الذي علينا أن نستند إليه في استئثار الغنوشي دون سواه بالدفاع عن هؤلاء؟ فالأحزاب متكتمة، وهذا لا يعني أنّها لا تعير الموضوع اهتماما أو هي متحرّجة من مقاربة القضية ؟؟؟ والحكومة مقتضبة في تصريحاتها الرسمية، ولنا أن نفهم هذا الموقف المتسم بالحذر لأنّها جهاز تنفيذ وليس لها التعبير إن تلميحا أو تصريحا بنواياها التي قد يفهم منها استراتيجية معيّنة.. ورئيس جمهوريتنا بين الأخذ والردّ ونكاد نستنتج أنّه لم يسعفنا بالردّ الحاسم والمنضبط والذي لا يحتمل تأويلا. والذي زاد الطين بلّة وحيّر التونسيات والتونسيين سماحه لزعيم الإخوان بأن يرتع في أجهزة إعلامنا بخطاب التطبيع و«الحنّية» مع الإرهاب. فكأنّ تونس دار «خالية»... وهذا لا يبعث على الاطمئنان البتة.
وهكذا بقي المجتمع المدني لوحده ينتفض أمام ألوان من التصريحات يزيّن بها السيد الغنوشي المشهد السياسي / الاجتماعي التونسي والمشهد السياسي الدولي.. وأخشى ما أخشاه أن تفهم الجهات الرسمية الدولية أنّ الرجل ينطق باسم الحكومة لا باسم حزبه.. فالأوراق مختلطة، وحضور قياديي النهضة عمّ جميع القنوات المرئية والسمعية، وجميعهم تجنّد للدفاع عن قبول هؤلاء المجرمين بالأحضان والعطف ووجوب معاقبتهم باللين.. وبالمقابل أقصي من يحمل خطابا عقلانيا من المشهد الإعلامي الذي اكتفى برأسين أو ثلاثة، فقد تهرّأ خطابهم أمام تداول النهضويين الإعلامي.. أخشى ما يخشاه الإنسان أن تندرج هذه السياسة في تطبيع الناس العوام على حياة جديدة يتحرّك فيها الإرهابي مطمئنّا ، وقد رجع « فرحا مسرورا» بعد أن مارس هواية القتل وسفك الدماء.. هواية اغتصاب النساء والبنات والصبيان.. هواية افتكاك أرزاق الناس.. وهواية استرقاق الضعاف سعيا إلى اقناع نفسه بأنّه القوي وأولياء أمره هم من سيملكون الأرض وما عليها..
هذا ما قام به هؤلاء.. وقد وجدوا في سوريا والعراق وليبيا موطئ قدم. والتسجيلات التي ترد علينا بين الحين والآخر من هذه المناطق شاهدة على ذلك.. كيف للسيد الغنوشي أن يهدّئ من روعنا ونحن نشاهد تسجيلات تخلّد آثارهم وهم يقطفون رؤوس البشر قطفا ويخلّدونها في صور.. تسجيلات تخلّد جرّهم للنساء وهنّ ملفوفات في أكياس سود ومقيّدات الأيدي والأرجل بسلاسل.. تسجيلات يحكي فيها الرجال خوفهم منهم وبكاءهم على أمهات أسرن وآباء وزوجات وأطفال رضّع استعبدوهم.. هذا ما قام به هؤلاء «المرضى» ، لكن هل وقف السيد الغنوشي للحظة متأمّلا في صنيعهم؟ ألم ينتبه إلى أنّ المرض مستفحل فيهم ومنتشر في عقولهم.. بل حتى عصا موسى عاجزة عن شفائهم.. لأنّهم ببساطة أفرغوا من إنسانيتهم وصاروا لا.....