لا يمكن لها ان تستمر فيه ان لم تع بضرورة أن تصنع لنفسها تصورا لكيفية الخروج من الوضع الحالي ونجحت في ان تثير شهية التونسيين للحلم.
توجهت الأنظار يوم أمس إلى صفاقس باعتبارها محطة يوسف الشاهد الأولى في زياراته الميدانية للجهات بعد موجة الاحتجاجات الأخيرة التي لا تزال متواصلة، هناك وفي الولاية التي تحتضن مليون ساكن، بحث الشاهد وحكومته عن كيفية إقناعهم بان الحكومة تحمل إليهم رؤية جديدة لتنمية الولاية، حتى وان كان جزء هام منها يقوم على إجراءات وقرارات قديمة.
فالزيارة التي قال الشاهد أنها تمتد على يومين، انطلقت أمس وتنتهي اليوم، حلمت معها قرارين لهما دلالة هامة، أولهما برمجة انجاز الطريق السيارة صفاقس – سيدي بوزيد – القصرين الذي ستنطلق دراساته خلال السنة الجارية وأشغاله خلال السنة المقبلة وسيكون على طول 200 كلم بكلفة تقديرية تناهز 800 مليون دينار والثاني إطلاق دراسة «صفاقس 2050»، وهي دراسة استشرافية شاملة لتطور مدينة صفاقس إلى حدود سن 2050.
هذان القراران من أصل 31 قرارا، أهميتهما تكمن في تأثيراتهما المباشرة وغير المباشرة، كطريق السيارة المنتظر أن يقوم بربط ثلاث ولايات معا، وهي ولايات لها ترابط تاريخي وحضري، ستكون نتائجه خلق دينامكية جديدة للتنمية في الولايات الثلاث، التي ستستفيد كل منها من الطريق، الذي لن يكون وحده كافيا إن غابت رؤية استراتيجية، تقوم على خلق فرص التنمية في الجهات والتركيز على جعل كل جهة تختص برؤيتها الخاصة.
هذه الرؤية التي تظهر كطيف في خطاب الشاهد، دون ان تبرز كخيار واعي، ومنها قوله بضرورة التمتع بروح بناة الدولة الوطنية لأن المرحلة الحالية هي مرحلة مواصلة البناء الوطني مع كل الاختلافات بينهما . وتشديده على ضرورة عودة الأمل الذي جاءت به الثورة، التي لم يغفل عن أسباب اندلاعها، وهو الحيف والفقر.
صعوبة المرحلة ودقتها وحاجة تونس لكل الجهات والأبناء للنجاح في مسارها، كان لهما مكان في خطاب الشاهد الذي ابرز النجاح السياسي الذي حقق في تونس، التي يعتبر انها اليوم في مرحلة استكمال البناء ودونه لا نجاح لثورة طالبت بالتشغيل والتنمية.
هدف قال الشاهد أن الوصول إليه يمر عبر بإعطاء الأولوية للجانب الاقتصادي والاجتماعي في منوال تنمية عادل، يضع حدا للمنوال السابق القائم على سرعات مختلفة في كل جهة والانتقال لمنوال تنمية عادل في إطار رؤية وطنية، تأخذ بعين الاعتبار خصائص كل جهة، وهنا كرر الشاهد كثير ان لحكومته رؤية وطنية وليس جهوية، فان هي وضعت بعين اعتبارها خصائص الجهات ونقاط قوتها فان ذلك سيكون في إطار وحدة وطنية تجعل لكل جهة دورا في منوال تنميتها.
عند هذا المستوى من الخطاب، تبرز ملامح الطريق الجديد الذي قد تسلكه الحكومة بوعي منها أو دونه، وهو الانتقال من منوال تنمية مركزي، خلق تفاوت جهوي حاد، ليس في مستوى الاستثمارات ونسب التشغيل وإنما في كل مرافق الحياة ومقوماتها، إلى منوال تنمية حديث يمزج بين البعد الجهوي والوطني.
هذا المنوال المنشود، الذي بمقدوره جعل الولايات المهمشة «ارض فرص» لن يكون من الممكن المرور إليه بخيارات قديمة تنطلق من «معالجات آنية» للازمات التي تثار مع كل احتجاج تشهده منطقة، وتقديم وعود واتخاذ قرارات لن تغير من الواقع شيئا يذكر، طالما أن المحرك الأساسي هو تصور يقوم على التهدئة وامتصاص الغضب لا خلق الفرص والحلم.
هذا هو التحدي الذي ستجبر حكومة الشاهد على خوضه، ولن تجد لها مفرا منه، فهي ان جنحت إلى الحل القديم أي قرارات تعالج ظرفيا أزمتها دون تصور ورؤية تربط بينها لفك عزلة الولايات المهمشة، ستجد نفسها تدور في حلقة مفرغة، فهي ان أنشأت مستشفى في ولاية ستكون مطالبة بغيره في ولايات أخرى، وهذا مثال عما ستواجهه.
الحل اليوم واضح وان كان صعبا، هو خلق الحلم، لا على المستوى الوطني فقط وانما على المستوى المحلي والجهوي، أي ان تكون لكل جهة ومعتمدية حلم مشترك، في اطار حلم وطني عام، والحلم هو تصور لكيفية تحقيق ظروف عيش محترمة ولائقة بالتونسيين.
بعض القرارات التي أعلن عنها يوسف الشاهد في صفاقس :
- منح 600 قرض صغير لفائدة باعثي مشاريع من قطاعات مختلفة .
- الانطلاق فورا في تفكيك الوحدات الملوثة لمصنع السياب و إيقاف كل إنتاج ملوث مع استصلاح الموقع وطابية الفسفوجيبس والانطلاق في برنامج إستثماري يقدر ب75 مليون دينار لتركيز قطب تكنولوجي و مركز بحث و تكوين حول الموقع.
- الانطلاق فورا في تهذيب 20 حي شعبي بمدينة صفاقس على ان تنتهي الأشغال نهاية السنة القادمة
- توسيع وتجديد شبكات التطهير بكل من ساقية الزيت والشيحية والمحرس وساقية الداير والحنشة وعقارب وجبنيانة.
- تخصيص 36 مليون دينار لتهيئة محطة التطهير بالمحرس على ان تنتهي الاشغال في غضون 20 شهرا .
-انجاز محطتي تطهير بالصخيرة وبئر علي بن خليفة لتدعيم الشبكة الحالية.
- الإعلان عن انطلاق اشغال المستشفى الجامعي الجديد بكلفة 120 مليون دينار على ان تنتهي في ديسمبر 2019
- اقتناء آلتين جديدتين لفائدة قسم الاشعة بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة و بناء وتركيز مركزين لتصفية الدم بالحنشة والصخيرة على ان تنتهي الاشغال سنة 2019 واحداث وحدتين طبيتين متنقلتين للإسعاف والانعاش.