بيع صابة هنشير «ستيل» و«المعمر» : بين القانون وتجربة حققت نتائج كيف السبيل إلى التوافق؟

أثار ملف ما يعرف بهنشير «ستيل» جدلا واسعا ولا يزال خاصة بعد إقدام جمعية حماية واحات جمنة من ولاية قبلي على عقد بتة عمومية أسفرت عن بيع صابة التمور لهذه السنة بملبغ مليار 700 إلف دينار علما وأن المحكمة الإدارية كانت قد أصدرت مؤخرا قرارا قضائيا استعجاليا

يقضي بعدم تنفيذ تلك البتة الأمر الذي جعل وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ترد على ذلك ببيان شديد اللهجة وصفت من خلاله ما وقع يوم 9 اكتوبر الجاري في هنشير «ستيل» و«المعمر» بجمنة التابعين لملك الدولة تصرفا باطلا ولن تضفي عليه أية شرعية مؤكدة أنها ستباشر كل التتبعات المدنية والجزائية والإدارية من اجل ملاحقة من قام بالتصرف دون وجه حق على حد تعبير البيان،مشهد من الاحتقان بين الطرفين يفتح الباب لطرح جملة من التساؤلات القانونية.

للتذكير فإن جمعية حماية واحات جمنة تكونت بعد الثورة ومنذ ذلك التاريخ انطلقت في استغلال هنشير «ستيل «و«المعمر» والعناية بهما لتتحقق نتائج ايجابية عادت بالنفع على الجهة حيث استثمرت الأموال حسب الجمعية في بناء قاعات إضافية بعدد من المدارس وببناء قاعة رياضية مغطاة بالإضافة إلى اقتناء سيارة إسعاف مجهزة بكلفة 90 ألف دينار.

«تجربة وجب تعميمها ,ولكن»
الغريب في الأمر أن الوضع الذي وصلت إليه الأمور اليوم ليس نتيجة صفر من اللقاءات أو النقاشات بين الجمعية والحكومة بل على العكس فقد طرح الموضوع مع الحكومات المتعاقبة بما في ذلك الحكومة الحالية وفق ما أفادنا به عبد الوهاب الشويرف احد متساكني المنطقة والمتابع للموضوع عن كثب والذي قال أيضا «موسم الدقلة له مواعيد محددة لجني الصابة وإلا فإنها ستتلف وسيتراجع ثمنها كلما تأخرت عملية جنيها فقد طرقنا باب الحوار مع الحكومة في أكثر من مناسبة و الإجابة لا بد من تطبيق القانون وكأنه قرآن منزل ولا يمكن المساس به. وبعد أن قمنا بنشر موعد البتة تفاجأنا بقرار مبروك كرشيد التوجه إلى القضاء الإداري لإيقاف تنفيذها علما وانه يوم السبت الفارط أي 8 أكتوبر يوم قبل البتة التي تم خلالها بيع الصابة توجه فريق من الجمعية متكون من شخصين وعدد من نواب ولاية قبلي إلى تونس للقاء رئيس الحكومة أو مبروك كرشيد ولكن دون جدوى فكان في انتظارنا مهدي بن غربية الذي رفض حضور النواب مع ممثلي الجمعية وقال لهم بالحرف الواحد لا تنفذوا البتة وإذا تم ذلك تحملوا مسؤوليتكم وهذا تهديد صريح بدل إيجاد حل يرضي جميع الأطراف خاصة أن هذه التجربة ناجحة والمفروض أنها تعمم وليس العكس وأضاف محدثنا «كل شبر من هذه الواحات روي بعرق وجهد أهالي المنطقة الذين دفعوا أموالهم لإحيائها من جديد كما أن التاريخ يشهد بأن أجدادنا كانوا يتقاضون 12 دينارا كجراية تقاعد تم الترفيع فيها على ما يبدو إلى 60 دينارا وهذه مهزلة حقيقية».

هل تكون «المكافأة» حل جمعية حماية واحات جمنة؟
أمام بيان وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية أكدت أنها ستقوم بتتبع الأطراف التي قامت ببيع صابة التمور فقد سلطنا الضوء على ما يقوله القانون في هذه الحالة ففي صورة تقدم المكلف العام بنزاعات الدولة بشكاية في حق الوزارة فإن المشتكى بهم يمكن أن يطبق عليهم الفصل 315 من المجلة الجزائية المتعلق بما يسمى تجاوز لأحكام القضاء والذي ينص على أنه «يتولى رئيس البلدية بالنسبة للمنطقة البلدية والوالي بالنسبة للمناطق الأخرى تعيين الأماكن المعدّة خصيصا لتعليق النصوص الصادرة عن السلطة العمومية ويحجّر أن تعلّق بها الإعلانات الخاصة ومعلّقات النصوص الصادرة عن السلطة العمومية تنفرد بالطبع على الكاغذ الأبيض وكلّ مخالفة لأحكام هذا الفصل يعاقب مرتكبها بخطية من عشرين إلى مائتي دينار وعند العود من أربعين إلى أربعمائة دينار» ولكن استفهام آخر يطرح حول الجمعية في حد ذاتها فهل تكون «المكافأة» حل الجمعية بطلب من كاتب عام الحكومة؟

في هذا السياق أفادنا مصدر قانوني بالقول « الملف سياسي بامتياز والقانون هنا كوسيلة للتفاوض ولكن هذا لا يمنع كاتب عام الحكومة من طلب حل الجمعية باعتبارها تصرفت على أنها مؤسسة عمومية طبقا لقانون الجمعيات».
من جهته علق عبد الوهاب الشويرف عن المسألة فقال «الجمعية لها خبير محاسب وكل شيء موثق لديها وقد تطوع 37 محاميا للدفاع في هذا الملف علما وانه قد تم تقديم شكاية ضد الدولة لتسديد التعويضات لأن الدولة مصرة على غلق باب الحوار ولا تريد إيجاد حل رغم أن الجمعية متمسكة بمطلب أبناء الجهة وهي مستعدة للتفاوض من اجل حل يرضي جميع الأطراف».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115