لم تدم حالة التفاؤل يوم أمس طويلا، فبعد ان أعلن خليل الغرياني عن اعتذاره لرئيس الحكومة عن تقلد حقيبة الوظيفة العمومية والحوكمة، في لقائه به، كانت التسريبات من قاعة انعقاد الهيئة الإدارية لأساتذة التعليم الثانوي، سرعان ما بدّتت هذه الحالة.
فالنقاشات والتصريحات الرسمية للأساتذة وللمركزية النقابية جعلت مطلبهم الأوحد، إقالة الوزير، لانقاذ السنة الدراسية، واتضحت مؤشرات التصعيد منذ انطلاق أشغال الهيئة، بإعلان الأسعد اليعقوبي انه تلقى رسالة تهديد بالقتل من قبل أولياء التلاميذ بسبب ما اعتبره حملة تجييش من الوزير ضده.
تهم تضمنت، رفض السلطات النقاش ورفع النقابيين التصعيد لتقديمهم للرأي العام على أنهم المذنبون، وهو ما يفاقم من وجهة نظره من الأزمة التي لن تنفرج الا بإقالة جلول او استقالته، لان بقاءه بات غير ممكن.
إسم ناجي جلول كان الأكثر تداولا في النقاشات والتصريحات وكلما ورد ارتبط بـ«الاستقالة»، لتبين عودة الخلافات بين الحكومة والاتحاد الى النقطة التي انطلقت منها منذ اقل من شهر تاريخ تبني المركزية النقابية لمطلب إقالة جلول، وتطور الخلاف من خلاف بين نقابتين ووزارة الى خلاف بين الحكومة والاتحاد.
حكومة الشاهد التي الغت يوم امس وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة وألحقت هياكلها برئاسة الحكومة، تتمسك برفض اقالة الوزير، وتعتبر ان تعيين الوزراء او إقالتهم أمر بيدها هي وحدها لا بيد النقابيين، وزاد تمسكها اليوم أكثر بعد ازمة التحوير.
تمسك رئيس الحكومة برفض اقالة جلول وتمسك الاخير بعدم الاستقالة لان في ذلك مسّ من «شرف الدولة»، يجد دعما من حركتي النهضة ونداء تونس، اذ اعلن رئيس الحركة راشد الغنوشي في تصريح سابق، ان حركته تعتبر ان قرار تعيين الوزير او اقالته بيد رئيس الحكومة بمفرده ولا يجب ان يقع التنازع فيه.
دعم الحركتين ذات الأغلبية البرلمانية، وحساسية الوضع العام في البلاد وتداعيات استجابة الحكومة لمطلب النقابة، التي ستكون إقرارا بعجز الحكومة عن ادارة بقية المرحلة التي تنوي فيها تمرير إصلاحات كبرى.
في انتظار ما سيعلنه المكتب التنفيذي للاتحاد اثر اجتماعه اليوم، وما سيقرر في الهيئة الادارية للتعليم الثانوي، الذهاب الى تعليق الدروس ولكم من يوم، يبدو ان الساحة السياسية التونسية ستظل تعيش على وقع الازمة وتعثر كل شيء.
ماذا يعني تعليق الدروس:
تصاعد توتر الأحداث بخصوص الأزمة بين نقابات التعليم ووزارة التربية، ليلوح النقابيون بشكل غير رسمي بإمكانية اتخاذ قرار تعليق الدروس في المعاهد والمدارس الإعدادية نهاية شهر مارس الجاري.
تعليق الدروس هو المصطلح الأكثر تداولا يوم أمس، خاصة من قبل المهتمين بالشأن التربوي والمعنيين به، رغم عدم الإقرار رسميا بالأمر من قبل الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي، المنعقدة يوم أمس، ويشرحه فخري الصميطي، عضو النقابة العامة للتعليم الثانوي، لـ«المغرب» بقوله انه بمثابة الإضراب الحضوري، وان الأساتذة سيتواجدون في قاعة الأساتذة ولن يقدموا الدروس.
وأكد الصميطي أن الهيئة الإدارية لم تتخذ هذا القرار ولم تناقشه في حصة يوم امس، في انتظار أن يحدد اليوم إقراره أو التخلي عنه. من جانبه قال عبد الكريم جراد، الأمين العام المساعد بالمكتب التنفيذي، أن الأشكال النضالية لا يمكن حصرها قانونيا، وان النصوص القانونية تتضمن عبارات مطلقة سيجتهدون في الاتحاد لإثبات بطلان قرارات سلطة الإشراف ان قامت بالاقتطاع من أجور الأساتذة المعلقين للدروس.