حرص قادة آفاق تونس في ندوتهم الصحفية بعد انتهاء أشغال المؤتمر الثاني، مطلع الأسبوع الجاري، على الظهور متماسكين كوحدة صماء، لكن خلف صعود فوزي عبد الرحمان وياسين إبراهيم، المتنافسين على رئاسة الحزب في المؤتمر، إلى المنصة وتشابك أيديهما، تقبع حقيقة انقسام الحزب لتيارين، متحركين.
تياران برزا في نتائج انتخابات رئيس الحزب، ولكن بدرجة اكبر في انتخابات المجلس الوطني للحزب، المتكون من 130 عضوا، يقع انتخاب 50 في المؤتمر، فيما يترشح بصفته ممثلو المحليات والجهات، بعد اجراء الانتخابات.
عمليا لم يعد ينقص تركيبة المجلس الوطني للحزب، سوى 15 ممثلا للجهات، سيقع انتخابهم في الأسابيع القادمة، حيث اكد فوزي عبد الرحمان ان الانتخابات لن تتجاوز شهر ماي القادم، مشيرا إلى انه باستكمالها تكتمل تركيبة المجلس الوطني. تركيبة رفض عبد الرحمان التعليق عليها او تحديد توجهاتها، مشيرا الى ان الملفات في الحزب تناقش ويتخذ القرار بالأغلبية.
أغلبية يتضح أنها متحركة إذ لا احد من زعماء التيارين الحاليين في الحزب،ياسين ابراهيم رئيس الحزب، وفوزي عبد الرحمان الذي بات عنوان التيار المعارض لابراهيم، يحتكم عليها في كل الملفات، ووفق معطيات من مصادر متعددة في الحزب، فان الحزب انقسم الى تيارين متقاربين في التمثيلية صلب المجلس الوطني، بتركبيته غير المكتملة، وان الاغلبية نسبيا تناصر ياسين ابراهيم رئيس الحزب.
لكن هذا الانتصار الى رئيس الحزب تؤكد مصادر من التيار المعارض له، انه ظرفي، اي انه متصل بملفات تتعلق بالاساس بمشاركة الحزب في الحكم وموقفه من الحكومة، مشيرا الى ان الاغلبية تصبح ضد ابراهيم في ملفات مغايرة، منها تقييم الحكومة والنظام السياسي والملف الاقتصادي.
لكن يشدد كل من في التيارين على مسألة اساسية تتمثل في ادارة الخلاف صلب الحزب، دون تفكيكه، حيث يتشبثون بوحدة الحزب وبقائه قائما دون انقسامات هيكلية، ويعتبرون ان انقسامه الى تيارين مختلفين تماما في تصورهما لطبيعة المرحلة وضرورياتها امر في صالح الحزب.
خلاف كان يسوق قبل المؤتمر على انه بسيط لا يمسّ من الجوهر، لكن تبين لاحقا انه خلاف جوهري، وان البوْن في ملف الحكم وموقع الحزب من نظام الحكم الحالي شاسع بين الطرفين.