هدأ الجدل القائم بشأن سحب ترخيص بيع الخمور من مغازة بمدينة الجم، ، اثر حملة التي تزعمتها نائب بمجلس نواب الشعب عن حركة النهضة ليلى الوسلاتي. لتكشف عن تناقض مواقف الأحزاب، واغلبها من الرافعين للواء المدنيّة الذين وجدوا أنفسهم جنبا إلى جنب مع حركة النهضة في قيادتها لحملة غلق المغازة من وازع ديني بحث الجميع عن تسويقه على انه «هبة مجتمعية» وخشية على سلامة وامن المدينة.
فكان لهم ما أرادوا لتغلق المغازة ولتصبح المكاتب المحلية جمعيات دعوية، خاصة إن تعلق الأمر بحركة النهضة التي تصدر مكتبها التنفيذي والقيادية بها هذه الحملة. حملة أجبرت حركة النهضة وفق مصادر من داخلها على ان يجتمع مكتبها التنفيذي ليصدر بيانا حاول فيه أن يغادر ارض الألغام بأخف الأضرار، لتجعل من تبنى سحب ترخيص بيع الخمور من منطلق امني بعد استمرار الاحتجاجات. ليشير الى ان الحركة أحيانا تستجيب لحاجيات الناس وطلباتهم نتيجة للضغط ولتجنب معاكسة التيار.
بيان فضل سامي الطريقي عضو مجلس شورى الحركة، ان لا يصدر عن المكتب التنفيذي خاصة وان المكتب المحلي اصدر بيانه، كما أعتبر الطريقي ان البيان هدف الى منع المساس بالأمن العام والتسبب في الفوضى، في ظل الاحتجاجات التي قادها المجتمع المدني «بكل أطيافه» وفق قوله لتطبيق قرار الغلق الصادر ضد المغازة.
الطريقي الذي يحسب على الإصلاحيين في الحركة، تجنب ان يدين القيادية في حركته واعتبر أنها تعاطت مع ملف المغازة من منطلق قانوني واستجابة لمطالب الجهة، دون ان يكون لتحركها خلفية دينية، ليشير الى ان نواب الحركة في قانون المالية صوتوا لصالح التخفيض في أسعار المشروبات الكحولية المستوردة، ومنهم ليلى الوسلاتي، إي أنها لا تتعامل مع الملف بمنطلق أخلاقي وديني.
لكن تصريحات النائب ليلى الوسلاتي في وسائل الإعلام وفي الندوة الصحفية التي عقدت في الجم لشرح اسباب الحملة، كشفت ان وازعها الأساسي كان أخلاقيا ودينيا باستعمالها لمعجم أخلاقي في تبريرها لغلق المغازة وسحب الترخيص منها. تبرير يوجد أيضا في بيان المكتب المحلي للحركة.
الطريقي وان تجنب التعليق على منطلقات ليلى الوسلاتي، فانه حرص على ان يشير الى وجود أفراد في مختلف مستويات الحركة يفكرون من منطلق أخلاقي وديني، وان تعاطيهم مع ملفات كملف الخمر ينطلق من هذه الحساسية مقابل مجموعة أخرى تفكر من منطلق سياسي ومن منطلق مسؤوليتها في الدولة على غرار محرزية العبيدي التي زارت معصرة للخمور في فترة سابقة بصفتها عضو بمجلس نواب الشعب.
هذا التناقض بين من يزور معصرة ويبحث مع أصحابها عن حل بعض الإشكاليات، وبين من تقود حملة لغلق مغازة بسبب فتحها لرواق بيع المشروبات الكحولية، يعتبره الطريقي، وقادة آخرون في الحركة، مؤشرا على أن مسألة الفصل بين الدعوى والسياسي في الحركة وان كانت متبناة بالإجماع فان تطبيقها يواجه عقبة الحنين للماضي لدى عدد من المنتسبين للحركة الذين يقول الطريقي أنهم عجزوا عن الخروج من جبة الحزب الديني.
عجز مرده وفق الطريقي اختلاف تجارب الأفراد في حركة نشأت بمنطلق ديني، وتطورت لتتبنى خيارا استراتيجيا بالفصل بين الدعوي والسياسي، فوفق تقييمه من تضمنت تجربته نشاطا في الحقل الحقوقي كان تطوره وانفتاحه ايسر من غيره، على غرار سحنون الجوهري في الـ90 وفق قوله.
في تصريحه كان الحرص شديدا من القيادي في حركة النهضة على تبيان ان مسألة الفصل خيار أساسي في الحركة وليست مناورة، وان المسألة داخل الحركة لا تتعلق بالخيار بل بالتطبيق بين شق محافظ لا يستطيع التخلي بسرعة عن القديم وبين تيار تقدمي في الحركة يرغب في ان تتسارع وتيرة الفصل لتنضج الحركة وتنتقل لمرحلة الفصل بين السياسي والديني.
حركة النهضة التي يؤكد قادتها انهم لم ولن يتعاطوا مع ملف الخمور من منطلق ديني وأخلاقي، وأنهم حركة سياسية شريكة في الحكم تتعامل مع الواقع السياسي من هذا الموقع، لا ينكرون ان تناول قيادي بحركتهم للملف من منطلق أخلاقي أحرج الحركة التي تتقدم بتثاقل في تطبيق الفصل بين الديني والسياسي ويعتبرون ان في هذا مؤشرا على إمكانية عودة ملف الفصل الى النقطة الصفر.
حركة النهضة التي وجدت نفسها تساق من قبل قواعدها المحلية على التعاطي مع ملف الخمور بمقاربة دينية وقع تغليفها لتجنب الإحراج بمنطلق امني والسلم الاجتماعي تدرك أن كل خطوة تخطوها في تطبيق الفصل بين الدعوي والسياسي ستكون خطوة في ارض ألغام، فهي لا ترغب في القطع مع قواعدها ذوي الميول الى تنزيل النص في الحياة العامة وبين نخب ومنطق دولة يفرض ترك النص جانبا وممارسة السياسة بعقلية لا تنطلق من مقاربة الحلال والحرام.