الإرهابيون الذين عادوا من بؤر التوتر.. من هم؟ وكيف وقع التعامل معهم؟

من المفارقات العجيبة في تونس اليوم أن يثار الجدل حول الرفض التام لعودة المقاتلين التونسيين الذين انخرطوا الى جانب التنظيمات الارهابية في الخارج، فيما تقول الأرقام والمعطيات أن عددا قارب الألف منهم قد عاد بالفعل الى البلاد.

فوسط كل الجدل المثار اليوم حول مسألة امكانية عودة الالاف من التونسيين من بؤر التوتر، شحيحة هي المعلومات التي تتحدث عن الذين عادوا الى أرض الوطن.

من له المصلحة في عدم الحديث عن هؤلاء؟ صحيح أن العشرات منهم وقع اعتقالهم ولكن هناك أعداد كبيرة منهم عادت لتعيش بيننا وكأن شيئا لم يكن! ماهي حقيقة الوضع الأمني لهؤلاء؟ من له المصلحة في ادامة جدار الصمت الذي يرافق عودتهم اليوم؟
هذه المقالة تكشف عن معلومات حصرية حول هوية هؤلاء، أرقامهم، مستوياتهم الاجتماعية، مهنهم، البلدان التي جاؤوا منها ونشاطاتهم الارهابية سابقا وتوزعهم الجغرافي اليوم في البلاد، هذا طبعا الى وضعيتهم القانونية. فمن هم هؤلاء العائدين من بؤر التوتر؟ وكيف يقع التعامل معهم أمنيا اليوم؟!

«ك.ب» أحد هؤلاء العائدين من سوريا التي وصل اليها في وقت سابق عن طريق تركيا. وتقول المعطيات المتوفرة حوله أن المعني بالأمر انضم الى القتال الى جانب احدى كتائب جبهة النصرة قبل أن يعود الى البلاد في أواسط سنة 2014. وهو موقوف حاليا على خلفية الاشتباه في انتمائه الى تنظيم ارهابي».

المعني بالأمر الذي هو طالب جامعي أصيل احدى مدن الشمال الغربي، هو واحد من بين بضعة مئات من الشباب التونسي الذين يصطلح على تسميتهم أمنيا «بالعائدين من بؤر التوتر» والمقصود منها أساسا سوريا والعراق وليبيا فضلا عن عائدين من بلدان أخرى سنأتي عليها لاحقا.

في اخر مداخلة له في البرلمان تحدث وزير الداخلية، الهادي المجدوب عن حوالي ثمانمئة شاب تونسي عائدين من بؤر التوتر وهو العدد الذي تؤكده المعطيات المتوفرة لدينا.

حزام العاصمة
يتوزع العائدون من بؤر التوتر على العديد من ولايات الجمهورية، تتصدر تونس الكبرى (تونس، منوبة أريانة بنعروس)القائمة بحوالي ثلث العائدين تقريبا (300 عائدا) معظمهم ينحدرون من حزام الأحياء التي تحيط بالعاصمة، ثم تأتي بعدها ولاية بنزرت (95 عائدا) ثم تأتي ولاية سوسة (66 عائدا) ثم ولاية نابل (56 عائدا) ثم ولاية القيروان بحوالي (41 عائدا) وسيدي بوزيد (34 عائدا) ويتوزع بقية العائدين على بقية ولايات الجمهورية مع نسب عودة ضعيفة بالنسبة للعديد من الولايات من قبيل ولايتي قابس وتطاوين.
ومن المهم القول أن أعداد العائدين شهدت نسقا تصاعديا منذ سنة 2013 وهي تعرف تغييرات يومية قد تؤدي الى بلوغنا أرقاما كبيرة قد تصل الى الألفي عائد بنهاية 2017.

ما يؤكد امكانية تنامي عودة الجهاديين التونسيين هي المعطيات الميدانية التي تشير الى تراجع تنظيم الدولة الاسلامية والهزائم التي ألحقت به في كل من سوريا والعراق وليبيا وهو التنظيم الارهابي الذي ضم غالبية الجهاديين التونسيين.

تقول المعطيات المتوفرة لصاحب التقرير أن أعمار الفئة الغالبة من العائدين هي بين العشرين والثلاثين سنة (90 %) ، ويشكل الجيل المولود في الثمانينات (1980 ـ 1989) الستين بالمائة (60 %) من جملة العائدين فيما تمثل أعداد الذين ولدوا في بداية التسعينات (1990 ـ 1995) نسبة ثلث العائدين تقريبا (30 %).

تشكل النسبة الأكبر من العائدين ما أسميته في كتابي تحت «راية العُقاب» بالجيلين الثاني والثالث من الجهاديين. وهما الجيلان اللذان انخرطا في التيار السلفي الجهادي وكان النواة الصلبة لتنظيم أنصار الشريعة في فترة ما بعد الثورة.

نحن أمام ذات الجيل الذي استفاد من «فسحة الحرية» التي تمتع بها تنظيم أنصار الشريعة، فسحة مكنت التنظيم الذي صنف ارهابيا أواخر شهر أوت من سنة 2013 من تنظيم مؤتمرين جماهريين وهما مؤتمر سكرة في أفريل من سنة 2011 ومؤتمر القيروان بعده بعام أي في ماي من سنة 2012.

من بين العائدين نجد من هم من مواليد 1995 و 1996 أي ممن غادروا البلاد الى بؤر التوتر ولم يبلغوا بعد سن العشرين. (ع.ع) من بين هؤلاء، حيث يبلغ عمره اليوم 21 سنة وهو واحد من حديثي السن العائدين من ليبيا اذ ترجح السلطات الأمنية «أن يكون قد تلقى دورة على استعمال السلاح هناك». فيما تقول معطيات أخرى أن (أ.ع) يبلغ من العمر 20 سنة «ويصنف عنصرا جهاديا خطيرا جدا»، تبنى الفكر السلفي بعد جانفي 2011 وتحول للقتال الى سوريا في أواسط 2013 ليعود الى تونس في بداية 2015.
هناك عينات كثيرة تثبت حداثة سن العائدين من بؤر التوتر فيما تثبت المعطيات أن عددا محترما من العائدين يملكون تاريخا جهاديا طويلا من قبيل (ت.ق) الذي يبلغ اليوم من العمر 56 سنة والذي تحول الى أفغانستان وتلقى تدريبات عسكرية وشارك في الحرب الأفغانية السوفياتية لمدة ثلاث سنوات ليستقر بعدها في مدينة بيشاور الباكستانية قبل ترحيله الى تونس وسجنه في ديسمبر سنة 2002.

تقول المعطيات أن المعني بالأمر عاد بعد الثورة الى النشاط وليستقطب العشرات من الشباب. من بين كهول الجهاد أيضا نجد (م.ع) الذي يلغ اليوم من العمر 52 سنة وتقول المعطيات المتوفرة عنه أنه غادر البلاد الى سوريا في أواسط سنة 2012 وليعود اليها في سنة 2014 بعد تعرضه لاصابة منعته من مواصلة القتال.

في ما يتعلق بالمستوى الاجتماعي تتراوح الوضعية الاجتماعية للعائدين في الغالب بين «العملة اليوميين» و«الطلبة» و«التجار» و»العاطلين عن العمل».
وبنسب أقل لا تخلو قائمات العائدين من كوادر تقنية من قبيل (م.م) والذي يبلغ من العمر (30 سنة) ومهنته تقني سامي في الاعلامية. كما نجد بعض المهن قليلة التردد داخل التيار الجهادي من قبل (ن.ق) الذي يبلغ من العمر ثلاثا وثلاثين سنة والذي يمتهن الموسيقى و(س.س) ذي (23 سنة) والذي يمارس رياضة كرة القدم كمحترف!

في خصوص الحالة المدنية للعائدين فان النسبة الغالبة أي حوالي الثمانين بالمائة منهم من فئة العزاب.
حول بداية موجات العودة تقول المعطيات أن أولى الحالات سجلت في سنة 2013 فيما تكاثفت وتيرتها في الأربع سنوات الأخيرة.

طبعا نحن نتحدث عن العائدين من سوريا والعراق وليبيا بشكل أساسي دون التغافل عن أعداد العائدين من بؤر التوتر الأخرى وهو ما سنأتي عليه لاحقا.
هل كانت هذه العودة منظمة؟! أسئلة كثيرة واحتمالات كثيرة مطروحة اليوم على المستوى الأمني غير أن مؤشرات عديدة تقول أن الأمر خضع في غالبه لمبادرات فردية ولاسباب متعددة سنأتي على ذكرها.

لماذا خرجوا؟ ولماذا عادوا؟
بحسب المعطيات التي تحصل عليها صاحب المقالة، فان غالبية العائدين كانوا غادروا البلاد بين سنتي 2012 ـ 2013 مع بداية تشكيل جبهة النصرة في سوريا.
عرفت الهجرة الى الشام نقلة نوعية مع تأسيس تنظيم الدولة الاسلامية أو ما اصطلح على تسميته بداعش حيث شهدت نهايات سنة 2013 و سنة 2014 عمليات تسفير كثيفة الى سوريا عبر ليبيا وتركيا.
تقول جميع المعطيات المستقاة من العائدين أو التي جمعت بطريقة أخرى بشأنهم أنهم «التحقوا للقتال الى جانب الجماعات المسلحة في سوريا» دون تحديد في الغالب لأي الجماعات غير أن كل المعطيات تقول بأنهم انقسموا بين تنظيمي «جبهة النصرة» والتي غيرت تسميتها الى «فتح الشام» وبين تنظيم «الدولة الاسلامية» أو داعش الذي يحتوي في الوقت الحالي العدد الأكبر من المقاتلين التوانسة.

ولا تتضمن قائمة العائدين فقط الذين غادروا بلاد الشام (سوريا والعراق) لتشمل عائدين من ليبيا وهم يمثلون عدديا ما يقارب نصف العائدين. حيث يشتبه في العشرات من الشباب العائدين من حدودنا الجنوبية انتماؤهم الى تنظيمات ارهابية ناشطة في ليبيا اعتمادا على أدلة عديدة تتعلق بماضيهم في تونس ونشاطهم ضمن التيار السلفي وخاصة القبض عليهم في حالة تلبس عبر محاولة التسلل خلسة عبر الحدود خلسة ذهابا أو ايابا عبر المسالك الصحراوية التي تربط تونس بليبيا.
من الواضح أن ليبيا كانت بالنسبة للعشرات من العائدين بمثابة عبارة الى تونس ذهابا وايابا وخاصة بالنسبة للذين كانت وجهتهم الرئيسية سوريا والعراق.

للذين تمكنوا من الوصول الى بلاد الشام كما يحلو للجهاديين تسميتها، يتخذ قرار العودة عادة لاسباب مختلفة من بينها الاصابة في القتال وهو الامر الذي تبين من خلال حالات عدة. وقد يكون قرار العودة لأسباب عائلية أو بسبب الخلافات العقائدية بين النصرة وداعش أو التتظيمات الاسلامية الأخرى.

عادة ما يعبر العائدون الحدود عودة الى تركيا ومنها يسعون للحصول على جوازات سفر مزورة تمكنهم في مرحلة أولى من الوصول الى ليبيا أو الجزائر وبعدها يقع الدخول الى تونس سواء بوثائق مزورة أو عن طريق عبور الحدود خلسة.

هناك أمثلة كثيرة في قائمات العائدين ممن اتخذوا ليبيا «عبارة» في رحلتهم الى سوريا من قبيل م.ف (22 سنة) الذي تحول الى سوريا في جانفي 2014 وبعد بضعة أشهر انشق عن الجماعة المسلحة التي انضم اليها ليعود وليستقر في العاصمة الليبية طرابلس الى حين قراره العودة الى تونس لزيارة عائلته. نزل المعني بالأمر في مطار صفافس حيث وقع القبض عليه في أواخر سنة 2014.

من المهم القول أيضا أن الكثير من العائدين الذين كانت وجهتهم الرئيسية سوريا لم يتمكنوا من ذلك واكتفوا بتجربة قصيرة في ليبيا ليعودوا أدراجهم بسبب التضييق على خلايا التسفير في هذا البلد أو اجبارهم من قبل التنظيمات الاسلامية هناك على القتال في صفوفها وبالتالي تحويل وجهتهم عبر اقناعهم بالجهاد في ليبيا (تجربة داعش في سرت وأنصار الشريعة في بنغازي).

كمثال على هذا التمشي نجد في هذا الصنف تجربة التلميذ (أ.ع) أصيل ولاية القيروان والذي تغيب عن مقاعد الدراسة منذ فيفري 2013 وسعى الى التحول الى سوريا عبر القطر الليبي الا انه لم يتمكن أثناء وصوله الى هناك من اتمام سفره الى الشام فعاد الى تونس من جديد.

فضلا عن عودتهم من ليبيا يعتمد العائدون من بؤر التوتر على مسالك بعيدة عن الشبهات مثل الجزائر من قبيل (م.ج) (24 سنة) والذي اقتطع تذكرة من تركيا الى الجزائر ومنها الى تونس.

من بين العشرات من العائدين هناك العديد من اعترف أنه عاد من بؤر التوتر ولكن حسب أقواله لم يمارس أعمالا قتالية من قبيل (ب.ع) (35 سنة) الذي أفاد انه استقر في الحدود التركية السورية وأنه قام بعلاج الجرحى مستفيدا من مهنته الأصلية كمبنج.
نفس الأمر بالنسبة لـ (م.ف) (25 سنة) الذي ادعى أنه عمل في مخيمات اللاجئين الى جانب المنظمات الانسانية على الحدود مع سوريا دون أن تكون له أية مشاركة عسكرية.

من بين قائمة العائدين من بؤر التوتر نجد كذلك نساء عائدات من قبيل (ي.ر) (27 سنة) والتي عادت من سوريا بعد قيام زوجها بعملية انتحارية الى جانب أحد التنظيمات المتشددة.

وفي الحقيقة فان قائمات العائدين من بؤر التوتر لا تقتصر على الذين عادوا من سوريا والعراق وليبيا فحسب بل تشمل دولا أخرى، من قبيل أفغانستان كعودة (ح.م) والمكنى «بأبي فاطمة» والذي رجع الى تونس سنة 2013 مع زوجته الأفغانية وأقام في هذا البلد ثلاثين سنة قبل قراره العودة الى تونس.

كما تتوفر قائمة العائدين من بؤر التوتر على أشخاص قادمين من اليمن من قبيل (و.ش) (40 سنة) الذي انضم الى تنظيم القاعدة هناك وليعود الى تونس بزوجته اليمنية.
وتشمل قائمات العائدين عددا اخر ممن كانت لهم تجارب في الصومال ومالي ويشتبه في أنشطتهم ضمن جماعات ارهابية.

من المفارقات الغريبة ان من ضمن العائدين من يصنف على كونه عائدا من «جبل الشعانبي» حيث تقول المعطيات المتوفرة في شأنه ان «العناصر السلفية في المنطقة التي يسكن بها تداولت بينها في نطاق ضيّق ما مفاده عودة المعني من جبل الشعانبي حيث كان يتلقى تدريبات رفقة عدد من العناصر السلفية»!

من ضمن قائمة العائدين نجد العشرات ممن شاركوا الى جانب التنظيمات المسلحة الاسلامية في العراق قبيل الانسحاب الأمريكي من هذا البلد قبل سنة 2011 كما نجد أسماء معروفة من جهاديي ما قبل الثورة من قبيل العائد من معتقل قوانتنامو (ص.س) (43 سنة) والذي تحصل على لجوء سياسي من ألبانيا قبيل عودته الى تونس بعد الثورة.
طويلة هي قائمة العائدين من بؤر التوتر والذين يشتبه في صلتهم أو تورطهم في نشاطات ارهابية خارج البلاد. ولكن ما هي الجهود التي تقوم بها السلطات التونسية من أجل الحد من مخاطرهم؟!

عائد .. مقيم بمسقط رأسه!
صرح وزير الداخلية الهادي المجدوب أن كل العناصر العائدة من بؤر التوتر تخضع اما للايقاف التحفظي اذا ما ثبت تورطها في أعمال ارهابية او للمتابعة والمراقبة الامنية في حالة عدم وجود أي دليل يثبت تورطها عمليا أو عدم التأكد من أنها كانت في بؤر التوتر.
في الحقيقة فان خطورة العناصر العائدة من بؤر التوتر أثبتتها المعطيات الميدانية منذ استشهاد أحد رجال الامن في أكتوبر من سنة 2013 من قبل إحدى الخلايا السلفية في منزل بورقيبة بولاية بنزرت والتي أثبتت فيها التحريات أن المتهم الرئيسي فيها تدرب على السلاح في سوريا قبل عودته الى تونس.

من المهم القول أن عددا كبيرا من العائدين من بؤر التوتر والذين يشتبه في ضلوعهم أو انتمائهم الى جماعات إرهابية يودعون بحالة ايقاف في سجن المرناقية وغيره من السجون الكبرى ويخضعون الى التحقيق في اطار عمل الوحدة الوطنية للبحث في قضايا الارهاب بتونس.

تشير المعطيات المتوفرة إلى أن عددا كبيرا من العائدين موقوفون أو محالون في قضايا ارهابية. من بين الحالات التي ينظر فيها القضاء هناك حالة (ع.ج) (26 سنة) والذي يتواجد اليوم في سجن المرناقية بعد عودته من سوريا في جويلية من سنة 2014. حالات اخرى مشابهة يكتفي فيها التحيين الأمني للمعنيين بالاشارة التي تقول «عائد من سوريا موقوف بسجن المرناقية».

طبعا اضافة الى الايقاف والاحالة على الفرق المختصة بمقاومة الارهاب يخضع كل عائد من بؤر التوتر من المشتبه فيهم الى الاجراءات الحدودية التي تمنعه من مغادرة البلاد مجددا من قبيل الاجراء الاحترازي 17s.

غير أن قائمة العائدين من بؤر التوتر تشير الى أن العشرات هم في «حالة سراح» من قبيل حالة (م.ب) الذي تقول المعطيات المتوفرة في شأنه أنه تحول في فيفري من سنة 2013 الى سوريا وعاد في شهر ماي من نفس السنة بعد أن تعرض لطلق ناري على مستوى الساق ما استوجب قيامه بعملية جراحية بتونس العاصمة وهو الان يعمل في ميدان الدهن!. على شاكلة المثال السابق يقيم ص.ف (39 سنة) الذي عاد الى عمله بالعاصمة بعد تجربة في سوريا أصيب على اثرها حيث تقول الارشادات الامنية أنه يحمل بفخذه اثار اصابة بطلق ناري!.

(ن.ب) حالة اخرى مثيرة للتساؤل، فالشاب ذو الـ 33 سنة انتمى بحسب المعطيات المتوفرة الى التيار السلفي بعد الثورة وتحول الى تركيا في فيفري من سنة 2013 ملتحقا بجبهة النصرة ليعود في فيفري 2014 عبر مطار تونس قرطاج الدولي! أحيل المعني بالأمر على الوحدة الوطنية للبحث في القضايا الارهابية التي تحرّت بحسب المعطيات معه وليخلى سبيله فيما بعد!

كثيرة هي الحالات المماثلة من العائدين من سوريا ممن عادوا الى ممارسة حياتهم الطبيعية بعد تجربة قتال في هذا البلد من قبيل (خ.م) (27 سنة) والذي تقول المعطيات المتوفرة حوله أنه انتمى الى التيار السلفي بعد الثورة وتحول الى تركيا في نوفمبر 2012 وعاد الى تونس في فيفري 2013 حيث وقع التحري معه وأخلي سبيله».

تتكرر في كثير من حالات العائدين من بؤر التوتر عبارة «أخلي سبيله» أو «مقيم بمسقط رأسه» أو عبارات تدل على استئناف للمعني بالأمر حياته السابقة من قبيل «يتواجد حاليا بالعاصمة أين يعمل بأحد المطاعم هناك»! أو «يقيم حاليا بسيدي حسين السيجومي ويمتهن بالاعمال اليومية هناك».

السؤال المثير للجدل في هذا الاطار، ماهي المقاييس التي تعتمدها السلط الأمنية في ترك عائدين من بؤر التوتر وثبت نشاطهم في التيار الجهادي طلقاء ويعودون الى «حياتهم الطبيعية» كأن شيئا لم يكن فيما يقع احالة اخرين على التحقيق أو الايقاف بسجن المرناقية وغيره؟! هل هناك اجراءات أمنية خاصة تفسر هذه المعادلة؟ من يدري؟!

ما يطمئن نسبيا في قائمات العائدين هو التنصيص الامني في علاقة بكل العناصر العائدة من بؤر التوتر والذي يقول صراحة أنها «تخضع للمراقبة السرية والمتابعة باستمرار من قبل كافة الوحدات الأمنية كما يتم استدعاؤها بصفة دورية طبقا للتعليمات الادارية وتحيين وضعيتها في اطار اللجنة الجهوية للاستعلام ومداهمة منازلها بعد التنسيق مع النيابة العمومية..». هل تكفي كل هاته الاجراءات ؟.
التنصيص الأمني يخبرنا أيضا أنه يتم اعداد ملفات فنية لكل العناصر العائدة تتضمن عينات جينية للرجوع اليها عند الضرورة».

ماذا بعد؟!
الاكيد أن الاجراء الاخير وعبر البصمات الجينية ستمكننا من معرفة مرتكب أي تفجير أو عمل ارهابي محتمل الوقوع في المستقبل!
الأمر المؤكد، وفي قضية الذين عادوا من بؤر التوتر، وبصرف النظر عن كل الاجراءات الامنية المتبعة على أهميتها، أن السؤال لم يعد حول امكانية حدوث العملية القادمة، ولكن السؤال هو متى وأين ستقع لا قدر الله.. «فاللحم الباير» كما أسماه رئيس حركة النهضة ليس بعيدا عنا هناك في بؤر التوتر ينتظر عودة ممكنة.. انه هنا مجمد حتى حين في ثلاجة بيوتنا!

بقلم: هادي يحمد

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115