شاركوا في مسيرة احتجاجية على اغتيال شكري بلعيد في فيفري 2013 الحكم بـ14 سجنا على 11 شابا بتهم إضرام النار والعصيان

مصادفة نولد ونموت ونحب، هذا ما قاله محمود درويش في أشعاره التي غاب عنها أننا أيضا ومصادفة قد نعلم بصدور أحكام غيابية بالسجن أربع عشرة سنة ضد 12 شابا وشابة من مدينة قليبية، وهو الحكم القضائي الصادر بتاريخ 12 أكتوبر 2016 على متهمين بإضرام النار

عمدا في محل الغير والعصيان. لم يعلم المعنيون به إلا يوم الاثنين الفارط.

مصادفة تخشي فتاة عشرينية أن تكون طريقة معرفة أهلها بالحكم، وخشية ذلك كانت وصيتها «أرجو ان لا ينشر اسمي، فانا اخشى أن تعلم أمي بخبر الحكم علي بالسجن لـ14 سنة مع النفاذ عبر الصحافة». (م،ج) الفتاة العشرينية تشفق على أمها من هول الحكم، وهي من ظنت ان التتبع الجزائي لابنتها انتهى بعد قضائها 5 ساعات في الإيقاف على خلفية مشاركتها في مسيرة احتج أهلها على اغتيال شكري بلعيد.

مسيرة قد تكون والدة الفتاة مشاركة فيها رفقة الآلاف التي رفعت صوتها بعد يوم من اغتيال بلعيد لتندد بالعنف والاغتيال رجل اغتيل أمام بيته بأربع رصاصات، كغيرهم من القاطنين بمختلف المدن التونسية التي شهدت تحركات مماثلة لثلاثة أيام، 6 فيفري تاريخ اغتيال و7 و8 يوم وري جثمان بلعيد الثرى. لكن على عكس غيرهم او ما انتظره المحالون منهم على القضاء، صدر بحق 11 شابا من مدينة قليبية حكم غيابي بالسجن لـ14 سنة مع النفاذ.

حكم تناهى لمسامع أصحابه مصادفة، كما تشير م.ج التي اكّدت ان صديقا لها وعن طريق الصدفة علم بالحكم فابلغها به ليكون أمامها عشرة أيام من اجل الاعتراض على الحكم الصادر في حقها يوم 12 اكتوبر الفارط على خلفية المشاركة في مسيرة احتجاجية على اغتيال بلعيد.

حكم تقول عنه الفتاة العشرينية وهي تتخيل نفسها تغادر أبواب السجن في الـ 36 من عمرها، انها لا تعلم عن تفاصيله شيئا ولا كيف انتهى المطاف بإصداره وحيرتها امتدت لتشمل مستقبلها ومصيرها الذي سيظل غامضا الى يوم الجمعة القادم، موعد انتهاء اضراب المحامين لتتقدم بملف الاعتراض.

اعتراض يقول عنه المحامي إمحمد حميدي انه سيثار بهدف إقناع المحكمة باعادة النظر في حيثيات القضية برمتها، فالمتهمون شاركوا وفق قوله في مسيرة غضب على خلفية اغتيال سياسي، وجمعت كل أطياف المجتمع المدني الذي حملّ السلطة يومها، وهي ممثلة في الترويكا مسؤولية الاغتيال. والحكم على بعض ممن شارك بـ14 سنة سجنا هو حكم قاسي، وفق قوله، دون ان يعلق اكثر.

غضب جعل الاحتجاجات تشهد صداما مع الأمن وانتهت بمهاجمة مقرّه من قبل المئات من الغاضبين على ما باتت عليه حال البلاد، غضب كان كفيلا لإيقاف بعضهم بتهمة العصيان وإضرام النار في محل مسكون، وهي التهمة التي تشترك فيها (م.ج) و10 أشخاص آخرين بعضهم امضي سنة ونصف في الإيقاف قبل ان يقع إطلاق سراحهم مع الإبقاء على التتبع القضائي بحقهم. وفق المحامي إمحمد حميدي.

حكم أكدت المتحدثة باسم المحكمة الابتدائية بنابل صدوره، وقالت أن الدائرة الجنائية قضت مؤخرا بسجن 11 شخصا لمدة 14 سنة من اجل إضرام النار بمحل مسكون والمشاركة في العصيان. مضيفة ان ملف القضية تضمن اتهاما ل23 شخصا، أحيلوا بحالة سراح في قضية، مشيرة الى انّ ملف القضية كان قد شمل في بداية الأمر 23 مظنون فيهم تمت إحالتهم بحالة إيقاف على أنظار النيابة العمومية التي قررت إحالة 11 وحفظ التهمة في حق الـ12 الآخرين .

هذا الحكم الجديد الذي ينضاف الى أحكام سابقة، اصدر فيها القضاء التونسي قرارات صدمت كل أجهزة الدولة وأصحاب الحق والضحايا، فمن استمرار محاكمات معارضين لنظام بن علي بتهم وجهت إليهم في فترة حكمه، الى محاكمة جرحى الثورة وشهدائها وصولا الى الحكم بعدم سماع الدعوى بالنسبة الى المتهمين بقتل لطفي نقض.

أحكام تثير سؤالا جوهريا حول ما الذي يحدث في منظومة القضاء التونسي، دون أنّ ينظر الى الأمر انه تشكيك في القضاء وضرب لاستقلاليته، فالمنظومة القضائية التي تصدر أحكاما بعدم سماع الدعوى ضد من هاجم مقر غيره وسحله وتسبب في قتله، تصدر حكما بالسجن لـ14 سنة ضد محتجين بتهمة إضرام النار والعصيان والحال ان تحركهم كان في إطار وطني وعام كان يفترض ان ينظر اليه القاضي ويقدر أن السياق لا يستوجب إصدار حكم بهذه القسوة.

ذات المنظومة استمرت في تتبع معارضي نظام بن علي بتهم وجهها النظام الذي انهار في 14 جانفي 2011 اثر ثورة، ذات الثورة التي حاكمت المنظومة القضائية 100 من أبنائها بتهم حرق مراكز امن أثناءها أو إثارة الشغب والعصيان، وأصدرت أحكاما ابتدائية، والحال أنها قضت بعدم سماع الدعوى في حق عدد من رموز للنظام السابق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115