بلدية بعد الثورة وبعد دستور الجمهورية الثانية بقانون يعود إلى سنة 1975..
هذه التساؤلات مشروعة ولاشك ولكن الحكومة تجيب على لسان وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض المؤخر الذي أكدّ لنا بأن الحكومة ستفي بتعهداتها ، كل تعهداتها ..فلقد تمّ حلّ كل النيابات الخصوصية المتبقية وسيصدر هذا في الرائد الرسمي قبل الموعد المحدد أي 18 أفريل الجاري كما أن مشروع قانون الجماعات المحلية جاهز وسيعرض على مجلس الوزراء خلال الأسبوع القادم لتمريره إلى مجلس نواب الشعب..
ويؤكد وزير الشؤون المحلية والبيئة بأنه قد تمت تسوية كل النقاط الإشكالية في هذا المشروع بين مختلف الوزارات لأن جوهر القانون يتمثل في تحويل سلطات وصلاحيات من المركز إلى المجالس البلدية المنتخبة..
إذن، من وجهة نظر السلطة التنفيذية ، لا شيء يمنع من إجراء الانتخابات البلدية في موعدها المحدد من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أي يوم 17 ديسمبر 2017..
تبقى مسألة هامّة وهي مصادقة مجلس نواب الشعب على مجلة الجماعات المحلية والمشروع كما هو معلوم يحتوي على أكثر من ثلاثمائة فصل والرهانات المرتبطة بهذه المجلة كبيرة جدّا لا فقط في تحديد سلطات وصلاحيات السلطة عموما ولكن كذلك في الرسم الواضح والدقيق لكل منها : البلدية والجهة والإقليم ، مع العلم بأننا وإن كنا نعلم ما هي الجهة (الحدود الترابية للجهة هي حدود الولاية بالضبط) فإننا لا نعلم شيئا عن هوية الإقليم (مجموعة من الجهات) وكيف سيكون تقسيمها .. فالفرق كبير بين اختيار النموذج التقليدي (الشمال الشرقي والشمال الغربي وتونس الكبرى والوسط الشرقي ..) أو تبني توزيع ترابي جديد يمزج في الإقليم الواحد بين الجهات الداخلية والجهات الساحلية كإقليم سوسة والمنستير والقيروان وسليانة والكاف مثلا ؟ والفرق شاسع بين هذين التصورين ولكل واحد منهما استتباعات لابدّ من حصول توافق واسع حولها لأنها تهم مستقبل البلاد والأجيال كذلك..
ثم، ولعل هذا هو الأهم ، ما هي الإمكانيات المالية والبشرية التي ستخصص لكل هذه البلديات وخاصة لتلك المحدثة مؤخرا لكي يتلاءم التقسيم الترابي للبلديات مع مقتضيات الدستور ؟
أسئلة كثيرة قد تحتاج سنين طويلة لكي نجد التوازن المطلوب بين المركز والبلديات والجهات والأقاليم ولكي لا يكون نقل أجزاء من الصلاحيات عنصرا إضافيا لتعميق الفوارق بين مختلف مناطق البلاد..
تونس مقدمة على مغامرة كبيرة وضع الدستور ملامحها العامة في بابه السابع تحت عنوان «السلطة المحلية» ولكن هذه اللامركزية التي يتحدث عنها الدستور في الفصل 131 لن تصبح واقعا ملموسا ايجابيا إلا بعد عدة سنوات ..
المؤمل من الانتخابات البلدية القادمة أن تضعنا على السكة بدءا بإرساء مسار اللامركزية وثانيا بتجديد كمي ونوعي للطبقة السياسية برمتها..
ولكن بيننا وبين هذه السكة القويمة عراقيل وحسابات ومصالح نرجو أن تتجاوزها بلادنا بسلام..