها أيضا مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي، الذي ذكر بان رفض القانون كان منذ 2015 لعدد من المؤاخذات لاتزال موجودة، ومنها انه يقسم الشعب التونسي مقابل الاستجابة لضغوطات الدوائر المالية. الدعوة لسحب القانون تبنّاها بدوره زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، الذي اعتبر ان المسيرة ليست فقط لرفض قانون المصالحة الذي اعتبره قانون فساد، بل للإعلان عن فشل المنظومة الحاكمة في تحقيق انتظارات الشعب.

«ما نيش مسامح مايتعداش»
شعارات المسيرة وأعلامها فرضها قادة حلمة «ما نيش مسامح» من الشباب غير المنتظمين في احزاب بالأساس، وهم من قاد المسيرة التي استمرت لاكثر من ساعتين، رافعين شعارات ترفض القانون الذي قالت عنه مريم البربري، احد المتحدثين باسم الحملة، انه اثار غضب الشباب والشعب التونسي، الذي هو صاحب القرار.

شباب قالت انه نجح في الضغط على نواب المعارضة وقادة أحزابها على النزول الى الشارع ووحدتهم على أرضية وحيدة وهي معارضة قانون قالت انه» لن يمر» ليس فقط بسبب نجاح المسيرة بل لاستمرار الحراك الرافض للقانون في الجهات.

نجاح المسيرة عبر عنه شرف الدين القليل، المتحدث باسم الحملة، بالإشارة الى انه ومنذ 14 جانفي 2011 لم يتجمع عدد غفير من المحتجين النوعيين في شارع الحبيب بورقيبة، محتجون ينتمى جزء منهم الى اكثر من 12 حزبا و50 منظمة ورغم ذلك لم يرفع اي شعار او علم حزبي، معتبرا ان المستوى الثاني من النجاح يكمن في ان المحتجين لم يقع جلبهم بالحافلات ولم تقدم لهم الإغراءات المالية، إنما جاؤوا عن قناعة للوقوف ضد تمرير قانون المصالحة، في إطار حملة أبدعت أشكالا جديدة للتظاهر.

المسيرة نجحت في إدانة رئيس الجمهورية الذي رفض ان يكون رئيسا لكل التونسين، ونجحت في إحراج منظومة الحكم حتى وان تمكنت عبر أغلبيتها النيابية من تمرير القانون.

جولة اولى كسبتها المعارضة في الشارع ويبدو انها ستعزز موقعها في دفع الجهة المبادرة إلى التراجع عن قانون المصالحة او تأجيل الخوض فيه الى وقت لاحق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115