يبدو أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد يسعى إلى تحصين حكومته من الاتهامات والانتقادات الموجهة إليها على غرار الشعارات التي رفعتها بعض المنظمات عبر حملة «وينو البترول»، وتعالت الأصوات المنادية من قبل عدد من المحتجين بتخصيص جزء من عائدات ثرواتهم الطبيعية لفائدة التنمية بجهاتهم في إشارة خاصة إلى اعتصام الكامور، وذلك من خلال تشكيل لجنة وطنية فنية للتدقيق في الثروات الطبيعية من النفط إلى الغاز إلى الملح والرخام وغيرها من الثروات، تضم شخصيات وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة تتولى التدقيق والتثبت في ما تملكه البلاد من ثروات.
مهام لجنة التدقيق في الثروات الطبيعية على مستوى رئاسة الحكومة ستتمحور حول 4 نقاط أساسية وفق ما أكدته بعض المصادر، المحور الأول يتمثل في تكليف خبير دولي في إطار التعاون التقني الدولي بين وزارة الطاقة والبنك الدولي وانجاز دراسات ومشاريع قوانين حول مقارنة بين مداخيل الدولة من نشاط المحروقات ودفوعات الشركات الناشطة في هذا المجال، أما المحور الثاني فيتعلق بمراجعة مجلة المحروقات والتي تعدّ عملية ضرورية ومهمة في إطار الحوكمة في مجال الطاقة والمحروقات وهذا الهدف الثالث من تشكيل هذه اللجنة، أما النقطة الرابعة فترتكز على تكثيف مهمات الرقابة والمتابعة والتثبت وهذه العملية ستتم عبر تكليف 10 إطارات وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة لتولي هذه المهمة.
لجنة ذات صبغة إدارية لا فائدة منها
لجنة التدقيق في الثروات الطبيعية تعدت مرحلة الفكرة وقد انطلقت مصالح رئاسة الحكومة منذ فترة في بلورتها وإعداد الخطوط العريضة لهذه اللجنة التي ستكون بمثابة الردّ على التشكيك في عمل الحكومة وحملات «وينو البترول» بالتزامن مع عمليات التدقيق التي تقوم بها وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة وكذلك بالتوازي مع عملية انطلاق رئيس الحكومة في النظر في مجمل الملفات الموجودة على مكتبه في إطار عمليات التدقيق التي قامت بها وزارة الطاقة للعقود البترولية. تركيبة اللجنة الوطنية وفق مصادر حكومية لم تتحدد بعد وكذلك الشكل الذي ستكون عليه إما لجنة وطنية أو إدارية تضمّ فقط الشخصيات الإدارية ذات العلاقة والطرف الذي سيشرف عليها، هذه المسائل مازالت تشتغل عليها رئاسة الحكومة ويمكن أن تتوضح الرؤية في قادم الأيام. من جهة أخرى ترى قيادات نقابية أن تركيبة اللجنة مهمة جدا وأنها يجب ألا تكون إدارية بل يجب أن تضمّ شخصيات ممثلة عن الشركات ذات العلاقة وأخرى ممثلة عم المجتمع المدني وممثلين عن الجمعيات المشاركة في حملة «وينو البترول» وممثلين عن لجنة الطاقة من مجلس نواب الشعب وإذا أتيحت الفرصة ممثلين عن الأحزاب السياسية وعن المنظمات الوطنية على غرار اتحاد الشغل وبخلاف ذلك، فإن اللجنة سيكون موضوعها «فارغا» إن اقتصرت على الإداريين فقط، فاللجنة يجب أن تكون متعددة الأطراف.
عمليات تدقيق على مستوى وزارة الطاقة
حسب مصادر من وزارة الطاقة فإن الوزارة قد انطلقت في مبادرتها بخصوص عمليات التدقيق في الثروات الطبيعية منذ فترة في إطار حوكمة القطاع ومزيد الشفافية وقد قامت بعديد الإجراءات على غرار وضع مخطط استراتيجي لهيكلة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وتدعيم مواردها البشرية على أساس مزيد إرساء منظومة حق نشر المعلومة عبر بعث بوابة خاصة بالمعطيات والعقود الطاقية إضافة إلى بعث موقع واب خاص بالوزارة وبعث إدارة عامة تعنى بالإستراتيجية واليقظة، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تندرج في إطار مبادرة خاصة بالوزارة تكريسا للشفافية وحوكمة قطاعي النفط والمناجم في البلاد وتمّ الانطلاق عبر مدى ملاءمة بعض أحكام مجلة المحروقات مع الفصل 13 في مرحلة أولى وفي مرحلة ثانية ستتم إعادة هيكلة المجلة بصفة شاملة بما يتماشى وروح الدستور التونسي. وأضافت مصادرنا أن عمليات التدقيق التي تقوم بها الوزارة ستشمل عمليات مراقبة ومتابعة كل المؤسسات العمومية ذات العلاقة من شركة الصوناد إلى الستاغ إلى الشركة التونسية البترولية إلى شركة ستير إلى وكالة الطاقة وشركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي أي أن كل المؤسسات التي تعود بالنظر إلى وزارة الطاقة ستشملها المبادرة الإستراتيجية للوزارة بخصوص الانخراط التام في الشفافية والحوكمة.
زيارات ميدانية مكثفة لحقول النفط
انطلقت الوزارة في إطار خطتها لمجلة المحروقات كخطوة أولى ثمّ تقديم المعطيات الدقيقة حول قطاع المحروقات في البلاد للرأي العام وقد تمّ ذلك في إطار ندوة صحفية عقدتها الوزيرة في رئاسة الحكومة في بداية الأسبوع الجاري كخطوة ثانية، كما تمّ أيضا تنظيم الأيام الأولى لتوزيع المواد البترولية يومي 8 و9 ماي الجاري وتمّ خلالهم إرساء اتفاق إطاري وخارطة طريق من أجل ديمومة القطاع، هذا ومن المنتظر أن تنتظم يومي 16 و20 ماي الجاري يوم وطني حول النفط والثروات الطبيعية في تونس بالاشتراك مع الاتحاد العام التونسي للشغل وجميع المتدخلين في القطاع، خطوات تتولى الوزارة وفق مصادرنا القيام بها بالتوازي مع عمليات المتابعة اللصيقة والمستمرة منذ أشهر لعمليات إنتاج النفط في الحقول من خلال زيارات ميدانية مكثفة للمتابعة ومراقبة العدادات والتثبت. من جهة أخرى شددت مصادرنا على أن وزارة الطاقة وكافة مصالحها مستعدة للتعاون الكلي وغير المشروط مع كل من يملك وثائق مؤكدة حول وجود شبهات في بعض العقود البترولية وتقديم المعطيات الضرورية.