نور الدين عرباوي رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة: هناك ما يمنع الاتحاد والحكومة من السقوط في الهاوية..

• التنسيق بين أحزاب الحكومة ضرورة
كشف التحوير الوزاري الأخير عن تغيير المعادلة السياسية في تونس، وعن ضعف الدعم السياسي للحكومة التي وجدت نفسها في خلافات اقتربت من الصدام مع الاتحاد العام التونسي للشغل

وعادت بالساحة الى ما قبل حكومة الشاهد لتصطف حركة النهضة ونداء تونس خلف حكومتيهما ، «المغرب» التقت نور الدين العرباوي مدير المكتب السياسي لحركة النهضة في حوار تطرق للازمة وافاقها

• الأزمة السياسية بين الحكومة والاتحاد بينت أن هناك استقطابا جديدا في الساحة خاصة في أحزاب الحكم، فكيف ترون تداعياته؟
أولا هل أن الاستقطاب هو حقيقة قائمة أم أمر مأمول، اقول إن الاستقطاب انتهى منذ انتخابات 2014، اي بمعنى الانقسام العمودي بين التونسيين، هذا انتهى أمره وابتعد أكثر بحكومة الوحدة الوطنية، إي انه واقعا لم يعد موجودا لكن هناك من هو حريص على العودة للاستقطاب ويأمل في ان يعود بالشاكلة التي كان عليها قبل انتخابات 2014، أي أن تكون النهضة معزولة في جانب وبقية القوى السياسية في جانب أخر، هذا ما يأمل البعض واعتقد أننا تجاوزنا هذا الأمر بما حدث منذ انتخابات 2014، بفضل تجربة الحكم الائتلافي التي ورغم صعوباتها أنهت الاستقطاب وجعلت من عودته بروح ما قبل 2014 صعبا.

• الاستقطاب الجديد يتعلق بمقاربة اقتصادية واجتماعية وبالإصلاحات الكبرى ؟
صحيح ان البلاد عاشت طيلة السنوات الست الأخيرة بمنوال اقتصادي كان استمرارا بشكل او بأخر لمنوال ما قبل الثورة، إذ لم نتمكن من تأسيس الانتقال الاقتصادي، هذا نقره ونقوله بصوت عالي، لكن في ما يتعلق باستقطاب البرامج والرؤى الاقتصادية لا يوجد استقطاب، فالمنوال الاقتصادي الحالي لا حد راض عنه، سواء في المعارضة أو الحكم ففي الواقع نعاني من ارث، فالثورة عمرها 6 سنوات لم يقع فيها معالجة ارث لـ60 سنة، لهذا لا يوجد حقيقة استقطاب او انقسام حول برامج اقتصادية واجتماعية، الجميع في الحكم والمعارضة يتبنى ذات المنوال الاقتصادي والاجتماعي بتسميات مختلفة. غير ان الاكراهات الاقتصادية يضطر لمعالجتها من هو في الحكم. ونحن نجر أذيال خيبة اقتصادية، فالتونسيون ثاروا بسبب منوال اقتصادي تسبب في البطالة والتهميش والفقر، والى اليوم لم يتغير.

• تونس تقبل على جملة من الإصلاحات الكبرى، والحال أن أحزابا شريكة في اتفاق قرطاح ولها ممثلون في الحكومة قد تتخلى عن الحكومة في الصدام القادم مع الاتحاد؟
أحيانا تظهر الحكومة على أنها تعاني من نقص في الدعم.

• كيف ذلك وفي جل المحطات الخلافية تخلت الأحزاب عن حكومتها؟
في اللحظات الحاسمة الذي تكون فيه الحكومة تنتظر دعما يأتيها في البرلمان، عبر التصويت على القوانين والمشاريع المقدمة من قبل الحكومة، وهي تمر لان هناك دعما لمشاريع الحكومة. وفي الأزمات أو بوادر الأزمات التي تحصل على غرار هذه الأخيرة المتعلق بالتحوير الوزاري، وهو إشكال متعدد الأطراف، اعتقد إن الحكومة حصلت على الدعم في هذه الأزمة.

• لم تحصل إلا على دعم النهضة والنداء؟
هذا غير كاف ولكنه غير قليل أيضا، فدعم الحركتين وفقط ليس بالامر الذي نرجوه ولكن دعم الحزبين الكبريين ليس بالشيء الهين، واعتقد انه في القادم سيأتي الدعم من كل الموقعين على وثيقة، وذلك من اجل الافضل. في ظل البوادر التي عكسها تصريح الأمين العام للاتحاد، بعد لقائه برئيس الحكومة خاصة وانه شدد على الحكمة، المقصود منها هو مراعاة وضع البلاد. واعتقد ان موقف الأمين العام للاتحاد فيه الكثير من الحكمة التي تقتضي أحيانا ان يتنازل احدهم او الجميع عن جزء من الحق لصالح المصلحة الوطنية، وهذا هو الموقف الحكيم الذي يرفع من شان الطرف المتنازل. خاصة في الظروف التي نحن فيها.

• المصلحة الوطنية والتنازل عن الحق في وقت سابق لم ينقذا الحكومة واجبراها على أن تتنازل عن إصلاحاتها في الميزانية، وانتصر الانتماء القطاعي فما الذي سيحول دون تكرار الأمر في القادم خاصة واننا على مشارف إصلاحات غير شعبية؟
الحكومة الحالية او اية حكومة أخرى، تريد ان تحقق أسس الاستقرار وأساسا تبنى عليه الإصلاحات، ونحن في بلد اسمه تونس عاش ثورة ويعاني من صعوبات اقتصادية، و لا يمكن ان تمضي في طريق الإصلاح دون قرارات قاسية وقد تظهر أحيانا لا شعبية، وهذا ليس حكرا على تجربة تونس البلد النامي، بل الدول المتقدمة اضطرت الى اخذ قرارات غير شعبية، والعالم منذ 2008 يعيش على واقع أزمة اقتصادية.
اليوم الدولة تريد أن تعيد للقانون سلطته وان نتجاوز المشكلات التي نعيشها من فقر وتهميش جزء كبير من البلاد وتنمية ضعيفة ونمو متعثر لا يمكن أن ننتظر او ان نواصل السير ونتغاضي عن المطالب الحقيقية وهي الآن اتخاذ قرارات ، نحن في بلدنا مضطرون الى ان نتخذ المسلك البشري الطبيعي، هو تحمل الصعوبات والتضحية لنحقق المنشود. يجب ان نتخذ قرارات صعبة وعلى الناس تفهمها من اجل مصلحة وطنية.

• الحكومة تتخذ قرارات صعبة ويحصل صدام جديد مع الاتحاد، حركتكم مع من ستكون مع الحكومة او الاتحاد؟
لا اعتقد ولا أفضل الحديث عن صدام بين الحكومة والاتحاد، ان تاريخ الاتحاد في الصدام كان في ظل الدكتاتورية التي كانت في صدام مع الجميع الاتحاد والأحزاب والمنظمات والمواطنين، اليوم لا مبرر للحديث عن صدام بين الاتحاد والسلطة القائمة فهي سلطة شرعية وهي موجودة من اجل تحقيق التزامات وبرامج ووعود إن لم تحققها الانتخابات هي التي تفصل بين الحكومة وشعبها، الاتحاد خاض صدامات في أوضاع لم يكن فيها حل ضد الدكتاتوريات إلا الصدام والتصعيد، اليوم بإمكان الاتحاد ان يحتج بكل الطرق، وان كانت سياسات الحكومة فاشلة وغير شعبية ولم تحقق وعودها فان تاريخ الانتخابات غير بعيد، أن دورية الانتخابات ونوعيتها بطبيعتها تكشف للحكومة تقييم المواطنين لها، ففي الانتخابات البلدية ان لم تحقق الحكومة المرجو منها واستمر اعتراض الاتحاد وكانت نتائج خارقة للعادة ستكون هذه بمثابة بوادر عقوبة ستأتي كاملة في ظرف سنتين، وخلاصة القول ان التصادم بين الاتحاد والحكومة لا أرى له مبرر ولا اي احتمال، ، وفي الديمقراطيات لا وجود ضرورة للصدام.

• قبل أكثر من شهرين الاتحاد وهو شريك للحكومة واحد أعمدة اتفاق قرطاج ذهب إلى الصدام مع الحكومة وأعلن الإضراب العام على خلفية أزمة الزيادة في الأجور، فهل تظن انه قد يقبل بإصلاحات هيكلية تشمل ترفيع سن التقاعد وتسريح الموظفين، انتم في هذا السياق أين ستكونون؟
في رأيي ان هذه اللحظة التي تظهر وكأنها لحظة الحسم وان أحدا مضطر لان يكون في جانب احد الخصمين المتصادمين الذين لا سبيل للوفاق بينهما، لا أرى أنها آتية، وحتي الاستشهاد بما وقع في السابق يجب ان تفسر المواقف بالعامل الواحد فقط، في أزمة الميزانية كان يفصل عن مؤتمر الاتحاد شهر او شهران، وبعض الأشياء تفسر بالوضع الداخلي للاتحاد، اليوم المؤتمر عقد ولا استحقاقات انتخابية صلبه ولا تنافس والاتحاد انطلق في عهدة خمس سنوات أي ان التنافس الداخلي انتفى وهذا يخفض الكثير من التصعيد ويجعل الحكمة والتعقل هي سيدة الموقف، ولو كان التحوير الوزاري جد قبل مؤتمر الاتحاد لكان الوضع مختلفا.

انا هنا أتحدث عن الصدام، لكن بالنسبة للخلافات فإنها ستحدث باستمرار وهذا امر طبيعي الان، فالبلاد تواجه صعوبات بالجملة ومتعددة والكل يعلمها مما يجعل الجهة او المنظمة تدرك انه في خلافها مع الحكومة لن تذهب الى الأقصى وهو هدم السقف على الجميع، فالحكومة ليس حكومة استبداد لذلك لا يمكنها ان تنزع إلى مسالكه، والمنظمات والأحزاب حتى وان اختلفوا مع الحكومة فأنهم يعلمون ويعترفون بأنها حكومة شرعية اي انه لن يذهب إلى نسف كل ما وقع والتصعيد اللامتناهي. اي ان شرعية الحكومة تثني المنظمات والأحزاب عن الذهاب الى الأقصى وإسقاط الحكومة والشرعية التي أفرزت الحكومة تمنعها عن ان تنزع إلى الاستبداد. وهذان خطان أحمران لكل واحد منهما يمنعهما من السقوط في الهاوية.

• نعود للحكومة، التي أشرت ان الحركة ترغب في ان تدعمها كل الأحزاب الممضية على اتفاق قرطاج، هل ستقترحون آلية لتحصيل هذا الدعم ومناقشته؟
كانت هناك طريقة في حكومة الحبيب الصيد وقع التخلي عليها، وهي التنسيقة بين الأحزاب، وكنا نجتمع بشكل دوري أحيانا كأحزاب بمفردنا وأحيانا مع رئيس الحكومة كنا نقوم بعملنا وان لم نحقق الكثير، والخطأ حلها واعتقد اليوم انه لابد من احداث اطر للتنسيق بين أحزاب الحكومة لان عدم تشكيله خطأ.

• لكن أحزابا في الحكومة تشدد على إنكم لستم حلفاءها وانه لا ضرورة للجلوس مع بعضكم البعض للتنسيق؟
لم نكن لننزعج لو كان الوضع على درجة من الاستقرار ولو كانت إدارة الحكم والخلافات لا تقتضي تنسيق، لكننا في وضع يقتضي التنسيق، وأزمة التحوير الوزاري بينت حاجتنا ذلك اقتضت ان ننسق خارج الحكومة وان ظللنا ننتظر وقوع أزمات لننسق، فان المعالجات التي تتخذ لم تكن مرضية من حيث الشكل كما حدث في الأزمة الأخيرة. نحن في النهضة نعتبر التنسيق ضروريا ونحتاجه بشكل دائم، أولا لان حكومة الوحدة الوطنية وان لم تعن الائتلاف فإنها تعني شيئا من التنسيق نحدد مستواه ونسقه فنحن لا نتحدث عن تنسيق اندماجي وإنما تنسيق بما ييسر عمل الحكومة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115